مروة شبنم أوروتش – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

ودعت تركيا عام 2015 الذي كان مزدحما بالأحداث ودخلت عامها الجديد بعدما أفرزت انتخاباتها بداية لـ 4 سنوات تملأها آمال الاستقرار، في نفس الوقت نرى التوترات التي تعصف بالمنطقة والتي ستعيش تركيا بعضا من انعكاساتها، ومن الأمثلة على ذلك ما ظهر عليه حزب الشعوب الديمقراطي بعد انتخابات حزيران/ يونيو، فبينما كان يدعي بأنه حزب لكل الأتراك تصرف بكل ما ينفي ذلك عندما أخذ على عاتقه تبني البعد السياسي لحزب العمال الكردستاني بنقل النار المشتعلة في سوريا إلى تركيا بدعوى "الحكم المحلي"، وفي الوقت الذي كان يُعتبر فيه إخراج سلاح حزب العمال الكردستاني من تركيا أهم متطلبات نجاح مباحثات السلام كان الحزب يحضّر الجبهات ويخبئ الأسلحة في المدن قبل انتخابات حزيران العام الماضي.

نجد أيضا صورة الحزب وهو يطرد كل من لا يدعمه من منازله رغم ادعائه تمثيل القضية الكردية! وصورة أخرى للتقارب التركي الإسرائيلي والاعلام الغربي الذي يلعب بالحبال الكثيرة وكان من أهم مناصريه في الداخل مجموعة إعلام دوغان التي قد يبدو وللوهلة الأولى بأنها تراجعت عن مواقفها بعد نتائج الإنتخابات، ولكن ذلك غير صحيح؛ فهم طُبعوا على ما هم عليه، وبالتوازي مع ذلك نرى جبهة البروباغاندا المشكلة من روسيا وإيران والإمارات العربية المتحدة التي تدعم بالمال، فمنذ ثلاث سنوات وعمليات التوعية الممنهجة في توجيه الرأي العام تجري على قدم وساق في كل قانون ونظام يتم مناقشته، وفي مشاكل الإرهاب وعلى راسها حزب العمال الكردستاني. ولا يجوز أن نتحدث في كل هذا من دون أن نتطرق للولايات المتحدة الأمريكية ودورها على المستوى الإقليمي والعالمي، حيث يأتي الاتفاق النووي الإيراني والخطة الأمريكية في المنطقة على رأس متغيرات الولايات المتحدة الأمريكية.

بين هذا وذاك يبقى تنظيم داعش سليل القاعدة صاحب الرقم الصعب في أزمات المنطقة، فالأزمة السورية وكما يبدو سيكون من الصعب أن تجد طريقها إلى الحل خلال هذا العام 2016، فجهود حل الأزمة تدور في غير محورها الصحيح وهو محاربة داعش وحل أزمة اللاجئين، فالطائرات التي تخرج لتقصف داعش في سوريا والعراق لا تقوم إلا بخلق حاضنة شعبية أكثر تقبل له بقصفهم للمدنيين الأبرياء.

لم يحل الاتحاد الأوروبي مشكلة الأسد في اجتماعات فينا الأخيرة، بل تجاهلها واعتبره شريكا في القضاء على الإرهاب! و في حين تعمل كل من روسيا وإيران بكل إمكانيتها من أجل دعم الأسد لزيادة صموده. تسعى في المقابل المملكة العربية السعودية في أن تكون قوة مضادة للهلال الشيعي على المستوى السياسي والإقتصادي بالتحالف مع تركيا وقطر في ضوء الرؤية الأمريكية والتقارب التركي الإسرائيلي والتفاهمات الأمريكية الروسية.

قد يبدو لنا بأن الخليج العربي يقف معنا بقلب رجل واحد، ولكن هذا غير صحيح، فالإمارات تعمل بطاقاتها الاقتصادية والإعلامية لتحقيق معادلاتها التي لم تظهر بعد أهي في مصلحة روسيا أم إسرائيل؟

في خضم كل هذه الصراعات السياسية والعسكرية تستمر الأزمة الاقتصادية العالمية بالتدهور مع استمرار انخفاض أسعار النفط التي تؤثر على الفوائد والتضخم الاقتصادي، كما أثرت على الاقتصادي الصيني الذي بدوره أثر على سعر السلع في كل أنحاء العالم. وفي الوقت الذي تستمر فيه الأزمة الاقتصادية فإن دولًا مثل اليونان وإسبانيا وفرنسا ستعلن عن حالة الخطر في الأيام القادمة، وسيلحق تركيا في نهاية الأمر بعض من هذه الأضرار، حتى وإن أخذت الحكومة التركية بالتدابير اللازمة فإنها لن تستطيع القضاء على التهديدات المحتملة بشكل كامل، وقد تستفيد الأصول الأجنبية بعض الشيء في بادئ الأمر لكن ذلك لن يدوم، فالبارحة وفي اتصال مع أحدهم في سنغافورة وبسبب خبر كاذب عن 3 تفجيرات حصلت في تركيا كان الرد علي بلا، وهكذا نستطيع أن نتخيل كيف ستهرب تلك الأصول من تركيا.

الملخص، تركنا عام 2015 ودخلنا عاما جديدا، لكن الأمور لا تبشر بخير، فالأزمات تكبر وتضخم كالبالون، وستكون الانتخابات الرئاسية الأمريكية من أهم النافخين في هذا البالون في العام الجاري، وهو ما قد ينبأ بأن عام 2017 سيكون أكثر تشاؤما.

عن الكاتب

مروة شبنم أوروتش

كاتبة في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس