مهميت جتين جوليتش - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس

استضافت تركيا أول قمة للأمم المتحدة للعمل الإنساني في الثالث والعشرين والرابع والعشرين من أيار/ مايو في مدينة إسطنبول. وكان نائب رئيس الوزراء السابق يالجين أكدوغان توقع في كانون الثاني/ يناير الماضي أن يحضر جميع قادة وحكومات العالم إلى تركيا، لكنهم لم يأتوا.

الأرقام الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة مثيرة للإعجاب، حيث تبين أن 9000 شخص من 171 دولة حضروا القمة، منهم ألف تركي إلى جانب 900 من ممثلي وسائل الإعلام. وكان عدد الدول الممثلة في القمة أكبر من عدد الدول التي حضرت قمة مجموعة العشرين التي عقدت في 15-16 تشرين الثاني/ نوفمبر في مدينة أنطاليا التركية.

لكن الثقل السياسي كان غائبا عن القمة بشكل ملحوظ، فبريطانيا وفرنسا والصين لم تكن ممثلة على الإطلاق،و أرسلت الولايات المتحدة وروسيا مندوبين على مستوى مدير عام الوزارة ونائب وزير، ولم يكن مفاجئا أن روسيا لم ترسل مبعوثا رفيع المستوى نظرا لبرودة العلاقات مع تركيا، لكن كثيرين كانوا يأملون في حضور الرئيس الأمريكي.

ترجع زينب جورجانلي من صحيفة ديلي يوزجو، مستوى التمثيل المنخفض للولايات المتحدة إلى "الأزمة الأخيرة بين أنقرة وواشنطن بشأن مساعدات السوريين". وقد أعلنت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في وقت سابق من هذا الشهر إيقاف المساعدات للسوريين في تركيا بسبب الفساد.

حضر القمة نحو 50 من رؤساء الدول والحكومات أو نوابهم، وكانت مشاركة أوروبا محدودة، فمعظم الدول الأوروبية التي حضرت القمة كانت من المتضررين من موجة اللاجئين السوريين. أما بقية المشاركين عموما فكانوا من أصدقاء الرئيس رجب طيب أردوغان، أو من قادة الدول التي تدعم تركيا سياسيا وماليا.

لماذا إذن كان الحضور أقل مما كان متوقعا؟

قال وزير الخارجية التركي السابق، شوكرو سينا جوريل، للمونيتور إن الحضور يعكس سياسة تركيا الخارجية، "فالمشاركة في هذا المؤتمر لم تطابق التوقعات نظرا للسياسة الخارجية في عهد أحمد داود أوغلو عندما كان وزيرا للخارجية". وقد استقال أوغلو هذا الشهر.

المونيتور سألت أيضا السفير السابق أونور أويمين، وهو الآن عضو بارز في حزب الشعب المعارض، لماذا لم تبد الدول الغنية اهتماما بالمؤتمر، فقال نحن نعلم لماذا لم يحضر بوتين، وربما كان الآخرون قلقين من الإرهاب. وفي الواقع لم تعتد جميع الدول المشاركة في هذه القمم، فحضورهم يعتمد على الموضوعات والنقاش.

وأضاف أويمين "عندما تذهب لحضور قمة للمساعدات الإنسانية، فإنه يكشف عن المساعدات الإنسانية التي قدمتها. وقد تقاعست أوروبا دائما عن أهداف المساعدات، وربما أثر هذا على قرارهم بعدم الحضور. ما الذي يمكن أن يقولوه في مثل هذه القمة؟ كيف يشرحون ترددهم في منح 1% من إجمالي ناتجهم المحلي كمساعدات؟ إن الدول الغنية لا تساعد بما فيه الكفاية، وهذا قد يبعدها. ومن ناحية أخرى فإن تركيا هي الدولة التي تمنح مساعدات خارجية بمستوى عال بالمقارنة مع الناتج الإجمالي المحلي".

وخلال القمة قال بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة إن 130 مليون شخص في العالم بحاجة إلى مساعدة كي يبقوا على قيد الحياة.

وقد أشار أردوغان، في كلمته في افتتاح المؤتمر إلى أن تركيا تستضيف أكثر من 3 مليون لاجئ سوري وعراقي، وقال" لن نغلق أبوابنا أبدا أمام اللاجئين سواء أكانوا سوريين أو عراقيين".  وقد لفت أردوغان إلى أن تركيا أنفقت بالفعل 10 مليارات دولار على اللاجئين السوريين، وتخطط لإرسال 6.4 مليار دولار هذا العام من المساعدات الإنسانية والإنمائية إلى أكثر من 140 دولة. ودعا أردوغان الدول المتقدمة إلى القيام بدورها.

لكن بعض الدول التي تحتاج إلى سماع ندائه لم تكن حاضرة.

في مؤتمر صحفي في ختام القمة انتقد أردوغان مجموعة الدول الصناعية السبع (الولايات المتحدة، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة) لعدم مشاركتها، وقال "إنه لأمر محزن عدم حضور قادة الدول الصناعية السبع باستثناء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وأشار إلى أن "تركيا اقترحت إنشاء مدينة جديدة في شمال سوريا، وأطلعت الدول الغنية على هذا الاقتراح. ولكن فيما يتعلق بأمن بمسألة أمن مثل هذه المشروعات، أضاف أردوغان قائلا سنعلن منطقة حظر طيران، وسنتخذ التدابير الأمنية، فنحن لا نخالف المنظمات الإرهابية".

وفي إشارة إلى الثلاثة ملايين يورو (3.3 مليار دولار) التي تعهد الاتحاد الأوربي بتقديمها للاجئين، قال أردوغان "نرى دعمهم الموعود لم يتحقق، ويقول زملائي إن مليار يورو سيصل قبل شهر يوليو. تركيا لا تطلب صدقة، فهذا الدعم للمقيمين في المخيمات".

اختتم أردوغان مؤتمره الصحفي محذرا من أنه ما لم يتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات قبل 30 يونيو لإلغاء تأشيرات الدخول بالنسبة للأتراك، فإن البرلمان لن يوافق على اتفاق إعادة القبول للاجئين. (أردوغان لم يذكر أن البرلمان قد وافق بالفعل إلى اتفاق مايو 3.)

وانسحبت منظمة أطباء بلا حدود من القمة في اللحظة الأخيرة، قائلا انها فقدت الأمل في أن الحدث سيعالج نقاط الضعف في المساعدات الإنسانية وأنشطة الإغاثة في حالات الكوارث. وكانت المنظمة على صواب، فالقمة التي عقدت على مدى يومين، لم تتخذ تدابير التي تضمن تقديم الدعم للكواورث الإنسانية التي يشهدها العالم، لأن قادة الدول التي يمكن أن تقدم مساهمة أكبر لهذا الحل لم تحضر القمة.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس