برهان الدين دوران - جريدة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

صرنا نسمع في الأيام والأسابيع القليلة الماضية كلمة "مشروع" بشكل كبير، فباتت تتردد في كل مكان، في كل صحيفة وكل قناة ووسيلة إعلامية، فتارة نسمع "مشروع السلام" وأخرى "مشروع الحملة العسكرية" وغيرها من المشاريع...

من الصين وأندونيسيا وصلتنا تصريحات أردوغان في الصحف المحلية لتؤكد تلك المشاريع المتداولة بين وسائل الاعلام المختلفة، فقد صرح أردوغان بأن من غير المقبول دوام الحال على ما هو عليه من استمرار تنظيمات مثل حزب العمل الكردستاني واستخدامها للأدوات العسكرية والتمسك بخيار العنف على خيار الحوار والمشاركة السياسية، كما أكد أن تواجد السلاح في أيدٍ  غير أمينة في الساحة التركية لن يكون في مصلحة مشروع السلام أو محادثات السلام مع الأكراد، مشددًا أيضا على أن استمرار حزب الشعوب الديمقراطي في تغطيته السياسية على الحزب الإرهابي حزب العمل الكردستاني لن يزيد الطين إلا بلة وسيزيد من تعقيد الأمور وسيدخلنا في النفق المظلم لمشروع عملية السلام.

في إطار هذه التصريحات نرى بأن مشروع السلام بات اليوم مشروعان متناقضان لكنهما لا ينفكان ومترابطان حتى يصلا إلى هدفهما المنشود، أما بالنسبة للمشروع الأول فهو مشروع الحملة العسكرية على حزب العمل الكردستاني وكل فروعة وتشكيلاته في المنطقة لكبح جماحه ومحاولة محاصرته، أما المشروع الثاني فهو مشروع محادثات السلام التي لن تتوقف لتكون في إطار إدارة بين المشروعين لتحقيق الأمن والاستقرار السياسي في البلاد.

قد يظهر من تصريحات أردوغان الأخيرة أن مشروع محادثات السلام قد سحب من الطاولة وأنه أصبح في عداد الموتى، لكن حقيقة الذي يحدث مختلفة تماما، فحزب العدالة والتنمية لا يرى أن مشروع محادثات السلام قد انتهى ولا يرى أيضا أن مشروع الحملة العسكرية هو الخيار الوحيد في الساحة، وإن الانطباعات الخاطئة التي تراودنا عمّا يحصل ما هي إلا نتيجة ردة الفعل المتوقعة، فما قام به حزب العمل الكردستاني مع حزب الشعوب الديمقراطي من إشعال نيران المواجهة المفتوحة مع الحكومة التركية بشكل عام وحزب العدالة والتنمية بشكل خاص أظهر أننا نعيش بين ثنايا أزمة كبيرة، وأظهر أن هذه الأزمة لن تواجه إلا بعملية عسكرية كبيرة تأكل أخضر ويابس الإرهابيين، وفي المقابل نرى أن مطالب حزب العدالة والتنمية تقتصر على سحب خيار السلاح من العملية السياسية وزيادة التفاعل الديمقراطي.

تُظهر الوقائع التاريخية أن حزب العمال الكردستاني مع حزب الشعوب الديمقراطي استخدم مشروع محادثات السلام من أجل تسهيل السيطرة على مناطق شمال سوريا ومحاولة إنشاء شريط كردي ومن ثم التغلغل في التحالف العالمي ومحاولة كسب شيء من الشرعية الدولة لوجودهم عبر تبنيهم حرب داعش، فقد احتاجوا إلى نوع من الهدوء النسبي في جبهة تركيا لتحقيق كل هذا وزادوا على الهدوء أن قاموا بإشعال الساحة السياسية عبر زيادة الشعور القومي لدى التكتلات الكردية ليكسبوا من ورائها المقاعد البرلمانية ويساهموا في بلبلة الوضع السياسي في الساحة التركية.

بعد كل هذا أتساءل عن مكان الرسالة التي بعثها أوجلان وقُرئت في 2013 بيوم النيروز، وهل كان كل ما حملته تلك الرسالة من مواقف ونداءات للشعب الكردي هي أكاذيب أم أنها غير ذلك؟

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس