خلود الخميس - العرب القطرية

في سابقة هي الأولى من نوعها أعلن رئيس البرلمان التركي إسماعيل كهرمان بألفاظ صريحة ضرورة تضمن دستور تركيا الجديد قيم الإسلام لا القيم العلمانية.

والبطل، وهي الترجمة العربية لكلمة كهرمان، يستحق أن نرفع له «العقال» تحية، فرغم أن جميع خطابات رئيس تركيا رجب طيب أردوغان ورئيس وزرائها أحمد داود أوغلو لم تخل من إشارات وتلميحات دينية، إلا أن «كهرمان» وبشجاعة متناهية قال ما يؤمن به هو وحزبه، عبر كلمة له خلال مشاركته في مؤتمر «تركيا الجديدة والدستور الجديد»، أن يقوم دستور تركيا الجديد على أساس ديني خالٍ من العلمانية مرجعيته ثوابت الإسلام لا ثوابت أوروبا، وأنه لا يوجد تعريف للعلمانية، وكل يعرفها حسب رغبته الشخصية».

يقول البطل: «تركيا بلد مسلم ويخلو دستوره الحالي من لفظ الجلالة «الله» عز وجل، وفي العالم ليس هناك دساتير علمانية سوى في ثلاث دول: تركيا المسلمة وفرنسا وأيرلندا!
كهرمان وقف بهيبة الحق، وهو يكرر أمام المؤتمر «بعض الدول تضع في دستورها العبارات الدينية، ونحن دول مسلمة ومسجلون لدى منظمة التعاون الإسلامي، ونعد من أعضائها المؤسسين، كما أننا نوجد أيضًا في البنك الإسلامي للتنمية، لأجل ذلك ينبغي أن يكون الدستور الجديد متديناً».

منذ أن تسلم حزب العدالة والتنمية مقاليد السلطة في تركيا في العام 2002 وهو يتقدم بروية باتجاه إعادة تركيا إلى الإسلام الذي هو دين ما يزيد على %90 من الشعب. ورغم هذا فإنه لم يتحدث أحد عن أسلمة الدستور بصريح العبارة سوى كهرمان.

ولكن هذا لا يعني أن الحكومة التركية والبرلمان خلال أربعة عشر عاماً ماضية لم يسعيا إلى تغيير بعض القوانين وبروح إسلامية مثل تقنين مواعيد شرب الخمر كما تفعل أوروبا وعقوبة قيادة السيارات في حالة سكر. وهذا القانون كان سبباً رئيساً في المظاهرات المسماة بحديقة غيزي والتي خصصت لها قنوات عالمية مساحات قيل إنها مدفوعة الثمن من البث المباشر على شاشاتها بلغت تسع ساعات.

أيضاً عملت الحكومة والبرلمان على تغيير قانون السماح بالإجهاض ليكون قبل تشكيل الجنين توافقاً مع أحكام الشريعة الإسلامية، وإلغاء قانون منع المحجبات من الدراسة والعمل، وإعادة افتتاح مدارس الأئمة والخطباء، والتعليم الإلزامي للغة العربية والقرآن في المدارس النظامية في مراحل مبكرة، وكثير من الجهود التي لم تكن بالسهولة التي يظنها القارئ غير الملم بتاريخ تركيا السياسي وشراسة الدولة العلمانية والكيان الموازي وهي الدولة العميقة التي تتحكم وتحكم حتى جاء المحافظون وقلبوا المعادلة بصدقهم وصبرهم.

البطل «كهرمان» يضاف لأبطال حزب العدالة والتنمية، أولئك الذين حملوا على أكتافهم مهمة إعادة القيم والثوابت الإسلامية إلى تركيا، ونالهم ما نالهم وعائلاتهم من الأذى الكثير، فما وهنوا ولا يئسوا وزادهم ذلك إصراراً ودفاعاً عن إعادة حق المجتمع في ممارسة الإسلام واحترام خياراته.

ورغم شراسة الصراع بين التيار الإسلامي الواعد بتركيا حديثة بدستور إسلامي، والتيار العلماني المتمسك بالأتاتوركية والذي يرى أن التعدي على القيم الكمالية تعدٍّ على جمهورية تركيا ومكتسبات ما يزيد على ثمانين عاماً، إلا أن الأفق قد اقترب، وحان موعد النصر الكبير.

عن الكاتب

خلود عبد الله الخميس

كاتبة وروائية كويتية مختصة في الإعلام السياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس