بكر هزار -  صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

تخضع حياة الناس الى كثير من المفاهيم الإنسانية واللاإنسانية، ومن اهم هذه المفاهيم والظواهر ما نراه من انقسام الناس بين معسكرين؛ معسكر من يعيش المظالم ويعاني الازمات، ومعسكر اخر هو من يقتات على هذه الازمات فيوظفها ويستفيد منها وهم ما يسميهم أناس بأمراء الحروب. ومن الأمثلة الحية التي نعيشها اليوم على هذه الصورة المأساوية من حياة البشر؛ ما نشاهده من تدخل المانيا واقتياتها على أزمات اليونان.

قرانا قبل أشهر قليلة ما كتبه ذلك الكاتب الألماني في الصحيفة الألمانية عن الفوائد والعائد المادي الضخم الذي تحتفل به المانيا من جراء الديون التي تقدمها لليونان، فحسب ما أورد هذا الكاتب فان المانيا كسبت ما يقارب 100 مليار من الازمة اليونانية! قد يسال سائل ويقول: الا يجب ان يكون الوضع في المانيا بين الحزن والأسى على الازمة اليونانية؟ لكن الحقيقة غير ذلك، فبدل التضامن والحزن على الازمة اليونانية نرى وبكل وضوح ملامح الفرح والسرور عند الالمان من جراء هذه الازمة.

وفي طريق الاستفادة من هذه الازمة عمدت المانيا الى دراسة السُبل في ذلك، وكان مما ظهر لهم ويستطيعون استغلاله؛ هو انشاء مركز طيران منافس لمركز الطيران في إسطنبول؛ فكما هو معلوم بان اهم مركزين للطيران في أوروبا هما فرانكفورت في المانيا وإسطنبول في تركيا. وفي سياق حملتها المعادية لأنقرة تسعى المانيا الى شراء مطارات اليونان وانشاء مركز طيران دولي قوي يكون قادر على ضرب الطيران التركي في الوقت الذي تسعى فيه تركيا الى انشاء مطارها العالمي الثالث. فبعد ان دعمت المانيا كل أصناف الإرهاب في تركيا من حزب العمل الكردستاني وحزب التحرر الشعبي الثوري والتنظيم الموازي نرها اليوم تأخذ زمام المبادرة في حملتها لضرب انقرة.

يسعى البنك الدولي هذه الأيام الى سلب أثينا كل ما تملك مثلما سلبوا انقرة في بدايات القران الحالي، فكما حدثني صديقي مدير احد اهم البنوك في تركيا وقال بانه وفي تلك الفترة أي في عام 2001 كان قد شاهد العجب العجاب؛ فقد رأى صلاحيات رئيس صندوق مكتب النقد الدولي لتركيا كارلو كورتيللو وهو يملك من القوة والسيطرة ما كان يفوق وزير المالية ووزير الاقتصاد؛ فقد كانت قراراته تُنفذ بين ليلة وضحها؛ حتى انه وفي احد المرات اتصل كارلو مع وزير المالية في منتصف الليل من اجل تعديل احد القرارات الدستورية وكانت الاستجابة سريعة الى درجة ان القرارات تم الموفقة عليها في الليل والتصديق عليها كان في نفس الصباح.

بعد كل هذا اسأل متعجبا ومستغربا: لماذا تكاتفت دول العالم من المانيا حتى إنجلترا ومن فرنسا حتى إسرائيل ومن إيران حتى بلجيكا ومن النرويج حتى السويد على دعم حزب العمال الكردستاني في هذه الأيام؛ بينما كانت في السابق لا تلقي لهم بال؟ وكيف ترى كل هذه الدول نفسها عندما تدعم شرذمة قليلة من الارهابين على امة بعشرات الملايين؟ ثم كيف لا يخجلون من أنفسهم عندما يتحدثون عن الإنسانية وهم بعيدين كل البعد عن كل هذه المعاني؟ ففي الوقت الذي تستضيف تركيا فيه 2 مليون لاجئ سوري من كل الاطياف والملل والقوميات من اكراد وأتراك وعرب ويزيدين ومسلمين ومسيحيين؛ نرى دول أوروبية مثل سلوفاكيا ترفض استقبال اللاجئين السوريين لأنهم مسلمين وتقول بانها لن تستقبل الا اللاجئين المسيحيين، أليست هذه معاداة صريحة وواضحة للإسلام والمسلمين؟ ثم كيف يدّعون الإنسانية عندما نراهم يصعبون ويزيدون المعوقات امام اللاجئين من اجل تخفيض استقطابهم الى أوروبا؟

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس