معاذ السراج - خاص ترك برس

كثر الجدل والتحليل السياسي حول إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس الأربعاء إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في 24 يونيو/ حزيران المقبل، وفيما رأى البعض أنه كان قرارا مفاجئا رآه آخرون على العكس، وبصرف النظر عن المسوغات القانونية التي يبدو أنها لم تكن مثار جدل يذكر، فإن هذه الخطوة "الصادمة" لا تعدو أن تكون صفحة من صفحات صراع سياسي محتدم، على صعيديه الداخلي والخارجي على حد سواء.

في المنطق السياسي وبعيدا عن اللغة الدبلوماسية، لا يمكن تفسير هذا التبكير "الشديد" للانتخابات إلا أنه ضربة استباقية في صراع المواجهة بين السيد أردوغان وخصومه السياسيين، إذ ليس هناك أفضل من أن تحدد بنفسك الزمان والساحة والكيفية التي ستواجه بها خصومك إذا ما أردت النجاح. ومن هنا فإن من المؤكد أن عامل الزمن والتحالفات والمعطيات الراهنة ستلعب دورا مهما إلى جانب صاحب القرار كما يرى العديد من المحللين.

في الجانب الآخر، لم يخف المعارضون دهشتهم من هذا الإجراء المفاجئ، ورأوا  خروجا على التقاليد السياسية، خاصة وأن السيد أردوغان أدان سابقا دعوات الانتخابات المبكرة عندما كان رئيسا للحكومة، لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون أن يظهروا بموقف الضعيف والمستسلم لخيارات خصمه، ولهذا فهم مستعدون لخوض الانتخابات أيا كانت الظروف. لكن هناك أيضا من يفترض أن حيوية الموقف السياسي وديناميكيته، من الطبيعي أن تضعك أمام العديد من الاحتمالات والمفاجآت، وأن انتظار التواريخ والآجال المضروبة لسنوات إلى الأمام ليس إلا نوعا من الغفلة والنوم على المجهول، خاصة في ضوء التقلبات السريعة للمواقف والسياسات التي تجري في المحيط التركي وفي سوريا تحديدا.

ومهما يكن من أمر فإن "المثالية السياسية" على الرغم من نبرتها الرنانة، وسمعتها "المغرية"، لكن الركون إليها أثناء الصراعات والتحولات االتاريخية لا يرى فيه أصحاب الرأي والخبرة سوى "سذاجة سياسية"، وشركا يسهل الوقوع في حباله،  ولا تحمد عواقبه. وعندما تخسر معركتك وتخرج منها خاوي الوفاض، لن يجدي عندئذ لا مديح ولا ثناء، ولا عذل ولا عتاب. ورحم الله من قال: "لست بالخب، ولا الخب يخدعني".

عن الكاتب

معاذ السراج

كاتب وباحث سوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس