تي آر تي العربية

في تعليقه على المستجدات الأخيرة في المناطق الحدودية السورية مع تركيا، أفاد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو بأن بلاده "على أهبة الاستعداد للاحتمالات كافة، في حال طال أي انتهاك الحدود الجنوبية مع سورية والعراق".

وأوضح أوغلو في كلمته خلال إفطار مع ممثلي الأقليات الدينية ومنظمات المجتمع المدني في مدينة إسطنبول أمس الأحد، أن "تركيا اتخذت التدابير اللازمة كافة لمنع المساس بالاستقرار الذي تنعم به البلاد".

وأضاف رئيس الوزراء التركي أن "بلاده فتحت أبوابها للاجئيين، من دون سؤالهم عن مذهبهم ودينهم وعرقهم، وستواصل اتباع السياسة نفسها في هذا الشأن".

ولفت داود أوغلو إلى أن القوات المسلحة متأهبة للحفاظ على أمن وسلامة الشعب، مضيفاً أنه "ليس هناك داعٍ للقلق من أن تصل نيران الحروب الدائرة في المنطقة إلى تركيا، لأنها ستبذل ما بوسعها من جهود، من أجل إعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة برمتها". وقال: "إنّ من يدّعي أن تركيا تتعاون مع تنظيم إرهابي كتنظيم داعش، فهو مُجردٌ من الضمير، لأنّ تركيا لم ولن تكن بجانب أي ظالم مهما كان".

يأتي ذلك بعد ورود أنباء تُشير إلى تعاون أمريكي مع وحدات حماية الشعب الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، بهدف إنشاء "دولة عبور" في المناطق الشمالية الحدودية مع تركيا.

وفي معرض التعليق على هذه المعلومات أشار مسؤولون تركمانسوريون وعراقيون لخطورة هذه الدولة المستحدثة، والتي أطلقوا عليها "ممر التطهير العرقي"، على استقرار المنطقة ومستقبلها.

إذ وصف رئيس مجلس تركمان سوريا حزب الاتحاد الديمقراطي بانه أخطر من التنظيمات المتطرفة في المنطقة، بل وأخطر من النظام السوري في عدائه للتركمان، قائلاً بأن النظام كان يحاول تعريب تركمان المنطقة، بينما يحاول حزب الاتحاد الديمقراطي تكريدهم.

أما رئيس جمعية تركمان العراق "محمد توتونجو" فلفت الأنظار إلى تعاون أمريكا مع القوى الكردية لتشكيل دولة كردية في سوريا، كما فعلوا في شمالي العراق، لتحقيق حلمهم في إنشاء دولة كردية كبيرة. كما اتهم توتونجو القوى الغربية بالتعامل بوجهين، قائلاً "إن الغرب أقام الدنيا ولم يقعدها خلال احتلال داعش لعين العرب، بينما أغمض عينيه تجاه المجازر التي تعرض لها تركمان تلعفر"، مؤكداً بأن الغرب يطالب بحقوق الإنسان عندما يكون الأمر متعلقاً بالأكراد فقط.

بالمقابل أكدت أنقرة أنها، ومهما كان الثمن، فإنها لن تسمح لإي مشروع من شأنه إنشاء دولة مُستحدثة على حدودها مع سوريا.

وتُشير مصادر مُطلعّة إلى أنّ احتمالات "تدخل تركي عسكري خارج الحدود"، وكذلك "إنشاء منطقة عازلة" في الشمال السوري الحدودي مع تركيا، مطروحة على رأس جدول المناقشات لاجتماع مجلس الأمن القومي التركي.

فقد صرح وزير الخارجية التركي ، مولود جاويش أوغلو، بأن مجلس الأمن القومي سيبحث في اجتماعه اليوم الإثنين، مسألة التدخل العسكري في سوريا. وقال جاويش أوغلو: "لدينا اجتماع هام لمجلس الأمن القومي. وسنقوم بالتوضيحات اللازمة بعد الانتهاء من الاجتماع".

ومن المقرر أن يناقش المجلس الخيارات المطروحة لشن حملة برية في مدينة "جرابلس" السورية الواقعة على الحدود مع تركيا، وذلك بعد سيطرة قوات الكردية على مدن وبلدات شمال سوريا، والتخوف من إقامة دولة كردية على الحدود مع تركيا.

وحول السيناريوهات والخطوات المُحتملة للجيش التركي، تُشير مصادر إلى أنّ المرحلة الأولى ستبدأ بتقديم دعم عسكري لقوات المعارضة السورية، من خلال قصف مواقع تنظيم داعش بالصواريخ والطيران. وهو ما سيسمح لقوات المعارضة السورية المتواجدة في أعزاز ومارع، بالتقدم باتجاه جرابلس وعين العرب، لإبعاد قوات تنظيم داعش جنوباً باتجاه الرقة. وبالتالي تفويت الفرصة على قوى الاتحاد الديمقراطي للتوجه غرباً باتجاه حلب، تحت تغطية طيران التحالف، بحجة ضرب التنظيم.

وفي المرحلة الثانية يُتوقع أن يكون هناك تدخل عسكري تركي محدود، لإقامة منطقة حدودية آمنة شمالي سوريا، بعمق 35 كم وطول 110كم، مع تأمين تغطية نارية لمدى يصل إلى حدود الـ50 كيلومتراً.

وبينما كانت أحزاب المُعارضة التركية تؤكد على وجوب استصدار مُذكّرة برلمانية قبل الدخول في أي نوع من التدخل العسكري، فإن التأخر في اتخاذ خطوات حاسمة بهذا الشأن، ستكون عواقبه وخيمة على تركيا والمنطقة بمجملها، بحسب المراقبين.

وقد بدأت تركيا فعلياً بتغيير قواعدها الخاصة بالتعامل العسكري في سوريا، لتضيف إليها قواعد خاصة بالتنظيمات الإرهابية، مدرجة بذلك تنظيم داعش في قائمة التنظيمات التي تهدد الأمن القومي التركي، إضافة إلى اعتباره أكبر تهديد لأمن الحدود. مشيرةً أيضاً إلى أنه سيتم رمي أي عنصر من عناصر التنظيم عند اقترابه من الحدود.

وبموجب القواعد الجديدة فسيتم الرد بالمثل على أي اعتداء، وتخويل القوات المسلحة التركية المتواجدة على الحدود، صلاحية تامة بإطلاق النار دون انتظار أوامر من الجهات العليا.

من جهتها أبدت طهران مُساندتها لأنقرة في محاولتها حماية الأراضي السورية من أي تقسيم مُحتمل، ودعا السفير الإيراني في أنقرة "علي رضا بيكدلي" إلى ضرورة بلورة تعاون إيراني تركي في هذا الخصوص، يخدم الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!