فيردا أوزير - صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

من سفينتهم الفضائية قام كل من رائد الفضاء الأمريكي والروسي بنداء في شهرهم التاسع في الفضاء عبر شبكتهم التلفزيونية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا من أجل التعاون فيما بينهم. قد يبدو ما أقوله أشبه بالخيال العلمي، لكنه حقيقة حصلت مع رائد الفضاء الأمريكي سكوت كيلي وصديقه الروسي ميخايل كورينينيو في الأسابيع الماضية عبر قناة سي أن أن الأمريكية، وكان النقل حينها بالصوت والصورة. وكان مما قالاه: "فليكن تعوننا في الفضاء مثالا يُحتذى به هنالك على الأرض، فلو أن السياسيين من أمريكا وروسيا عاشوا مع بعضهم البعض لمدة شهر واحد لتوطدت العلاقة فيما بينهم ولحلوا مشاكل العالم كلها". لكن الحقيقة تقول إن التعاون الأمريكي الروسي لم يقتصر هناك في الفضاء بل هو حاصل هنا على الأرض!

كما كتبت من قبل فان كلًا من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا يتقاسمون الأدوار في سوريا والعراق، فبينما تقوم أمريكا بقيادة الحرب على داعش، تأخذ روسيا زمام المبادرة بتعليق مشاكلها مع تركيا وإعطاء بعض الأدوار للعراق كما رأينا في الأسابيع الماضية.

في الجمعة الماضية اجتمعت 19 دولة في إحدى زوايا الأمم المتحدة لتناقش حرب تنظيم داعش، وتناست هذه النقاشات روسيا ودورها في دعم الأسد، وجاء ذلك في سياق ما عبر عنه وزير الخارجية كيري: "إن الحرب التي ستستبعد الأسد ستكون طويل" وهو ما يدلل على النوايا المبيّتة لواشنطن بسحب مصير الأسد من أجنداتها اليومية.

وكان آخر تطورات التدخل الروسي ما رأيناه من مؤتمر الرياض الذي يحضّر لمشروع روسيا بوقف إطلاق النار في بداية العام الجديد، وتأتي هذه الجهود في سبيل إضعاف الدور التركي القطري السعودي والمجموعات المسلحة التي تدعمها، فروسيا ومنذ تدخلها تقوم بدك هذه المجموعات لتحضرها لمصيرها المحتوم حسب الرؤية الروسية.

أما جديد أزمة الموصل في العراق، فقد كان لروسيا الدور الكبير مع إيران في تحريض الحكومة العراقية على تركيا، وكان موقف أوباما يدعم الموقف العراقي رغم معرفته بأن موقفها مبني على الموقف الروسي والتنسيق الدائر بين روسيا والعراق وإيران في بغداد، فأوباما يريد أن يترك له موطئ قدم بين ثنايا هذا التنسيق، وكذلك يريد بناء علاقات مع بغداد وطهران من أجل حرب تنظيم داعش.

فرغم التنسيق العالي بين أمريكا وروسيا في الفضاء وعلى الأرض، إلا أنهم يصبحون أكثر حدة في بعض الأزمات الدولية، وهذا ما ظهر على روسيا في تنسيقها مع محور إيران- العراق- سوريا. وقد أظهرت الأزمة في الموصل مدى تأثير هذا التنسيق، كما وأظهر هذا التنسيق فعالية أكبر في سوريا عندما استهدفت روسيا وبالتنسيق مع حزب الاتحاد الديمقراطي المنطقة الآمنة التي كانت تخطط لها تركيا مع أمريكا بين عزاز وجرابلس.

أدت كل هذه التحركات الروسية الى تكبيل ايادي تركيا، ولهذا سعت تركيا إلى إعادة احياء علاقات عميقة مع أوروبا، وعملت الى إعادة مجرى المياه التركية الإسرائيلية إلى وضعها الطبيعي، وانحازت مع إقليم كردستان العراق. ويظهر الاستقطاب الحاصل في المنطقة أنه لا خيار أمام تركيا إلا الارتقاء بأوروبا والغرب لمقاومة تحدي محور روسيا- إيران- العراق- سوريا.

عن الكاتب

فيردا أوزير

كاتبة صحفية تركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس