فيردا أوزير - حرييت ديلي نيوز - ترجمة وتحرير ترك برس

هل وزارة الدفاع الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية على خلاف؟ وهل تركيا هي المسببة لهذه المواجهة؟

يستمر كل من الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا والقوات المسلحة التركية في تنفيذ عملية عسكرية منذ 10 أيام، وذلك بشكل رئيسي بهدف منع تأسيس ممر كردي في شمال سوريا. ولكن منذ أن رفضت قوات وحدات حماية الشعب الكردي (YPG) العودة إلى الشرق من نهر الفرات، الذي هو خط أحمر بالنسبة لتركيا، فقد وجد الطرفان أنفسهم في صدام مع بعضهما البعض.

وقد نتج عن هذا الصورة الغريبة التالي: حاليًا تشتبك حدات حماية الشعب الكردية - التي تدعمها الولايات المتحدة - مع مجموعة أخرى مدعومة من الولايات المتحدة – الجيش السوري الحر. كما هو معروف، تستمر وزارة الدفاع الأمريكية في دعم القوات الكردية منذ عامين تقريبًا، في حين تستمر وكالة المخابرات المركزية في دعم الجيش السوري الحر، كما تدعمه كل من تركيا والسعودية وقطر منذ المرحلة الأولى للحرب في سوريا.

هذا هو السبب فيما يُقَالُ على نطاق واسع بأن هاتين المؤسستين في الصراع. ولكن هل هذا هو الحال فعلًا؟ الجواب بسيط كما هو السؤال: لا.

أولًا وقبل كل شيء، لا يسعى كل من البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية لسياستين منفصلتين ومستقلتين. حيث يصادق البيت الأبيض على هاتين الرؤيتين الرسميتين والسياسيتين. لذلك لا يمكننا الحديث عن مؤسستين أمريكيتين متواجدتين في خضم الصراع. على العكس من ذلك: ترسم هاتان المؤسستان القدمين المنفصلتين لسياسة الولايات المتحدة في سوريا.

الأهم من ذلك، وفقًا لواشنطن، هاتان المجموعتان ليستا متساويتان. حيث تكون مجموعة مفضلو ولها الأولوية على الأخرى. هذا هو السبب الذي استدعى من الولايات المتحدة إغلاق عينيها عن مواجهتهما.

وتعتبر الولايات المتحدة "قضية سوريا" على أنها مؤلفة من قسمين رئيسيين. القسم الأول هو القسم الشرقي من البلاد الذي يسيطر عليه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، أي الرقة، والمناطق المحيطة بها. القسم الثاني هو ما تبقى من سوريا. في الوقت الراهن، أولوية الولايات المتحدة القصوى هي محاربة داعش، (وبعبارة أخرى الرقة). هذا هو بشكل رئيسي لأن واشنطن تقيم تنظيم داعش باعتباره تهديدًا لأمنها القومي، تماماً كما تنظيم القاعدة في العقد الأول في القرن العشرين (2000). والسبب الثاني هو أن الرئيس باراك أوباما يهدف إلى إكمال رئاسته من خلال ترك إرثًا لهزيمة ساحقة لداعش".

وبسبب ذلك، لا تضمن الولايات المتحدة كل من روسيا وإيران ودول الخليج وتركيا في عملية الرقة. حيث تريد خوض تلك المعركة بنفسها حصرًا.

هدف واشنطن هو هزيمة داعش في سوريا والعراق- (أي الرقة والموصل) – من خلال كل التكاليف، وترى واشنطن وحدات حماية الشعب باعتبارها القوة المقاتلة الرئيسية التي تحقق هذا الهدف. وباختصار، فإن المعادلة أبسط: أولوية الولايات المتحدة القصوى هي داعش، بعبارة أخرى الرقة، وهذا يعني دعم وحدات حماية الشعب YPG.

باقي سوريا هي أمر ثانوي - على عكس الرقة – وليس مسألة عسكرية، بل مسألة سياسية. وتعتبر واشنطن هذه المساحة كعملية سياسية، من خلالها سيجلس كل من روسيا وإيران ودول الخليج وتركيا ونظام الأسد ومجموعات المعارضة والأكراد حول الطاولة بهدف اقتسامها.

حتى في عيون واشنطن، الجيش السوري الحر هو جزء من هذه العملية السياسية، ويكون بشكل رئيسي لاعبًا سياسيًا يشارك في محادثات جنيف. لأن هذا القسم من سوريا ليس من أولوية الولايات المتحدة على الإطلاق، تكون واشنطن أيضاً مرتاحة بتدخل الدول الأخرى.

يقول بسام بربندي - وهو دبلوماسي سوري سابق في واشنطن منذ عام 2013، يواصل عمله في الضغط من أجل ما يسمى مجموعات المعارضة "المعتدلة"، بما في ذلك الجيش السوري الحر - تعطي الولايات المتحدة الجيش السوري الحر "فقط ما يكفي من الدعم من أجل البقاء". لماذا تريد أمريكا من الجيش السوري الحر البقاء، السبب بسيط: لا تستطيع الولايات المتحدة تحمل غضب تركيا وحلفائها الخليجيين خلال هذه الحرب. بالإضافة إلى أنها تعلم أن الجيش السوري الحر يتوافق أيضا مع صورة سوريا الجديدة.

أما بالنسبة لوحدات حماية الشعب، تدعمها واشنطن للدرجة التي يمكنها فيها هزيمة داعش في الرقة.

وفقا لبربندي، لم يتلق الجيش السوري الحر أي مساعدات من الولايات المتحدة خلال عملية تركيا في جرابلس. وبحسب قوله "ستستمر هذه العملية طالما تركيا تدعم الجيش الحر. لا يتلقى الجيش السوري الحر أي دعم من الولايات المتحدة أو المملكة العربية السعودية أو قطر في هذه العملية. وتركيا هي فقط من تدعمه".

يؤكد بربندي أن واشنطن غير راضية عن عملية جرابلس، كما أنها خلقت جبهة أخرى لوحدات حماية الشعب من خلال وضعها في مواجهة مع تركيا والجيش السوري الحر. حيث تريد الولايات المتحدة من القوات الكردية حفظ مواردها لعملية الرقة الرئيسية، التي – كما تخشى أمريكا الآن - قد يتم تأجيلها بسبب الاشتباكات الحالية.

عن الكاتب

فيردا أوزير

كاتبة صحفية تركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس