زاهد صوفي - ترك برس

استضافت زعيمة حزب "إيي" المعارضة ميرال أقشنر أمس الأحد، في مقر حزبها بالعاصمة أنقرة، الاجتماع الخامس لزعماء أحزاب الطاولة المستديرة التي يشترك فيها إلى جانب أقشنر، زعماء أحزاب الشعب الجمهوري كمال قليجدار أوغلو والمستقبل أحمد داود أوغلو والسعادة تمل قرة ملا أوغلو والديمقراطي غولتكين أويصال والديمقراطية والنهضة علي باباجان.

ومن الواضح للجميع قبل كل شيء أن الهدف الأسمى الذي يسعى إليه الأحزاب المذكورة، هو الإطاحة بالرئيس الحالي للجمهورية التركية رجب طيب أردوغان والانتقال إلى ما يسمونه بالنظام البرلماني المُعزّز أو المُحسّن.

لغز المرشح

اجتماعات أحزاب المعارضة تتمحور حول كيفية الفوز على الرئيس الحالي في الانتخابات الرئاسية المقبلة المزمع في حزيران/ يونيو عام 2023، لكن المعضلة التي يصعب على زعماء المعارضة حلها في الطاولة المستديرة هي "هل سنواجه أردوغان بمرشح مشترك ومن سيكون هذا المغوار، أم بعدة مرشحين في الجولة الأولى ومن ثم نلتف حول مرشح واحد إن بقي الحسم للجولة الثانية".

زعماء المعارضة انشغلوا طيلة الجولات السابقة في تحديد مواصفات المرشح أو المرشين، ولم يقدّم أحدهم حلولا للمشاكل التي تعصف بالبلاد من الاقتصاد إلى السياسة الخارجية.

الملاحظ في البيان الختامي للاجتماع الأخير، أن زعماء المعارضة أوشكوا على أن يتفقوا فيما بينهم بأن مواجهة أردوغان بمرشح مشترك سيوفر لهم فرصة الفوز في الرئاسيات المقبلة.

لكن قبيل الاجتماع الأخير بيوم واحد فقط، خرج زعيم حزب الديمقراطية والنهضة علي باباجان ليدلي بتصريح ربما سيفسد على قليجدار أوغلو مساعيه الرامية لأن يكون المرشح المشترك للطاولة المستديرة.

وقال باباجان في تصريح للصحفيين أدلى به عقب لقاء مع أنصاره في مدينة غبزة القريبة من إسطنبول، إنه يرى مرشحين للرئاسة لديهم الكفاءة والميزات الكافية، وأنه ليس من الضروري أن يكون المرشح المشترك من بين زعماء أحزاب الطاولة السداسية.

علي باباجان أردف للصحفيين قائلا: "بالتأكيد هدفنا هو خوض الانتخابات بمرشح مشترك، لكن يجب أن يكون هذا المرشح قادرا على حسم الاستحقاق الانتخابي في الجولة الأولى بفارق كبير"، ويبدو من كلام باباجان، أنه غير راضٍ لجعل قليجدار أوغلو مرشحا مشتركا في مواجهة أردوغان لأن جميع شركات استطلاعات الرأي الحيادية والمقربة من أردوغان والمناهضة له، تشير إلى أن قليجدار أوغلو هو المنافس الأضعف لأردوغان، سيما ان استطلاعات الرأي توضح بما لا يدع مجالا للشك، أن رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يتفوقان على زعيم حزبهم قليجدار أوغلو.

ولا ننسى أن باباجان نفسه صرح قبل نحو شهرين من الأن، بأنه سيكون مرشح حزبه للرئاسيات المقبلة في حال عدم التوصل إلى تفاهم حول مرشح مشترك قادر على حسم الاستحقاق الانتخابي من الجولة الأولى.

هل يتلقى قليجدار أوغلو طعنة من الداخل؟

خطط قليجدار أوغلو للترشح إلى الرئاسيات المقبلة لا يعترضها باباجان فقط، بل إن رئيس بلدية إسطنبول الطموح أكرم إمام أوغلو، لا يزال يتصرف ويدلي بتصريحات سياسية وكأنه يبعث برسائل مبطنة مفادها "إنني هنا وأنا من حصل على أكبر نسبة من الأصوات في تاريخ بلدية إسطنبول فلا تنسوني واحسبوا لي حسابا".

ومن اللافت في الآونة الأخيرة أن كمال قليجدار أوغلو لم يعد يتطرق في خطابات مؤخرا لإجراءات وفعاليات إمام أوغلو في بلدية إسطنبول، سيما أنه صرح مسبقا أنه لا يرغب في تقديم رؤساء البلديات كمرشحين لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المقبلة.

العراقيل التي تواجه قليجدار أوغلو والطاولة السداسية المستديرة لا تنتهي، فهناك معضلة حزب الشعوب الديمقراطي الذي تتكون قاعدته الشعبية من الغالبية الكردية.

هذا الحزب بطبيعته وصلته بتنظيم "بي كي كي" الإرهابي"، يعتبر منبوذا من الجميع، ويتهم تحالف الشعب المكون من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، المعارضة بأنها تتواصل مع هذا الحزب وتودد إليه بغية الاستفادة من أصواته التي تصل إلى 12 بالمئة.

حزب الشعوب الديمقراطي يضغط على الطاولة السداسية ويقول علنا "عليكم أن تحسبوا حسابنا وتصرحوا علنا بأننا شركاء في الطاولة إلا فلن ندعم مرشحكم في الاستحقاق الانتخابي المقبل، فناخبونا ليسوا جنودا لدى أحد".

الزعيم السابق لهذا الحزب صلاح الدين دميرطاش المسجون في ولاية أدرنة بتهمة منذ 4 أعوام بتهمة الإرهاب والتسبب في مقتل 52 مواطنا، يبعث بين الحين والآخر برسائل مفادها أن على المعارضة التواصل مع حزب الشعوب الديمقراطي والاتفاق معه على مرشح يلبي تطلعات هذا الحزب.

لكن مشاركة حزب الشعوب الديمقراطي في الطاولة المستديرة تصطدم بحائط قومي ألا وهو حزب "إيي" المولود من خاصرة حزب الحركة القومية، فزعيمة هذا الحزب ميرال أقشنر أكدت مرارا أنها لن تقبل أي تفاوض أو تواصل مع الشعوب الديمقراطي ما لم تعلن قيادة هذا الحزب قطع صلتها بتنظيم "بي كي كي" والاعتراف بأن هذا التنظيم "تنظيم إرهابي".

وكذلك فإن حزب الشعوب الديمقراطي لا يرى في كمال قليجدار أوغلو المرشح الأمثل للفوز على أردوغان في الرئاسيات المقبلة، سيما أن دميرطاش أكد في إحدى تغريداته على تويتر بأنه يرى في أكرم إمام أوغلو المرشح الأفضل الذي يمكن أن يظفر بأصوات جميع شرائح ومكونات تركيا.      

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس