برهان الدين دوران - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

منذ وصول حزب الرئيس رجب طيب أردوغان، العدالة والتنمية، إلى سدة الحكم في عام 2002 سعت أحزاب المعارضة بشدة لإزاحته عن السلطة. وبعد 14 عاما لا تزال أحزاب المعارضة غير قادرة على كسر هيمنة العدالة والتنمية التي يرونها مثيرة للقلق وغير مقبولة.

أخفقت المحاولات العديدة لأحزاب المعارضة في إزاحة حكومة العدالة والتنمية على الدوام. وبعد أن فشلت في تحقيق انتصار انتخابي، لجأت أحزاب المعارضة أخيرا إلى اتخاذ إجراءات خارج البرلمان شملت احتجاجات غيزي بارك، ومصادامات عنيفة خلال حصار عين العرب كوباني، ومحاولات الانقلاب في عام 2013 من جانب حركة فتح الله غولن. عندما خسر حزب العدالة والتنمية الأغلبية البرلمانية في في انتخابات حزيران/ يونيو 2015 كانت تلك فرصة تاريخية للمعارضة.

لكن عودة حزب العمال الكردستاني للعنف، وموقف  حزب الحركة القومية الرافض لشراكة محتملة مع حزب الشعوب الديمقراطي الجناح السياسي للبي كي كي، أدى إلى إعادة الانتخابات في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر التي فاز فيها حزب العدالة والتنمية بأغلبية ساحقة. وعلى الرغم من أن حكومة الحزب الواحد أمر جيد للاستقرار، فإنها تعمق أزمات المعارضة الوجودية. إن اليأس من أحزاب المعارضة اليوم يعرض السياسة الديمقراطية للخطر من خلال تأجيج خطابين متطرفين.

أولا تحدث قادة المعارضة عن سفك الدماء وحرب أهلية وشيكة بهدف لي ذراع الحكومة. وخلال الأسابيع الأخيرة أعاد قادة حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي إثارة هذه النقطة مرارا وتكرارا. وقد دعم مطالبهم المعلقون السياسيون المناوئون للحكومة والذين أكدوا على أن الغضب الشعبي ضد العدالة والتنمية يمكن أن يذهب أبعد من احتجاجات غيزي بارك.

أما الخطر الثاني الذي ظهر في الآونة الأخيرة، فيتعلق بفكرة أن تحول تركيا إلى السلطوية كان جزءا من تراجع الديمقراطية في العالم. ويقول أنصار هذا الادعاء أن صعود العنصرية واليمين المتطرف في أوروبا والولايات المتحدة يعكس اتجاها أوسع. واليوم يقول عدد قليل من الناس إنهم سيغادرون، ويحصلون على جنسية دول أخرى.

ولكي أكون واضحا، فإن أنصار الخيار الأول يدعون إلى المقاومة والعنف، مما يختزلهم في مصدر للاستقطاب السياسي. وعلى الرغم من أن الكلمات اللاذعة تعكس غضب النخبة، فإن هذا الخط من التفكير لا يتمتع بدعم القواعد في حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي. يرتبط عدم جدوى هذه الحجة ارتباطا وثيقا بقيادة أردوغان وبقدرة حزب العدالة والتنمية على تغيير الخطاب عن طريق مكافحة الإرهاب، وتفكيك شبكة فتح الله غولن الإرهابية، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتحسين مستوى معيشة المواطن العادي. ستتفتت المعارضة عندما تواجه نجاح الحكومة، وستترك النخب خطاب الكراهية واليأس ملاذا أخيرا لها.

ومع ذلك فإن مشكلة التهديد بمغادرة تركيا هي أنها خيار حفنة من المواطنيين المتعلمين. ومن المثير للسخرية بالتأكيد أن الدول التي اختاروا أن يعيشوا فيها، مثل أوروبا وبريطانيا والولايات المتحدة، اتخذت منعطفا خطيرا ضد المسلمين والعرقيات غير البيضاء. وبعد تفهمنا لهذا الوضع جاءت المعارضة بمقترحين معتدلين: إما تقاسم السلطة السياسية أو تشكيل جبهة معارضة موحدة.

تريد المعارضة من دعوة حزب العدالة والتنمية إلى تقاسم السلطة أن يتصرف أكثر السياسيين الأتراك شعبية مثل راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة في تونس التي أعلنت أخيرا التخلي عن الإسلام السياسي، والتوقف عن المطالب بأن تشكل الديمقراطية الإسلامية التيار الأساسي. هذه هي طريقتهم عندما يقولون إن المزيج الفريد بين الإسلام والعلمانية غير مرغوب فيه.

يري آخرون أن أكبر أحزاب المعارضة يجب أن تشكل جبهة موحدة ضد حكومة حزب العدالة والتنمية بحجة تعزيز الديمقراطية في البلاد. فما هي خطتهم؟  إنها مستوحاة من حرب الاستقلال التركية، حيث يرغبون في عقد اتفاقية طارئة لإيجاد بديل ناجع للحكومة الحالية. من الواضح أنهم أحرار في أن يفعلوا ما يحلو لهم، ولكن قد تكون فكرة جيدة أن نأخذ في الحسبان أن قيادة حزب العدالة والتنمية قد تنتزع هذه الرواية من المعارضة.

تعتمد المقترحات المقدمة من أحزاب المعارضة ببساطة على فرضية أن شيئا غير عادي يحدث في البلاد اليوم، ولكن حجتهم تنطوي على عيب قاتل، لأن حزب العدالة والتنمية يمكن أن يحقق نقاطا أكبر من المعارضة في ظروف استثنائية. على مدى السنوات المقبلة ستعمل أحزاب المعارضة بجد للتوصل إلى طريق جديد في لعب اللعبة السياسية التي برع فيها بوضوح حزب العدالة والتنمية.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس