ترك برس
مع تزايد أعداد العرب في تركيا، برزت حركة نشر وترجمة نشطة تسهم في بناء جسور ثقافية ومعرفية بين العالم العربي وتركيا. وأصبحت تركيا مركزًا حيويًا للكتاب العربي، حيث تزدهر صناعة النشر وتتوفر فرص واسعة للترجمة، مما يعزز من حضور الثقافة العربية إقليمياً ودولياً.
ولا يقتصر الوجود العربي في تركيا على هجرة بشرية فحسب، فقد أدت تلك الحركة لتبادل ثقافي وحوار وتثاقف أثمر بيئة خصبة في مجال النشر والأدب والترجمة والتواصل الأكاديمي والمعرفي، حيث تنفتح النوافذ المعرفيّة بالأسئلة، تلك التي تطل على فضاءات واسعة من الإجابات من أجل عالم ثقافي قادر على البناء الإنساني.
والدكتور مهدي الجميلي هو أكاديمي عراقي، ويعمل في مجال الكتاب العربي وتحقيق التراث منذ عام 1995، له العديد من الكتب التي ساهم في تحقيقها ومنها تاريخ مدينة السلام في 17 مجلدا، أسس دار الأصول العلمية بتركيا عام 2014، وهو عضو مؤسس للجمعية الدولية لناشري الكتاب العربي ويرأس مجلس إدارتها منذ عام 2018، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت".
كما أنه عضو الهيئة العليا المنظمة لمعرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي، وفي إدارة عدد من الجمعيات والاتحادات المهنية، له محطات مهمة مع الكتاب العربي وقارئه بآفاقه وتحدياته وتطلعاته، تحدث لـ "الجزيرة نت" عن هذه التحديات، وتطرق لتجربة الكتاب بالأرقام مع معرض إسطنبول للكتاب.
مع تزايد أعداد العرب في تركيا وأوروبا وأميركا، كيف تقرأ مستقبل الكتب المترجمة من وإلى اللغة العربية؟
الوجود العربي في تركيا لا يمثله العدد البشري فقط، فلو نظرنا إلى الحركة الثقافية وحركة النشر لوجدنا أننا أمام حالة يندر أن نجد لها شبيهًا، فرغم الظروف الصعبة التي تمر بها الجالية العربية بتركيا فإنها استطاعت أن تؤسس حضورًا ثقافيًّا بارزًا.
وأصبحت تركيا مقرًّا ومنطلقًا للكتاب العربي طباعة ونشرا وتوزيعا، حيث تجاوز عدد ناشري الكتاب العربي 100 ناشر وموزع، (تمثلهم الجمعية الدولية لناشري الكتاب العربي في تركيا ويجتمعون في ظلها)، فضلًا عن عدد كبير من الناشرين والموزعين الأتراك، مما يسّر انتشار الإنتاج الثقافي والمعرفي للعلماء والمثقفين والأدباء العرب المقيمين في تركيا وخارجها.
ثم صارت الحاجة ملحة لترجمة هذا الإنتاج الغزير إلى التركية وغيرها، وكذا الحال بالنسبة إلى ترجمة الكتاب الأجنبي إلى العربية. ومن تركيا صار الكتاب العربي ينطلق إلى العالم، كما يوزع الكتاب العربي والمترجم إلى العربية من تركيا إلى كل دول العالم، عبر المعارض الدولية وغيرها بفضل موقع تركيا الجغرافي وسهولة وانخفاض تكاليف الشحن منها إلى العالم.
"معرض إسطنبول الدولي للكتاب".. كيف استطعتم صناعة أكبر معرض خارج الوطن العربي؟
الفضل لله أولا، ثم بروح العمل الجماعي والفريق الواحد المتفاهم، يدفعه العمل الرسالي القائم على خدمة الكتاب العربي، والثقافة العربية والإسلامية، وسد هذه الثغرة العظيمة في بلد اللجوء حيث يقيم ملايين من العرب وقراء العربية.
ولا ننسى احتضان الأتراك لإخوانهم العرب وما قدموه ومازالوا يقدمونه، وهو ما لم يكن ليتوفر في بيئات أخرى. وكذلك أجواء الحرية وطبيعة القوانين والنظم التي تنظم العمل التجاري والإنتاج والاستيراد والتصدير؛ إذ رغم العوائق التي تخلقها هذه القوانين في مجالات معينة فإنها من حيث العموم تخدم بشكل كبير مزاولة المهنة وتطويرها.
تصفون المعرض بأنه أكبر فعالية ثقافية عربية في تركيا، ما المسؤولية الملقاة عليكم أمام هذا الإنجاز؟
المهمة الأولى هي المحافظة على زخم هذا الإنجاز، والمهمة الثانية الارتقاء والتجديد، حيث يمثل المعرض ملتقى ثقافيا للعرب بعلمائهم ومثقفيهم وكتّابهم وقرائهم، وتشهد أيامه مئات الفعاليات الثقافية بمختلف مجالاتها، وهذا يتطلب جهدا استثنائيا وفريقا متفانيا في إنجاز عمله، وبطبيعة الحال فإن الجالية العربية تنتظر كل عام هذا الحدث وتنتظر الجديد، وهو ما يحرص عليه الفريق والمشاركون في المعرض من عارضين ومساهمين في فقرات البرامج المصاحبة للمعرض، ويبدعون فيه في كل دورة بحمد الله تعالى، ونسأل الله أن يعين الفريق المنظم في هاتين المهمتين.
كيف تقرأ تنوع التخصصات المعرفية لدور النشر العربية في تركيا؟
التنوع الذي تشتمل عليه دور النشر العربية في تركيا يتناسب إلى حد ما مع حاجة قراء الكتاب العربي في تركيا، لكن نحن نستهدف السوق العالمية وليس تركيا فحسب، لذلك مازال التنوع دون المستوى المرجو، وهو ما يمكن أن يتطور وينمو مع تطوير خبرات وإمكانيات الناشرين وصولًا إلى تلبية حاجة القارئ.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!