ترك برس

كانت مكنسة "غيرغير" (Gırgır) الكهربائية اليدوية منتجا لا يُستغنى عنه في المنازل التركية، التي دخلتها تحت شعار "Gırgır giren eve dırdır girmez"، أي: "لا تذمر بمجرد دخول مكنسة غيرغير"، وبالرغم من وفاة مخترعها تاج الدين هيتشيلماز، إلا ان شعارها لا يزال محفورا في ذاكرة الأتراك.

كانت مكنسة "غيرغير" الكهربائية اليدوية أسطورة في فترة الستينيات والسبعينيات، حيث حصلت على براءة اختراع ودخلت إلى كل منزل تقريبا. كان مخترعها تاج الدين هيتشيلماز يعمل معلما، لكنه ترك مهنة التدريس واشترى مثقبًا بمدخراته وبدأ العمل بورشته الصغيرة على إنتاج مكنسة غيرغير، وكان ينتج 50 قطعة في الأسبوع، ثم زاد إنتاجه إلى 50 قطعة في اليوم، ثم 100 قطعة في اليوم، وهكذا تطور عمله يوما بعد يوم بإنتاج آلات كهربائية أخرى.

ومنذ ذلك الحين، لم تعد تستغني عنها جميع المنازل التركية بعد انتشار شعارها "لا تذمر بمجرد دخول غيرغير"، مذن أن بدأ هيتشيلماز بإنتاجها في ورشته الصغيرة بالطابق الأرضي لمنزل والده. كانت بداياته بإجراء بعض التجارب والاختبارات على النموذج الأولي للمكنسة، ثم أصبح لمكنسته شعار شهر، وبمرور الوقت دخل اسم غيرغير في قواميس اللغة.

كانت تباع في اليوم الواحد 100 مكنسة يدوية من طراز "غيرغير"، وتم تطوير نماذج جديدة منها خلال 10 أعوام، ليصل عدد ما يباع منها يوميا إلى 500 مكنسة، فغدت غيرغير علامة تجارية مهمة يتم تصدير منتجاتها إلى 14 دولة، من ضمنها إنجلترا والدول العربية وليبيا واليونان.

وفي تصريح له عام 2002، قال هيتشيلماز: "لقد عملت بمفردي حتى عام 1983، ثم قررت عند صدور قرار الشركات المساهمة أن أؤسس شركة عائلية من خمسة أشخاص هم زوجتي وأبنائي الثلاثة، وكان لدينا حجم أعمال كبير يكفي لنكون أصحاب سجل ضريبي. أنا لست أغنى رجل في إزمير، لكنني أدفع ضرائب كأنني الأغنى، ففي العام الذي سجلت فيه بالسجل الضريبي لم اكن أمتلك نقودًا لدفع ضرائبي، إلا أن البنوك كانت تمنحني الكثير من القروض، وهذه طبيعة رجل الصناعة فكل ما يكسبه يستثمره في الآلات".

أضاف هيتشيلماز: "كان سجلّي الضريبي الأول في إزمير بمبلغ 11 مليون ليرة في عام 1978، والثالث على مستوى تركيا، وفي العام الذي يليه سجلت 40 مليون ليرة من الضرائب، وقدمت في العام الذي يليه ثلاثة أضعاف هذا المبلغ، لقد قمت بعمل جيد. كمواطن تركي، أصبحت صاحب سجل ضريبي بعد استقالتي من التدريس، وكنت الشخص الذي يدفع 60 مليون ليرة كضريبة، وحصلت على المرتبة الأولى في تركيا".

يروي هيتشيلماز، موقفا حصل معه، بحضور أستاذ في كلية الهندسة لشراء مكنسة غيرغير لزوجته، لم تكن توجد أي مكنسة جاهزة، فقال لي إن زوجته لن تكون سعيدة بعودته إلى المنزل بلا مكنسة. طلب منه هيتشيلماز الانتظار وقام بتجهيز مكنسة له لعدم رغبته بإرساله خالي الوفاض، وفي أثناء الانتظار، قال له الأستاذ: "أنت ذكي جدا وتحترم وظيفتك، من المستحيل ألا نُقدّر رجلًا ترك التدريس وعمل بالصناعة، إلا أنّك ارتكبت خطأً"، فتساءل هيتشيلماز عن خطئه، فأجابه الرجل: "أنت تنتج قطعا قوية وصلبة بحيث لا نشتري منك مرة أخرى!".

وتابع هيتشيلماز قائلا: "لم أشتكي من أن قطعي قوية، فعدد سكان تركيا كبير جدا، وقد بعت ملايين القطع في ذلك الوقت ولا أزال ابيع المزيد، ونحن نجدد باستمرار منتجنا ونطوره. يأتي كبار السن ويشترون مكنسة جديدة لاعتيادهم عليها، وأعتقد أن كل منزل في تركيا يضم مكنسة غيرغير، لأنها عملية وسهلة الاستخدام. في تلك الفترة، انتشرت مكنسة "Simtel" الكهربائية، إلا أنها باهظة الثمن، لذلك فضل الجميع غيرغير، وكنا نبيع الواحدة منها بـ12ليرة في ذلك الوقت، وبالرغم من ذلك اشتريت منزلا جميلا بمبلغ 300 ألف ليرة وبمساحة 215 مترا مربعا على البحر في غوزاليالي".

ما من شك في أن وراء النجاح الذي حققته علامة غيرغير التجارية، جهود مبذولة وأخلاقيات عمل، وبالرغم من أن مخترع غيرغير، تاج الدين هيتشيلماز، توفي في عام 2013، إلا أن غيرغير لا تزال تعيش في الذاكرة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!