علي نور كوتلو - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية خطة عملياتها العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في كل من العراق وسوريا. فمن خلال توجيه ضربات جوية ضد مواقع التنظيم، تسعى الولايات المتحدة إلى تلافي سياساتها الفاشلة في منطقة الشرق الأوسط. لكن هذه الضربات لن تكون مجدية. فالسياسة الأمريكية حيال منطقة الشرق الأوسط والتي تفتقر إلى التنظيم والتخطيط، ستزيد من تدهور الأوضاع في هذه الجغرافيا وستحول المنطقة برمتها إلى مستنقع يصعب الخروج منه.

الولايات المتحدة التي تركت منطقة الشرق الأوسط للروس والإيرانيين، تريد الآن أن تقضي على العنف المذهبي والطائفي المستشري في المنطقة من خلال الغارات الجوية ضد مواقع التنظيمات المتطرفة. فالأمريكيون ومنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لم ينظروا إلى الشرق الأوسط إلا من خلال منظار البندقية. وهم يحاولون حل الخلافات والمشاكل العالقة في المنطقة عن طريق استخدام القوة العسكرية.

لقد احتلت الولايات المتحدة الأمريكية كلا من العراق وأفغانستان بحجة مكافحة الإرهاب، لكنها ولدت بذلك مجموعات إرهابية جديدة أكثر تطرفا وعنفا. فهذه السياسة التي كانت من ابتكار الرئيس السابق جورج بوش ومساعده ديك تشيني، كانت سببا رئيسيا في إخفاق الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية أمام الديمقراطيين بقيادة أوباما. لكن الغريب في الأمر أن الرئيس أوباما تابع السير على هذا النهج.

لم تتمكن الولايات المتحدة حتى الآن أن تستوعب مجريات الأمور في الشرق الأوسط. فهي ترى أن المشكلة الحقيقية تكمن في سياسات الأسد والمالكي الطائفية، لكنها تجهل أن مصدر النزعات الطائفية في المنطقة هي المملكة العربية السعودية وإيران. فقد غضت الطرف عن السعوديين في قضية الانقلاب ضد مرسي، كما تساهلت وأرخت الحبل على الإيرانيين فيما يتعلق بالقضية السورية.

لا أستغرب إذا استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية الحل العسكري عند تأزم الأوضاع في مصر في المستقبل القريب. لأن الرئيس أوباما بات ينتهج العقلية الإسرائيلية في طريقة تعامله مع قضايا المنطقة. وكذلك يتابع الرئيس أوباما تطبيق سياسات ديك تشيني في التعامل مع الأزمات. فهؤلاء يغمرهم الفرح عندما يزداد العنف في منطقة الشرق الأوسط.

لقد أساءت الأحداث الراهنة في منطقة الشرق الأوسط وبشكل كبير إلى سمعة العالم الاسلامي. كما شوهت صورة المسلمين برمتهم. فكم سنحتاج من سنوات لتصحيح هذه الصورة المشوهة للإسلام. وكم سيستغرق من وقت لإقناع العالم بأن الدين الإسلامي ما هو إلا دين التسامح والعفو.

إنّ من الحماقة أن ننتظر حلولا إيجابية لمسائل الشرق الاوسط والعالم الإسلامي من الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة إدارة الرئيس باراك أوباما. ففي هذه المرحلة، نحن بحاجة إلى منظور وقوة سياسية فعالة لإزالة الفوضي التي عمت المنطقة بأكملها. علينا أن ننهي سياسات الأمريكيين والروس في المنطقة. وعلينا أن نجد الحلول البديلة التي تؤدي إلى النهوض بالمنطقة من جديد.

تواجهنا هنا المعضلة التالية. هل تتدخل الدول الغربية في شؤوننا الداخلية لأننا لم نستطع إيجاد الرؤية المستقبلية لأنفسنا؟ أم أن الدول الغربية تمنعنا من تحديد سياساتنا المستقبلية بسبب حرص هذه الدول على المحافظة على مصالحها في هذه الجغرافيا؟

في الواقع لا يعدو هذان الاحتمالان أن يكونا حجة نحاول أن نختبئ خلفها. فلو نظرنا إلى الواقع من منظار أوسع. لوجدنا أن العالم الإسلامي هو الخاسر الأكبر في كلتا الحالتين.

وهنا أود أن أطرح بعض الأسئلة.

ما هي رؤية تركيا المستقبلية فيما يخص منطقة الشرق الأوسط كونها الدولة الأقوى في العالم الإسلامي؟

ما هي الخطط والمشاريع المستقبلية التركية حيال الأوضاع في المنطقة؟

ما هي سبل الحل المقترحة من قبل المفكرين وأصحاب الأقلام بخصوص الأزمات الراهنة؟

ماذا يكتب إعلامنا في هذا الخصوص؟

علينا أن نواجه هذه الحقائق ولو كانت قاسية. وعلينا أن نحاسب أنفسنا ونعيد ترتيب أوراقنا من جديد.

عن الكاتب

علي نور كوتلو

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس