كورتولوش تاييز – صحيفة أكشام - ترجمة و تحرير ترك برس

هكذا كانت الانقلابات جميعها في التاريخ التركي. ومما يدعو إلى الأسف، هو محاولة تم بواسطتها إضعاف دولتنا، وإيقاف زمام المبادرة بقرارات تتعلق بأمتهم. ولكن خلال تلك الانقلابات لم يقصف مقر رئاسة الجمهورية أو البرلمان، ولم يتم تفجير مركز القوات الخاصة، أو قصف أبنية جهاز الاستخبارت الوطنية برًا وجوًا. بل إن انقلابيي تنظيم فتح الله غولن الذين هاجموا مساء الـ 15 من تموز/ يوليو قد اتبعوا نهجًا مختلفًا جدًا عن الانقلابات السابقة. وذلك بتنفيذهم تحركًا انقلابيًا هو الأكثر غدرًا على الإطلاق في تركيا، مستخدمين الطائرات الحربية والمروحية.

ويعود سبب تنفيذ الانقلابيين المخطط الانقلابي بهذا القدر من الغدر، إلى تسلسل ارتباط تلك المحاولة بالخارج. ولكن احتمال التوصل إلى نتائج من محاولات الانقلاب الخارجية المتسلسلة هذه محدود؛ ولهذا سعى الانقلابيون بإمكانياتهم المحدودة إلى تغطية هذا النقص بزيادة شدة جرعته. وذلك بمحاولتهم الاستيلاء على السلطة التي عجزوا عن أخذها بالتسلسل الهرمي بجلب الطائرات الحربية والمروحية وقصف البرلمان، وإطلاق النيران بالمروحيات على الشعب واستشهاد 161 مواطنًا، وإصابة 1440 آخرين بجروح. في الواقع لم يكن هناك أي عائق على الإطلاق نظريًا يمنع انقلاب فتح الله غولن من بلوغ غايته.

وهل كان الانقلاب لينجح لو استشهد الرئيس أردوغان أو تعرض للاعتقال في مقر إقامته بالفندق، وقيام الانقلابيين باحتجاز رئيس هيئة الأركان العامة وقادة القوات العسكرية، وإظهار مدى صحة قرارهم في إلحاق الأذى بالشعب والدولة من خلال قصف القصر الرئاسي والبرلمان، والتحكم بأعداد كبيرة من الطائرات الحربية التابعة للقوات الجوية؟ وماذا كانت النتيجة لو لم يغادر الرئيس أردوغان مكان إقامته قبل عشر دقائق أو لو لم يتأخر الانقلابيون في مهاجمة الفندق في مرماريس بواسطة مروحيتين؟ هل كان ليفشل الانقلاب آنذاك؟ لأن فشل الانقلابيين في القبض على أردوغان اتضح مغزاه بخروج الشعب إلى الشوارع، ووقوف قوى الأمن وجهاز الاستخبارات الوطنية إلى جانب رئيس الجمهورية والحكومة، وإعلان قادة القوات المسلحة ولاءهم لإرادة الشعب. وبالمقابل لقد نجح الانقلاب بشكل من الأشكال في بلوغ غايته. لأن هذا الشعب وهذه الدولة دفعت الثمن لانقلابيي تنظيم فتح الله غولن من دون شك ولكنه فشل في التحول إلى واقع بالنسبة إلى من عايشه.

وعلى الرغم من فشل محاولة الانقلاب هذه نتيجة عجزهم عن الوصول إلى أردوغان أو إقناع الإدارة العليا لدى هيئة الأركان العامة، لم يمنعهم ذلك من إتمام الحدث المقيت. ولكنه فشل رغماً عن احتجاز أولئك الفاشلين لقادة الجيش ورئيس هيئة الأركان، وعزل الرئيس أردوغان. ولا تزال عملية التطهير مستمرة حاليًا، مع انتهاء الانقلاب. ويعد قرار تطهير الدولة من الداخل سريعًا وبشكل كامل من الانقلابيين سببًا لبقاء أردوغان والحكومة والشعب في الميادين. ومهما بلغ عدد أفراد تنظيم فتح الله غولن في هيئة الأركان والقضاء وبيروقراطية الدولة، سيجري إبعادهم عن مناصبهم وتسليمهم للعدالة. فقد أتاح انقلاب 15 تموز/ يوليو للحكومة فرصة تطهير جذري؛ وستنتهي عملية التطهير هذه بفضل الشعب والحكومة سوية بإذن الله.

عن الكاتب

كورتولوش تاييز

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس