ترك برس

رأى الكاتب والمحلل السياسي التركي إسماعيل ياشا، أن الهجوم الإعلامي الأخير على دولة قطر وأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يخدم إيران بالمجّان، ويحرف البوصلة من إبعاد طهران عن التدخل في شؤون الدول العربية إلى محاربة قطر الشقيقة واستهدافها.

جاء ذلك في تحليل نشره موقع "أخبار تركيا"، حول الهُجوم الإعلامي الذي استهدف دولة قطر من خلال نشر تصريحات "كاذبة" منسوبة لأميرِها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بعد فترة وجيزة من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض.

وقال ياشا إن وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية التي قامت بنشر التصريحات المفبركة على أوسع نطاق، زعمت أن أمير قطر قال: "لا حكمة في عداء إيران فهي قوة إسلامية". وبناء على تلك التصريحات التي تم نفيها، اتهمت قطر بــ"الهرولة نحو أحضان إيران".

وأضاف: "لنترك ما يقوله المسؤولون القطريون حول اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية، ونفترض أن التصريحات صحيحة.. هل هي تبرر هذا الهجوم الإعلامي الكبير على قطر وأميرها؟".

المسؤولون الإماراتيون والسعوديون سبق أن أطلقوا بالأمس القريب تصريحات حول إيران مشابهة لتلك التصريحات المفبركة، بحسب الكاتب التركي الذي أشار إلى دعوة رئيس الحكومة الإماراتية وحاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، في يناير / كانون الثاني عام 2014، إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران، وإعرابه في مقابلة مع "بي بي سي" عن اعتقاده بأن طهران صادقة فيما تقوله عن الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي.

وأوضح ياشا أن تصريحات محمد بن راشد آل مكتوم حول رفع العقوبات المفروضة على إيران لم تأت من فراغ، بل تعكس عمق العلاقات التجارية بين إيران والإمارات. لأن الإمارات تستحوذ على 80% من التبادلات التجارية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، فيما تعد طهران رابع شريك تجاري للإمارات.

ومصدر معظم هذا التبادل هو دبي، يضيف ياشا، ويقطن في الإمارات ما يقارب 500 ألف مواطن إيراني أي ما يعادل أكثر من نصف المواطنين، فيما يعيش نحو 400 ألف إيراني في إمارة دبي التي توجد فيها 8000 شركة إيرانية مسجلة رسميا.

ولفت الكاتب إلى أن "وزير الاقتصاد الإماراتي، سلطان بن سعيد المنصوري، قال في يونيو / حزيران 2015 إن حجم التبادل التجاري مع إيران ارتفع إلى 17 مليار دولار في 2014، مشيرا إلى أنه سجل في 2011 مستوى قياسيا قبل بدء العقوبات الأخيرة، وبلغ 23 مليار دولار. ومن المتوقع أن يرتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من جديد بعد رفع العقوبات المفروضة على إيران".

ووفقًا للكاتب، فإن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، قال في مؤتمر صحفي بعد ختام القمة الخليجية الــ 36 التي عقدت في ديسمبر / كانون الأول 2015 في العاصمة السعودية الرياض، ردا على سؤال أحد الصحفيين حول العلاقات السعودية الإيرانية: "نحن كما ذكرت في الماضي نتطلع إلى أفضل العلاقات مع إيران. إيران دولة إسلامية. إيران دولة مجاورة. نحترم حضارتها. نحترم تاريخ إيران."

وفي مايو/أيار 2016، أكد الجبير، في تصريح مفاجئ، بعد قصف الحوثيين الأراضي السعودية بعشرات الصواريخ البالستية، أن "الحوثيين هم جيران للسعودية" و"جزء من النسيج الاجتماعي اليمني".

السفير السعودي السابق لدى لبنان، علي عواض عسيري، قال في نيسان / أبريل 2013 إن "أبواب المملكة وقلوبُها مفتوحة أمام حزب الله"، مضيفا أن "ما يربط السعودية بحزب الله هو شعور الأخوة وحب لبنان"، ومؤكدا أن "السعودية وحزب الله على تواصل مستمر بأشكال مختلفة"، وأن "الحوار الصادق والمخلص مع حزب الله كفيل بمعالجة كل الخلافات أو على الأقل بوضعها في إطارها الصحيح".

وتابع ياشا: ما زلت أتذكر مشاهد استقبال الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، المحسوب على التيار المتشدد في إيران، في مكة المكرمة حين دعاه العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز للمشاركة في القمة الاستثنائية الإسلامية التي عقدت في أواخر أيام شهر رمضان المبارك عام 2012.

وكان استقبالا مليئا بالحفاوة والمحبة، على الرغم من دعم طهران لأحداث البحرين التي بدأت في فبراير / شباط 2011. واعتبر هذا الاستقبال حينذاك "حكمة بالغة" و"حنكة سياسية".

واعتبر أن الهجوم الإعلامي الممنهج على قطر وأميرها لا علاقة له بتصريحات زعموا أن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أطلقها، بل له أسباب أخرى لا تخفى على المراقبين، كوقوف الدوحة إلى جانب القضية الفلسطينية، ومطالب الشعوب خلال ثورات الربيع العربي.

كما أن هذا الهجوم الذي يستمر منذ أيام هو في حد ذاته خدمة مجانية لإيران، وحرف البوصلة من إبعاد طهران عن التدخل في شؤون الدول العربية إلى محاربة قطر الشقيقة واستهدافها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!