رابح بوكريش - خاص ترك برس

قال وزير الخارجية البريطاني " هاموند" للصحفيين في روما: "هل روسيا ملتزمة حقا بعملية سلام أم أنها تستخدم عملية السلام كورقة توت تخفي وراءها محاولة لتقديم نصر عسكري من نوع ما للأسد يتمثل في إقامة دويلة علوية في شمال غرب سوريا؟. الحقيقة الواضحة تماما هي أنه لم يتم التوصل حتى الآن إلى اتفاق دولي متكامل لا على كيفية حل المعضلة السورية، ولا على كيفية تمثيل المعارضة في أية مفوضات سلام ولا على كيفية معالجة قضية المجرم بشار الأسد.

والحقيقة الواضحة الثانية هي أن هناك وجهة نظر مختلفة تماما  بين موسكو وأرانبها وواشنطن وأرانبها حول الطريقة التي يمكن أن يشارك فيها نظام الدكتاتور بشار الأسد في المرحلة المقبلة، لذلك يمكن للأمور أن تتزحزح ونرى كوارث أخرى تحدث في سوريا.

السيناريو الراهن سيء للغاية ويمكن أن يكون أسوأ إذا ترك كما هو عليه الآن. هذه الأمور تدفع إلى القول إن عملية السلام في سوريا لم تصل بعد إلى نقطة البداية. ونقطة البداية هي: تحرك دولي على جبهتين في وقت واحد:

الأولى: تقديم الدعم المالي والسياسي والدبلوماسي الكبير للمعارضة المعتدلة كي تتطور في عملها العسكري ويتسع نطاقها وتهز النظام السوري من داخل دمشق، بحيث تكون هذه المعارضة هي آلة الضغط على النظام البعثي الفاشي.

الثاني: القيام بتحرك دبلوماسي وسياسي عربي شامل ومستمر في الساحة الدولية، يعتمد على مشروع سلام عربي مفصل بدون موسكو وواشنطن والأرانب ينسجم مع المعطيات الدولية. ويكون هدف هذا التحرك الواسع هو حمل مجلس الأمن الدولي تولي مسؤوليته ملف هذا النزاع. وهنا لا يجب أن يغيب عن الأذهان تأثير اللاجئون السوريون على هذا التحرك، وعددهم يتجاوز 8 ملايين. وهؤلاء أصبحوا عبئا يوميا على الدول الغربية. وبالرغم من وجاهة هذين الجبهتين بالنسبة إلى عملية السلام، إلا أن وجاهة دوافع استراتيجية موسكو في المنطقة "صبت الزيت على النار". ولتفصيل كل ذلك، فإن موسكو أصبحت خصما شرسا في سوريا "تقتل بطريقة عشوائية كل من يقف في طريقها"، خصوصا في الفترة الأخيرة، لأنها أدركت أن واشنطن تلعب لعبة خطيرة ضد الوجود الروسي في سوريا. وهذا ما لا يمكن لموسكو أن تغفره لواشنطن لأنه ليس أسوأ من محاولة إهانة عملاق.

الحقيقة الواضحة الثالثة هي: بعدما فقد نظام بوتين الديكتاتوري المبادرة السياسية والقدرة على اقناع المجتمع الدولي بوجهة نظره فيما يتعلق بالمشكل الأوكراني أصبح يعاني من عزلة واسعة دوليا وبعدما شعرت القيادة الروسية بأن السبيل الوحيد للخروج من هذه العزلة واستعاد موسكو لموقعها في الساحة الدولية هو خلط الأوراق في سوريا، ولهذا السبب وغيره فهي غير مقتنعة بضرورة حل النزاع سلميا في الوقت الحالي.

من هذا وذاك نستنتج أن هدف موسكو في سوريا ليس من أجل إقامة دويلة علوية في شمال غرب سوريا؟ ولكن حتى تبعد النظر عن عدونها على الأوكراني وتخوفها من أن تصبح سورية بعد الأسد ملاذا لتيارات دينية متطرفة وأصولية تدعو إلى مناصرة المسلمين الشيشانيين في حربهم ضد روسيا.

عن الكاتب

رابح بوكريش

كاتب جزائري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس