مثنى فائق العبيدي - خاص ترك برس

تم الإعلان عن اتفاق الإطار النووي الإيراني يوم 2 نيسان/ أبريل 2015 بمدينة "لوزان" السويسرية، الاتفاق الذي من المفترض أن يكون الخطوة الممهدة لإنهاء الملف النووي الإيراني بين المجتمع الدولي وإيران. وأثار هذا الحدث جدلًا ومواقف عديدة لا سيما لدى دول منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص لما للأمر من انعكاسات وتأثيرات على دول المنطقة وتطورات الأحداث الجارية فيها ومنها تركيا.

جاء الموقف الرسمي التركي من اتفاق الاطار النووي مرحبًا ومؤيدًا له، وتم الإعلان عنه بعد ساعات من عقد هذا الاتفاق، ولم يكن هذا الموقف مختلفًا عن سياسة تركيا السابقة إزاء الملف النووي الإيراني ومحاولتها ممارسة دور الوسيط في معالجة هذا الملف بين الولايات المتحدة الأمريكية والغرب من جهة وإيران من جهة أخرى، والاعتراف بحق إيران امتلاك الطاقة النووية السلمية.

ولعل ما دفع تركيا إلى اتخاذ هذا الموقف يأتي في إطار: المسايرة التركية لسياسة وتعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع ملفات المنطقة الشائكة ومنها الملف النووي الإيراني، وزيادة الاستثمار في ميدان العلاقات الاقتصادية التركية – الإيرانية ورفع الميزان التجاري بين الدولتين والانفتاح على إيران التي تعاني من العقوبات الاقتصادية الدولية لتكون تركيا منفذًا مهمًا لها في ظل هذه الظروف، كما سيكون هذا الاتفاق بمثابة إعطاء الضوء الاخضر لدول المنطقة ومنها تركيا للحصول إو لإنشاء مفاعلاتها النووية الأمر الذي تسعى إليه تركيا لزيادة قوتها الصناعية النووية لتوليد الكهرباء والطاقة، وسيجنبها أي اعتراض دولي على المفاعل النووي السلمي الذي تقوم الحكومة التركية ببنائه جنوب البلاد في "آكوي". فضلًا عن ذلك فإن تركيا إن كانت قد رحبت بهذا الاتفاق فإنها تعارض وترفض امتلاك إيران للسلاح النووي.

إن الموقف التركي من اتفاق الإطار النووي الإيراني لم يخرج عن سياق تطورات الأحداث السياسية والأمنية والاقتصادية التي تشهدها العديد من دول المنطقة وإيران قد وجدت نفسها غارقة في تفاصيل هذه الأحداث بمواقف تتراوح بين الدعم الاقتصادي والعسكري والسياسي وحتى بتواجد المستشارين والمقاتلين في مناطق الصراع لمساندة طرف ضد أطراف أخرى.

لهذا الاتفاق انعكاسات وآثار على تركيا والمنطقة بشكل عام، كونه يساعد إيران على التحرر من قيود العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها مما يزيد من قوتها وتأثيرها على المضيّ قدمًا لترسيخ نفوذها وهيمنتها في المنطقة وذلك سيكون على حساب المصالح التركية إقليميًا ودوليًا، وسيمنح إيران فرصة زيادة قوتها العسكرية والاقتصادية مما سيدخل المنطقة في مضمار سباق تسلح شرق أوسطي، وسيعيد التنافس التركي – الإيراني على ما هو عليه لمئات السنين الفائتة، كما في حال إنهاء ملف البرنامج النووي الإيراني من الممكن أن يكون التقارب الأمريكي – الإيراني على حساب التقارب الأمريكي التركي، يضاف إلى ذلك فإن نجاح هذا الاتفاق ورفع العقوبات عن إيران سيجعلها في حل من الحاجة إلى تركيا عندما تنفتح على دول العالم الأخرى التي ستتفعل علاقات إيران الاقتصادية معها.

وبالرغم من عدم اعتراض تركيا على عقد اتفاق الإطار النووي الإيراني وإعلانها على تأييد هذا الاتفاق إلا أن الواقع يعكس حقيقة أن هذا الاتفاق لم يكن ليصب في صالح دول المنطقة ومنها تركيا لما سيمكّن إيران من المضيّ في سياستها التوسعية وحلفائها المنتشرين في مختلف دول المنطقة من مليشيات وفصائل مسلحة ورجال دين وشركات تجارية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس