محمود القاعود - خاص ترك برس

لطالما جاءتني العديد من الرسائل والتعليقات من قِبل النُصيرية والشبيحة وعديمي الأصل والشرف وأنصار الشعوبية المقيتة وأنصاف الجهلاء، تحمل عدة أسئلة استنكارية تتلخص في الآتي: لماذا تكتب عن سوريا؟ هل أنت سوري؟! لماذا تتدخل في الشأن السوري؟! لماذا لا تكتب عن بلدك مصر؟!

وللرد علي هؤلاء  أقول:

أولًا: لو كانوا يؤمنون بالإسلام عقيدة لما قالوا هذا الكلام، فالقرآن الكريم يعلنها بوضوح: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" (الحجرات: 10)، وفي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" (رواه مسلم).

ثانيًا: الثورة السورية هي ثورة الأمة بأسرها في مواجهة أعتى نظام دموي ديكتاتوري في التاريخ، وانتصارها انتصار للمسلمين، وانكسارها – لا قدر الله – انكسار للمسلمين، في شتى بقاع الأرض.

ثالثًا: هل إن وقعت مصيبة بالقاهرة لا أهتم لأني من محافظة أخرى، وبزعم أن أهل القاهرة أولى بالحديث عن مدينتهم؟! هذا هو منطق النصيرية وكلابهم المسعورة.

رابعًا: الشهيد سليمان الحلبي جاء إلى مصر وقتل قائد الحملة الصليبية الفرنسية كليبر، ولم يقل وقتها: أنا سوري ولا دخل لي بمصر!

خامسًا: تعاملي مع الوضع في سوريا والوضع في مصر، كمثل طبيب أمامه حالة تعاني من نزيف حاد سيفضي إلي الموت... وأخرى تعاني من صداع مزمن... فالأولي بالعلاج والاهتمام والرعاية وقف النزيف... وسوريا تنزف منذ ستة أعوام، بينما النصيرية والشبيحة وسدنة الشعوبية يمرحون ويفرحون ويسكرون ويمارسون كل الموبقات، بل يهاجمون من يفضح سيدهم السفاح بشار الأسد ويطالبونه بعدم "التدخل في شؤون بلدهم!" والواقع أن هؤلاء الخونة لا علاقة لهم بسوريا من قريب أو بعيد.

إن الأمة الإسلامية أمة واحدة، مصداقا لقول الله عز وجل: "وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ" (المؤمنون: 52).

الإسلام لا يعرف الحدود ولا التصنيفات ولا القوميات ولا العرقيات... ومعيار قيمة المرء هو درجة إيمانه وعمله للخير والبر والإحسان، مثال ذلك ما يفعله الرئيس رجب طيب أردوغان، عندما يرسل المساعدات لأهل غزة وبورما والصومال... هل المطلوب منه أن يمتنع عن مساعدة هؤلاء الفقراء والمساكين لأنهم ليسوا من الأتراك؟!

أما هل أنا سوري؟ فأقول: نعم أنا سوري وبلدي سوريا... وطالما هناك قلب ينبض، سنناصر هذا الشعب العظيم الذي انتفض ضد الحكم النصيري الدموي، وسنظل نكتب حتى تتطهر سوريا من رجس ودنس هذا النظام وأزلامه من الشعوبيين.

ولله در الشاعر عبد الرحمن العشماوي إذ قال:

إذا اشتـكى مسلم في الهندِ أَرّقَنِـي *** وإنْ بكى مسلم في الصين أبكـــاني

ومِصْرُ رَيحانَتِي والشـامُ نَرْجَسَـــــتي *** وفي الجـــزيرةِ تاريـخـــــي وعُنـواني

وفي العراق أَكُـفّ المَجْــــدِ تَرْفَعُــني *** على كُـــــلّ باغٍ ومـــأفونٍ وخَــــــوّانِ

ويسمعُ اليَمَنُ المحــبوبُ أُغـــــنيـَتي ***  فيســــتـريحُ إلى شَـدْوِي وألحـــاني

ويسْكـُنُ المســـــجدُ الأقصى وقُبّتُـهُ *** في حَبّةِ القلبِ أرعـــــاهُ ويرعـــــاني

أرى بُخـــــارى بلادي وهـــــي نائيـة *** وأستـريحُ إلـى ذكـــــــرى خُراســانِ

شريـعةُ اللـهِ لَمّتْ شَــــــمْلَـنا *** وبَنَتْ لنـــا مَعـــــــالِمَ إحســانٍ وإيمــــــانِ

عن الكاتب

محمود القاعود

صحفي وروائي مصري وعضو اتحاد الصحفيين العرب


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس