محمد جتين غوليتش - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس

خلال قمة سان بطرسبرغ التاريخية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في التاسع من أغسطس/ آب، عبر الزعيمان عن رغبتهما في زيادة حجم التبادل التجاري بينهما ليصل إلى 100 مليار دولار.

لكن إذا أخذنا في الحسبان أن أعلى مستوى لحجم التجارة بين البلدين كان 38 مليار دولار في عام 2008، فإن تحقيق الهدف الجديد لن يكون سهلا.

بمراجعة حجم التجارة بين البلدين على مدى الأعوام العشرين الماضية، نجد أنه في عام 1997 كان حجم التجارة 4.230 مليار. وحتى نهاية عام 2002 بلغ مستوى أعلى ليصل إلى 5 مليار، وفي عام 2003 وصل إلى 6.8 مليار، وفي عام 2004 وصل إلى 10.8 مليار، وفي عام 2005 بلغ 15.2 مليار، وفي 2006 بلغ 21 مليار، وفي عام 2007 بلغ 28.2 مليار. وبلغ حجم التجارة ذروته في عام 2008 حين وصل إلى 37.847 مليار.

وبسبب الأزمة الاقتصادية العالمية تراجع حجم التجارة إلى 22.6 مليار في عام 2009 ،ومنذ ذلك الحين لم يصل إلى المستوى الذي وصل إليه في عام 2008. وفي عام 2010 بلغ حجم التجارة 26.2  مليار ، وفي عام 2011 وصل إلى 29.9 مليار ، وفي عام 2012 وصل إلى 33.3 مليار.

وتكشف الأرقام أن تراجع حجم التجارة بين روسيا وتركيا بدأ قبل إسقاط المقاتلة الروسية في نوفمبر /تشرين الثاني عام 2015. وانخفض حجم التجارة إلى 32 مليار في عام 2013، وفي عام 2014 انخفض إلى31.2 مليار. وبسبب الأزمة الاقتصادية في روسيا، وفقد الروبل كثيرا من قيمته في عام 2015 هبط حجم التبادل التجاري إلى 23.2 مليار.

وفي أعقاب الأزمة التي اندلعت بين البلدين في نوفمبر 2015 بلغ حجم التجارة مستوى متدنيا في عام 2016 ، فخلال الاشهر الستة الأولى من العام انحدر إلى 8.5 مليار. والأسوأ من ذلك بالنسبة لتركيا أنه من بين 8.5 مليار دولار كان هناك 7.7 مليار دولار عبارة عن واردات من روسيا ومعظمها من الغاز الطبيعي.  وكانت صادرات تركيا لروسيا في تلك الفترة هزيلة فوصلت إلى 737 مليون دولار.

كانت الأشهر الستة الأولى من عام 2016 الأسوأ على الإطلاق من حيث أداء الصادرات التركية منذ عام 2004. والجانب الآخذ للنظر للتجارة مع روسيا أنه كان منذ البداية يميل إلى صالح روسيا، لأن روسيا تبيع لنا أكثر مما نبيع لهم، وبالطبع فإن اعتمادنا على الغاز الطبيعي الروسي هو عامل رئيس في هذا الخلل. وإذا كان حجم التجارة لم يتجاوز أبدا 100 مليار دولار، فإن هذا يمكن أن يعني أن تركيا ستبيع إلى روسيا أكثر من ذي قبل ، لانه من غير المرجح أن تزيد عقود الغاز في السنوات المقبلة.

تشمل قائمة الصادرات التركية الرئيسية إلى روسيا الفواكه والخضروات والأسماك والدجاج والمكسرات والسيارات والملابس الجاهزة، والجلود والفراء والسجاد والمنتجات الكيماوية والآلات والمنسوجات والحديد والصلب والمجوهرات وسخانات المياه والصابون والملح والتوابل والأسلاك والأسمنت والثلاجات والأثاث والتبغ.

وفي المقابل تشتري تركيا من روسيا الغاز الطبيعي والشعير والقمح والأرز والبضائع المعدنية والمنتجات النفطية.

لكن كيف يرتفع حجم التجارة؟ يفهم من الاتصالات بين الجانبين أن هناك تضافر للجهود لتعزيز التعاون في مجال الطاقة والمقاولات والصناعات الدفاعية والسياحة.

ويشير غضب تركيا من الغرب بسبب موقفه اللامبالي من محاولة الانقلاب الساقط إلى أن العلاقات مع روسيا يمكن أن تتطور أسرع وأكثر تنوعا. وكان من المهم جدا إنشاء مجلس الاستثمار المشترك بين روسيا وتركيا للاستثمارات المشتركة في دولة ثالثة، وتلوح في الأفق عملية إعادة الإعمار المحتملة في سوريا.

وتقول وزارة الاقتصاد التركية إن الشركات التركية لديها قرابة 10 مليار دولار من الاستثمارات في روسيا. من جانبها تركز روسيا على السياحة وفرص تخزين الغاز والنفط وإنتاجهما في تركيا. وتعد محطة أك كويو النووية أكبر الاستثمارات الروسية بقيمة 25 مليار دولار.

تعاقد متعهدون أتراك حتى الآن على مشاريع في روسيا بلغ مجموعها 64 مليار دولار في عام 2015 فقط، ومنح المتعاقدون الأتراك عقودا بقيمة 4.3 مليار دولار.

يشير استطلاع أجرته جمعية المصدرين الأتراك ل487 شركة إلى أن روسيا تاتي في المرتبة الثانية في الوقت الحالي في الأسواق المستهدفة من قبل الشركات التركية لخوض عمليات التصدير. لم تكن روسيا في السابق من بين الدول الخمسة الأولى المستهدفة لتكون سوقا تركيا، فقد كانت الأولوية دائما للصادرات التركية للولايات المتحدة.

يشعر تونجاي أوزيلهان رئيس مجلس الأعمال التركي الروسي بالتفاؤل بشأن الوصول إلى هدف 100 مليار دولار، وقال" اتُخذت القرارات الرئيسية . هناك لجان وزارية جديدة. يمكننا الوصول إلى هدف 100 مليار دولار في عام 2019 أو 2020 . عندما تبدأ المشروعات الضخمة، فإن الوصول إلى هذا المستوى لن يكون حلما.

وأشار أوزيلهان إلى أهمية إقامة صندوق الاستثمارات التركية الروسية، وقال إن المشروعات الرئيسية في مجالات الطاقة والصناعات الدفاعية سيدعمها هذا الصندوق.

يمكن لحجم التجارة التركية الروسية أن يأخذ منحى تصاعديا في السنوات المقبلة. لكن يجب علينا أن نراقب ما إذا كانت علاقات تركيا المتنامية والمزدهرة مع روسيا في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية لها آثار سلبية على علاقتنا مع الغرب. لا يمكننا أن ننسى أن الدول الأوربية هي أكبر شركاء تركيا في التجارة والاستثمار. 

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس