سيفيل نوريفا - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

تسببت سياسة بوتين التي رافقت الأزمة الروسية التركية إلى انقسام المشهد السياسي الداخلي في روسيا إلى قسمين، بين مؤيد لما يقوم به بوتين، ومعارض له، حتى بدأت بعض الأصوات من داخل طاقم بوتين بانتقاد تصرفاته وقيادته للأزمة، خصوصا فيما يتعلق بالحملة التي قام بها ضد الطلبة الأتراك في روسيا وضد رجال الأعمال الأتراك المتواجدين في موسكو.

من المفيد أنْ نبقي المجتمع الروسي بعيدا عمّا يقوم به نظام بوتين، لأنّ تصرفات الأخير سببت إزعاجا واضحا لفئات المجتمع الروسي المختلفة، ولهذا فإنّ ما يفعله بوتين لا يعكس إرادة الشعب الروسي الحقيقية فيما يتعلق بالأزمة الحالية.

ولا بد لنا من أنْ نذكر بعض العوامل التي ساهمت بالحراك الموسع الذي يقوم به النظام الروسي:

1-   كانت روسيا تثق بأنّ ما لم يقم به أحد من دول حلف الناتو، لن تقوم به تركيا، وكانوا يعتقدون بأنّ تركيا "تحذّر لكنها لن تستطيع فعل شيء".

2-   شخصية بوتين شخصية صاحبة كبرياء، وبرغم أنّ إسقاط الطائرة الروسية تم وفق قواعد الاشتباك العسكرية، إلا أنّ بوتين رأى بأنّ هذه العملية بمثابة صفعة له من اردوغان.

وبعد ذلك قام بوتين بحملة موجهة ضد شخص اردوغان، وحرض الإعلام على عائلة اردوغان أيضا، وإنْ دل هذا على شيء، فإنما يدل على عجزه وضعفه، وتصرفات بوتين هذه كانت مصدر إزعاج لطاقم بوتين نفسه، ويرون بأنّ هذه التصرفات لا تليق بدولة بحجم روسيا.

اهتزت صورة روسيا بعد حادثة سقوط الطائرة الروسية في مصر، وهو ما دعا بوتين إلى التصريح بأنّه أصدر تعليمات بالقبض على منفذي هذا الهجوم وتقديمهم للمحاكمة، وبعد ذلك تسببت أحداث التوتر من 22-29 تشرين الثاني/نوفمبر إلى نقصان بمقدار 1.9 مليار دولار من الاحتياط الروسي، ويدرك المحللون الاقتصاديون بأنّ انقطاع تركيا عن شراء الغاز من روسيا سيكون بمثابة الضربة القاضية للاقتصاد الروسي.

اعتقد أنّ الذين راهنوا على قوة بوتين بعد إسقاط الطائرة الروسية وفق قواعد الاشتباك، وتحدثوا بلسانه، اعتقد أنّ رهانهم سيخسر، وخصوصا اولئك الذين يقولون بأنّ تركيا ليست فرنسا أو إنجلترا أو أمريكا لتقف في وجه روسيا، فما فهمه العالم أجمع وكل ذي عقل من خلال حادثة إسقاط الطائرة، هو بأنّ تركيا ليست مجرد دولة عابرة، وإنما أصبحت دولة يحسب لها الجميع ألف حساب.

ولا شك أنّ مصدر هذه القوة التي تملكها تركيا وتستند عليها، يعود إلى شبكة العلاقات الجيدة مع الدول الآسيوية ودول البلقان، وزيارة داود أوغلو إلى أذربيجان تأتي ضمن إطار هذه الازمة، والرسائل الناتجة عن تلك الزيارة كانت إيجابية جدا، وتصريحات رئيس جمهورية أذربيجان كانت واضحة عندما قال "مهما حصل، وبرغم تهديدات روسيا سنقف إلى جانب تركيا".

علينا أنْ نصف الموضوع وننظر إليه من خلال إدراك بأنّ هناك فرق بين روسيا بوتين، وبين روسيا نفسها، من خلال زاويتين:

1-   المثقفون الروس لا ينظرون إلى الموضوع كما يتصرف بوتين، بوتين ليس الشعب الروسي.

2-   في روسيا قسم هام من الأتراك والمسلمين، وهؤلاء يلعبون دورا هاما ويقفون إلى جانب تركيا، وصمتهم لا يعني سكوتهم وإنما تجنبا لما قد يتعرضون له في الوقت الراهن.

عن الكاتب

سيفيل نوريفا

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس