محمود القاعود - خاص ترك برس

لا يمكن لمنصف أن يُنكر دور تركيا حكومة وشعبا في دعم الثورة السورية المباركة، منذ انطلاقتها في 15 آذار/ مارس 2011م وحتى الآن، واحتضانها لملايين اللاجئين ودعمهم، أيضا لا يُمكن إنكار حجم الضغوط التي تعرّضت لها تركيا علي موقفها المساند لحرية الشعب السوري، ومعاقبة الغرب الصليبي لها، وكانت إحدى عقوبات الغرب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز/ يوليو 2016م.

وقد عمدت تركيا عقب محاولة الانقلاب الخسيس، إلى تطبيع علاقاتها مع روسيا وإيران، أهم حليفين لنظام السفاح النصيري بشار الأسد، في محاولة لوقف الزحف الكردي الإرهابي الذي اقترب من تشكيل دويلة محاذية للحدود التركية.

إلا أن الملفت هو تصريح بن علي يلدريم رئيس الوزراء التركي لبعض الصحفيين يوم 20 آب/ أغسطس 2016م، بأن بشار الأسد يمكن أن يكون جزءًا من المرحلة الانتقالية، لكن ليس له أى مستقبل في سوريا.

والواقع أن هذا التحول يبدو مناقضا لموقف تركيا والرئيس رجب طيب أردوغان، الذي أكد مرارا أن علي الطاغية الدموي الأسد أن يرحل ويترك الشعب السوري يُقرر مصيره، وليس من المعقول بعد ست سنوات من الثورة، وخروج 75% من مساحة سوريا من قبضة النصيرية الإجرامية واستشهاد أكثر من مليون وتهجير عشرة ملايين، أن يكون لبشار أي دور... أكان انتقاليا أو حاليا.

إن الموقف الأخلاقي الذي اتخذته تركيا ينبع من مسؤوليتها تجاه الإسلام والمسلمين، وطبيعة الظروف الدولية والإقليمية التي جعلتها تقود العالم الإسلامي الآن، في ظل ضياع مصر والعراق واليمن وليبيا، ولذلك فمهما كانت السياسية وطبيعتها "فن الممكن"، فلا يمكن أن نرى انقلابا على المبادئ التي رسختها تركيا في وجدان المسلمين بالعالم، وسمحت لها بتكوين حاضنة شعبية... حتما ستتبدد حال رؤية الرئيس أردوغان يصافح إرهابيًا عتيدًا مثل بشار الأسد، مهما كانت المبررات.

وفي هذا المقام نذكر ما قاله الشاعر المصري أمل دنقل الذي احتج علي اتفاقية كامب ديفيد بين مصر والكيان الصهيوني:

لا تُصالح على الدم.. حتى بدم!

لا تُصالح!

 ولو قيل رأس برأسٍ

أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟

أقلب الغريب كقلب أخيك؟!

 أعيناه عينا أخيك؟!

 وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك بيدٍ سيفها أثْكَلك؟

سيقولون: جئناك كي تحقن الدم..

جئناك. كن - يا أمير- الحكم

سيقولون: ها نحن أبناء عم.

قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك

واغرس السيفَ في جبهة الصحراء إلى أن يجيب العدم

 إنني كنت لك فارسًا،

وأخًا،

وأبًا،

ومَلِك!

عن الكاتب

محمود القاعود

صحفي وروائي مصري وعضو اتحاد الصحفيين العرب


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس