بكر هازار -صحيفة تقويم- ترجمة وتحرير ترك برس

مسؤول في وكالة المخابرات المركزية "شوير"  يقول خلال لقائه مع قناة أمريكية: "نشر الفوضى في منطقة ما أفضل بكثير من إرسال جنود إليها، إن أكبر أمل لنا هو خلق صراع بين السنة والشيعة، انتظرنا الشيء الكثير من داعش خلال عام 2015، ولكن لم نحصل حتى الآن على النتائج المرجوّة".

ويتابع في السياق نفسه مزهوا: "إن أوباما، ورئيس وزراء بريطانيا سيعجبون بفكرة "إن أكبر أمل لنا هو خلق صراع بين السنة والشيعة، سيتحمسون لفكرة سفك الدماء بين الطرفين".

نفهم من هذا أنهم أخذوا المقترح وعرضوه على قائدي بريطانيا وأمريكا، حتى فهموا أنهما تحمسا وأعجبا بهذه الفكرة. إنها العقلية الإنجليزية، إذ يقوم شوير في 2015 بالإعلان عن هذا المشروع الخيالي. ويكشف عن مصادر هذا المشروع الذي سينال الإعجاب، ويعرضه أمام العالم بأسره من دون الشعور بالحاجة إلى إخفائها.

حاولوا فعل ما بوسعهم لجرنا إلى مستنقع الحرب السورية، ونشروا في العالم إشاعة مفادها أن تركيا تدعم تنظيم داعش، ومن خلال استخدام الإرهابيين التابعين لتنظيم الكيان الموازي أوقفوا شاحنات تابعة للاستخبارات التركية، ونشروا عبر صحيفتين إحداهما تابعة للكيان الموازي وأخرى يسارية إشاعات على أن تلك الشاحنات هي شاحنات أسلحة تذهب لدعم تنظيم داعش، وأشاروا حينها كمصادر إلى الصحيفتين اللتين أوردا خبر الشاحنات على أنها شاحنات أسلحة لدعم داعش، وقالوا: "هذا هو الدليل على مساعدة تركيا لتنظيم داعش".

عملوا على تصوير تركيا وكأنها تقف جنبا إلى جنب مع تنظيم داعش، وبعد ذلك قاموا بتوجيه التنظيمات الإرهابية التي يديرونها إلى تركيا للقيام بعمليات تفجيرية فيها، وقتلوا مواطنينا، ولو أننا لم ندخل إلى سوريا، لكان هؤلاء الذين رسموا اللعبة أدخلوا مستنقع الحرب السورية إلى تركيا.

إن أنقرة علمت بالفخوخ التي نصبت لها من خلال التنظيمات الإرهابية، بعد ذلك دخلت تركيا بطائراتها ومدافعها إلى سوريا، وقالت سأقطع الحبل السري بنفسي، فأولئك الذين اتهمونا بالتعامل مع داعش الآن هم قاموا بالتراجع.

اللعبة كانت كبيرة، وأنقرة قامت بحملتها بشكل سريع، والآن على الرغم من المحاولات والاستفزازات  كلها بالتعاون مع روسيا تعمل على ضرب داعش في مدينة الباب السورية.

ينظر من قبل الغرب إلى وقوف تركيا -الحليفة مع الناتو- جنبا إلى جنب مع روسيا، وكأنه علامة من علامات القيامة، الأمر الذي لا تحبذه وربما يصل به إلى الجنون.

تحدث محاولة انقلاب 15 تموز / يوليو في تركيا، حلف الناتو لم ينبس ببنت شفة، وإنما عمل على حماية قادة وجنرالات تنظيم الكيان الموازي، وتقبل طلبات لجوء التابعين والمنتسبين للكيان الموازي، والحلف ذاته في هجمات إسطنبول الأخيرة "رينا" نكّس أعلامه حدادا، وهنا يتبادر إلى الأذهان سؤال مفاده: لماذا لم تنكّس تلك الأعلام حدادا على أرواح شهداء 15 تموز / يوليو؟ الجواب: عندما تكون أنت الجهة الراعية والمنظمة للانقلاب من الطبيعي ألا تنكّس الأعلام حدادا على أرواح شهداء الانقلاب، وليس هذا فقط وإنما تذرف الدموع على الإرهابيين التابعين للكيان الموازي أيضا، إن هؤلاء يفضحون أنفسهم بهذا القدر من الانكشاف.

إن حلف الناتو الذي تشكّل لمواجهة المخاطر التي قد تنشأ من الاتحاد السوفيتي أقسمت على حماية أي عضو في الحلف. تركيا تتعرض لهجمات إرهابية من قبل "بي كي كي والكيان الموازي وداعش وحزب الاتحاد الديمقراطي، وحلف الشمال الأطلسي الذي يتواجد معظم أعضائه في سوريا يكتفي بالمشاهدة.

إن الدولة التي تساعد تركيا -العضو في حلف الشمال الأطلسي- ضد الإرهاب هي روسيا، ذات يوم أنجيلا ميركل أقامت الدنيا ولم تقعدها عندما قالت: "إن تركيا عضو في حلف الشمال الأطلسي، فلماذا لا تدخل إلى سوريا؟ وهنا أريد أن أسأل سؤالا لميركل: من أنتم؟ هل أنتم "فزاعة حلف الناتو؟ أليس من المفترض عندما يُعتدى على أحد الاعضاء أن يتحرك الناتو من أجل المعتدى عليه؟ إن ثاني أكبر عضو في الناتو تتعرض لهجمات آتية من الجانب السوري والجميع يشاهد".

شاهد حلف الشمال الأطلسي التفجيرات الإرهابية في "بشيكتاش، وقيصري، وغيرهما من التفجيرات عبر شاشات التلفاز، ولم يبدِ أي ردود فعلية على أرض الواقع، بينما الحلف ذاته نكّس أعلامه عقب تفجير "رينا". قناة "سي إن إن" وقنوات أوروبية عدّة بثت لأربعين دقيقة متواصلة عن التفجير الإرهابي في نادي ريينا، ولم تصفه بالعمل الإرهابي، وإنما بالهجوم.

تلك القنوات لم تتحدث عن داعش، وإنما أذاعت الخبر على أن الهجوم  يستهدف نمط الحياة في تركيا، وعلى ما يبدو أن شوير الذي قال: "لم نصل إلى النتائج المرجوّة من داعش خلال عام 2015  مسرور جدا في هذه الآونة الأخيرة، لأنه لم ينبس ببنت شفة.

باتريك جوكبورن يكتب لصحيفة "إيندبيندنت": "عادة ما تواجه الدول التي تتخذ خطوات مختلفة ومتباينة إرهابا واحدا، إلا أن تركيا تواجه إرهابا متعدد الأشكال في آن معا، وهذا أمر لا يتكرر عبر التاريخ كثيرا". بهذا التصريح يخبرنا الكاتب البريطاني أن الدول التي تتخذ خطوات متباينة ستواجه الإرهاب لا محالة.

أيا كانت الأقاويل هناك مساع لتشكيل ناتو جديد، وخلال هذه المرحلة هناك أطراف ستخرج من الحلف، وأطراف أخرى ستضاف إليه، ولن أستغرب إن رأيت روسيا أيضا عضوا في الحلف الجديد. 

إن التحالفات السوداء ستزول لا محالة، ولكن علينا نحن ألا ننساق إلى التحريضات.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس