أمين بازارجي – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

ذكّر رئيس الجمهورية اردوغان بدعوته إلى الأرمن خلال زيارته لكولومبيا، مشيرا إلى أنّ "يدنا بقيت في الهواء"، وهكذا هي أرمينيا دوما، فمنذ أنْ حصلت على استقلالها، تقوم تركيا بين الحين والآخر بمد يدها لها، إلا أنها تخلق الذرائع من أجل التهرب، وتبقى يدنا في الهواء معلقة.

حدث ذلك حتى في أحسن المراحل التي عاشتها العلاقات بين تركيا وأرمينيا خلال عهد بيتروسيان، فحتى في ذلك العهد كانت أرمينيا تتقدم خطوة للأمام ثم تتراجع خطوتين، بيتروسيان زار أوزال، والتقطوا مع بعضهم أجمل الصور، وعندما عاد لبلاده استمر في سياسته السابقة.

بعد زلزال أرمينيا الكبير الذي حدث عام 1988، والذي أسفر عن مقتل 25 ألف شخص، قامت تركيا بتقديم كل ما تملك من مساعدات، وفتحت ممرا جويا لإغاثة أرمينيا وأهلها.

قامت تركيا بقبول أرمينيا أيضا ضمن منظمة التعاون الاقتصادي لدول البحر الأسود، برغم عدم تواجد شواطئ لها على البحر الأسود، من أجل أنْ تقدم تركيا إثباتا لحسن نواياها، ولم تكتف تركيا بذلك، بل قام رئيس الجمهورية السابق عبد الله غل بزيارة إريفان، ليشاهد مباراة لكرة القدم هناك من أجل دفن الحقد والكراهية إلى الأبد، إلا أنّ كل ذلك لم ينفع، لم ينفع ولن ينفع، والتجارب الماضية تثبت ذلك.

* * *

العامل الأساسي الذي يعيق تحسن العلاقات التركية الأرمينية هي روسيا، فالتفكير بصورة مجردة والنظر بصورة مباشرة على علاقات أنقرة-إريفان أمر خاطئ للغاية، لأنه لا يوجد دولة حقيقية للأرمن في بلاد القوقاز، وإنما يوجد هيكل بحدود محمي بصورة كاملة من قبل روسيا، فأرمينيا اليوم هي منطقة تخضع للسيطرة الروسية الكاملة.

اعتاد رؤساء دولة أرمينيا على أنْ تكون زيارتهم الخارجية الأولى إلى موسكو، وما يطلبه منهم الروس ينفذوه بالحرف، فروسيا لا تريد وضعا ثابتا في القوقاز.

روسيا لا تسعى إلى فقد سيطرتها على حارس مصالحها في القوقاز وهي أرمينيا، وذلك لأن الدول الأخرى مثل جورجيا تخضع للسيطرة الغربية، لذلك تسعى روسيا في كل فرصة إلى إعاقة أي تقارب ممكن بين الغرب وأرمينيا.

لهذا فإنّ أكبر عائق يحيل بين تقارب العلاقات التركية الأرمينية يتمثل بروسيا.

* * *

تتعرض أرمينيا لضرر بالغ بسبب موقفها المعادي لتركيا، فمنذ 25 سنة لم تستطع تحريك مسمارا من مكانه، لأن الأوضاع الاقتصادية داخل أرمينيا يرثى لها، ولأن المجتمع الأرميني منغلق على نفسه فلا يدري ولا يعلم عن التطورات والقفزات الاقتصادية التي تحدث في الخارج.

 أما الذين يدركون حجم معاناتهم فيهرعون إلى الهرب من أرمينيا لينقذوا أنفسهم، فحسب إحصائيات عام 2000 كان في أرمينيا 3 ملايين نسمة، بينما اليوم تشير التوقعات إلى أنّ عدد السكان انخفض ووصل إلى مليون و200 ألف نسمة فقط، وهؤلاء يعيشون على خط الفقر.

اليوم يوجد 600 ألف أرميني يعملون في روسيا، و200 ألف يعملون في تركيا، وظروف عملهم هناك صعبة، ونحن نرى في تركيا القطاعات التي تستقطب الشباب الأرمن ونعرف ظروف عملهم المأساوية.

* * *

ما زالوا يصرون على رد أيادينا الممتدة لهم، برغم أنّ الخاسر الأكبر هم أنفسهم وليس غيرهم، فاليوم أذربيجان اقتربت من الوصول لمستوى اقتصاد الدول الأوروبية، وجورجيا تتطور يوما بعد يوم.

بينما أرمينيا وضعها مأساوي ورديء، أذربيجان تحتل جزءا من أراضيها، فيما تطلب أرمينيا جزءا من أراضي جورجيا، ولا توجد لها علاقات في المنطقة سوى مع إيران.

روسيا دائما ما كانت تقف عائقا أمام أرمينيا، فهي لا تريد لها أنْ تندمج بالعالم، لهذا قاموا بتجريدها من كل مصادر الطاقة الخاصة بها، لتبقى أرمينيا في وضع مأساوي ورديء.

ما زال الغرب ينظر إلى المسألة على أنها "صراع الصليب والهلال"، ليدير ظهره للأوضاع في أرمينيا، فالدول الغربية المليء تاريخها بالمجازر والإبادة الجماعية، تسعى إلى استخدام الأرمن لاتهام الدولة العثمانية الإسلامية بارتكاب "مجازر إبادة جماعية".

يا للأسف، لكون الأرمن يكافحون من أجل العيش في أرمينيا!

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس