جلال سلمي - خاص ترك برس

أظهرت الأحداث المتعاقبة على الصعيدين الداخلي والخارجي لتركيا، أنه لا تلوح في الأفق أي انفراجة أو نتائج إيجابية لصالحها في الأفق القريب، بل أن ما يلوح في الأفق هو المزيد من المتاعب التي تدفع تركيا إلى إجراء مراجعة جذرية لحساباتها في سياستها المتبعة على كافة الأصعدة، خاصة على صعيد الأزمة السورية، على حد تقييم الخبير الاستراتيجي التركي المُقرب من حزب العدالة والتنمية "علي بيرام أوغلو".

وشدد بيرام أوغلو في مقاله "أهمية مراجعة القرارات" المنشور في صحيفة "يني شفق"، على ضرورة قيام تركيا بإعادة تقييم سياستها المُتبعة حيال سورية، وإجراء تغيير جذري لما يدور في خلدها من أهداف مثالية، مثل محاربة الناتو والغرب لنظام الأسد والقضاء عليه، أصبح تحقيقها ضربًا من الخيال، مشيرًا إلى أن الغرب بات أقرب لنظام الأسد وفي الخندق المحارب للثورة التي تهدف إلى قلب نظام الأسد والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وهذا ما يخالف مبادئ الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على وجه الخصوص، وذلك لأنهما تسعيان إلى استنزاف كافة القوى الفاعلة في سوريا، ونظام الأسد وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي "الإرهابي" وحزب الله ومليشيات إيران المضادة للثورة والمفتتة لسورية هي العناصر التي يمكن لها أن تُسدي هذه الخدمة، أما الثوار فهم ضد أهدافها تمامًا.

وعزى بيرام أوغلو تحول الولايات المتحدة الأمريكية من داعم للثورة إلى مناهض لها إلى عدم دعمها الحقيقي لها أصلًا، حيث قيمت الولايات المتحدة الثورات على أنها ظواهر عابرة، ووجدت أن من الضروري إبراز توائمها معها حتى يهدأ لهيبها، مؤكدًا أنها أظهرت حقيقة موقفها من الثورات العربية بعد أول ثورة مضادة خرجت في مصر، حيث انقلب رئيس الأركان "المؤمن والمقسم على حفظ الأمانة" السيسي على أول رئيس شرعي لمصر "محمد مرسي".

وفيما يتعلق بسياسة تركيا الخارجية تجاه الثورات العربية، يؤكد بيرام أوغلو أن سياسة تركيا الساعية إلى التوافق مع الولايات المتحدة، تبين أن صلاحيتها انتهت منذ يومها الأول، وليس السبب في ذلك؛ سذاجة الساسة الأتراك بل نفاق السياسة الخارجية الأمريكية التي كادت أن تقنع الجميع بأنها تقف بكل ما أوتيت من قوة إلى جانب ثورات الربيع العربي، منوّهًا إلى أن السياسة التركية اتسمت بكم هائل من الإنسانية والمثالية في مطلع ثورات الربيع العربي وخاصة الثورة الأكثر دموية "الثورة السورية"، حيث ظنت تركيا أن الغرب سيطيح بنظام الأسد الدموي الذي ارتكب أعظم جرائم العصر، في مدة زمنية قصيرة، ولكن ألم يلاحظ الساسة الأتراك بعد سنة أو سنتين أو 3 سنوات من انطلاق الثورة السورية أن انتظارهم تدخل الغرب للإطاحة بنظام الأسد قد طال، وأنه على ما يبدو لا أمل، إطلاقًا، في إقدام الغرب على القيام بذلك؟

وأوضح بيرام أوغلو أن تركيا بحاجة إلى سياسة واقعية براغماتية مكيافيلية استراتيجية بعيدة تمام البعد عن الإنسانية والمثالية والخيال، لتحقيق ما ترنو إليه من أهداف في المنطقة، دون السعي لاستمالة الغرب إلى تحرك مشترك، بل من خلال إقامة التحالفات العسكرية القوية ذات النية الحاسمة للتدخل في سورية من كافة الجبهات، لإجبار الآخر على احترامها واحترام خططها، مبينًا أن موازين القوة في سورية ضد المصالح التركية، ولا خيار لتركيا سوى الكشف عن أنيابها ضد القوى التي كشفت عن أنياب قوتها ضدها.

ومن جانبه، أفاد الخبير السياسي "كورتولوش تاييز" أن المسار في سورية، يسير على العكس من طموحات تركيا وخططها، موضحًا أن مهمة تركيا في ظل هذه التطورات السلبية، أصبحت منع تطور هذا المسار، وإن أمكن قلبه رأسًا على عقب، وذلك لا يمكن إلا من خلال استخدام كافة السبل الدبلوماسية والعسكرية الممكنة.

وأضاف تاييز، في مقاله "المسار إلى أين؟"، المنشور في صحيفة "أقشام" أنه إن لم تتم معالجة المسألة في الوقت الحالي، فإن نتائجها السلبية ستتفاقم وتستفحل لتصيب كافة المصالح التركية.

وأشار تاييز إلى أنه يجب على تركيا تحريك الناتو وتوسيع تحالفها العسكري مع الدول المتضررة على غرارها، لإنقاذ الموقف الذي يتجه نحو المزيد من التدهور.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!