محمد بارلاص – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

عندما قرر رئيس وزراء اليونان تسبيراس نيته عرض قرار حل المشاكل المالية التي تعاني منها بلاده على استفتاء جماهيري، خصوصا أنّ الحلول كانت تتمثل بقبول شروط صعبة وخصوصا من ألمانيا، حينها صرّح وزير المالية الألماني فولفغانغ شيوبله بأنّ "نتائج التصويت لن تغير شيئا".

وفي الحقيقة هذا ما حدث، وبرغم أنّ الشعب صوت بـ"لا" على هذا المشروع، إلا أنّ حكومة تسبيراس قبلت بكل الشروط، لتدخل اليونان مرحلة إذعان واستسلام طويلة الأمد، وهذا ما عبّر عنه وزير المالية اليوناني المستقيل يانيس فاروفاكس عندما أعرب لصحيفة "غارديان" عن سوء الأوضاع التي دخلتها اليونان، وقال "نحن اليونانيون أصبحنا عبيدا للاتحاد الأوروبي".

أثناء توجهنا للانتخابات

والآن دورنا لنفكر ماذا ستغيره الانتخابات المبكرة التي نتجه نحوها؟ ودعونا نطرح السؤال بطريقة مختلفة، هل فعلا ستكون العوامل الداخلية فقط هي التي تحدد نتائج الانتخابات المبكرة؟ أم أنّ التدخلات الخارجية ونفوذ القوى العظمى هي من ستحدد وجهة الانتخابات؟

ولا بد من تذكيركم أنه عندما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية نيتها "جلب الديمقراطية" للعراق، قامت باحتلاله، وانتهى احتلالها له بإشعال حرب، ووصل الأمر لتمزيق العراق ووصل الأكراد لمرحلة تأسيس دولة مستقلة، وأصبح هناك نزاع طائفي مذهبي بين السنة والشيعة، وبعدها خرجت لنا داعش، ووصلت أعمال العنف والفوضى وانتقلت إلى سوريا، وسالت الدماء في تلك الدولة أيضا.

أمريكا والعراق

ألا تعتقدون أنّ كل هذه العوامل، وكل هذه الأحداث، واتهامنا بدعم الارهاب، في الوقت الذي كنا نستقبل فيه ملايين اللاجئين، وأحداث الفوضى الجارية حول بلادنا، ألا تعتقدون أنّ كل هذه الأمور انعكست على أوضاعنا الداخلية؟ باختصار، تطورات الظروف الخارجية أثرت بصورة كبيرة على السياسة الداخلية.

وإذا أردنا معرفة تأثير هذه التطورات والأحداث التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية، وفشلها الذريع في نشر الأمن والاستقرار في المنطقة، لوجدنا أنّ هذا لا يهم الناخب الأمريكي على الإطلاق، وبرغم أنّ أمريكا أدخلت العراق حروبا في مرتين منذ عام 1980 وحتى الآن، إلا أنّه جاء بعد بوش الأول بوش ثاني، ومرشح الجمهوريين أقوى المرشحين لرئاسة الوزراء.

حق ارتكاب الأخطاء

يختلف إطار حق ارتكاب الأخطاء بين دولة وأخرى، ولأنّ الدولة اليونانية تجاوزت حدود حقها في ارتكاب الأخطاء، أصبحت دولتهم اليوم ومستقبلهم رهينة بيد قوى خارجية، والآن يرى أحفاد ارسطو وسقراط بأنهم "عبيد للأوروبيين".

واذا كنتم كذلك، وانتم تعانون من مشاكل سياسية مزمنة لم تستطيعوا حلها، عليكم تجنب التدخل في الساحة الدولية كطرف فعّال، واذا كنتم تعانون من "مشكلة قبرص" منذ عام 1974، لن يكون من السهل عليكم التوسط لحل "القضية الفلسطينية"، أو اذا كنتم قد غرقتم بما فيه الكفاية في المستنقع السوري، فحينها سيتم التحكم بكم وتوجيهكم وفرض مشاريع عليكم من قبل القوى الخارجية، وهناك عملاء كثر في الداخل لتحقيق تلك المشاريع.

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس