ميتي يرار – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس

هناك سؤال يتداوله الجميع في الفترات الأخيرة، هل سينسحب حزب الاتحاد الديمقراطي إلى شرق الفرات؟ يحتوي هذا السؤال خطأ فنيا في مضمونه، في الواقع أجاب رئيس الوزراء على هذا السؤال بشكل واضح وحدد انسحاب حزب الاتحاد الديمقراطي  إلى شرق الفرات كهدف أول له. قائلا" لن نسمح لأية منظمة إرهابية أن تتآوى في منطقتنا". ومن الواضح أن هذا الخطاب يشير إلى ما سيحدث في الأيام القادمة.

هناك مزاعم طرحتها أمريكا قبل عدة أعوام, أي في الفترات التي كانت تتدخل فيها في الشؤون الداخلية لدول عديدة مثل كولومبيا,  بنما، ودول أمريكا الوسطى والجنوبية. حيث كانت تعني هذه المزاعم عدم رغبة أمريكا بوجود دول أو حكومات مضطربة إلى جوارها. لتجنب سوء الفهم, أمريكا لم تطرح هذه المزاعم لأنها تفكر بـ "المكسيك" التي تقع إلى جوارها تماماً، إنما لتفكيرها بالدول التي تبعد عنها آلاف الكيلومترات، والتي لا تملك حدودا مجاورة لها أيضاً. تركيا, تعبر عن حزب الاتحاد الديمقراطي المرتبط بـ "بي كي كي" بالتعبير نفسه. ولكن الأسباب في هذه المرة ملائمة أكثر من التي سبقت بكثير. حيث قالت "لن نسمج بتواجد مجموعات متورطة بالإرهاب أو مصدرة له في منطقتنا"، وتجدر الإشارة إلى أن هذا الخطاب لا يشمل على أي انتقاءات عرقية أو طائفية أو اجتماعية في محتواه.

اليوم نتحدث عن منبج، ونقوم بالتقييمات على أساسها. في الواقع, تتخذ تركيا التدابير اللازمة في عدة نقاط لإفشال مشروع يُخطّط تنفيذه على حدودها. فبينما تحاول تركيا إجبار حزب الاتحاد الديمقراطي على الانسحاب إلى شرق الفرات, تعلن أيضاً عن عدم سماحها لـ "بي كي كي" بالحصول على مكاسب جديدة في جبال سنجار، لذلك هناك احتمال أن نشاهد تطورين مفاجئين خلال الشهر القادم، الأول هو حزب الاتحاد الديمقراطي المجبر على الانسحاب إلى شرق الفرات، والثاني هو إفشال عمليات بي كي كي في جبال سنجار.

تحدثنا في الأمس عن الانتقال من مرحلة المنطقة الآمنة إلى مرحلة المنطقة الخالية من المشاكل، لن تسمح تركيا بوجود أي مجموعات مرتبطة بالإرهاب, أو تتسبب بمشاكل لها قرب حدودها. بدأ هذا المشروع في منبج، حيث أدى إصرار وبقاء القوات المسلحة التركية إلى بعض الانسحابات في المنطقة، هذا وسوف يحتجون على هذه النتائج بالتأكيد. لكن يجب أن نأخذ أهمية معرفة المجموعات والعناصر المنسحبة بعين الاعتبار أيضاً. الانسحاب الأول جاء من القوات الفرنسية, البريطانية و الأمريكية والتي تستخدم حزب الاتحاد الديمقراطي كقوة أرضية لها في ساحة المعركة. حيث تغادر هذه المجموعات المناطق التي تعطي تركيا إحداثياتها لإفراغها. تقوم تركيا بإعطاء المعلومات عن المناطق التي ستنفذ فيها عملياتها, ثم تطالب قوات التحالف بمغادرة المنطقة المستهدفة خلال مدة محددة.

سيكون هناك من ينتقد إعطاء المعلومات بهذه الطريقة خلال العملية ويظن أن تركيا توضّح أنها ستنفذ عملية ضد حزب الاتحاد الديمقراطي، لكن الأمر مختلف، الهدف الأساسي, هو إخراج قوات حزب الاتحاد الديمقراطي من منبج، لكن في الوقت نفسه, يجب على تركيا ألا تنخدع في بعض الأمور، علينا ألا ننسى أنه يتوجب على تركيا إبلاغ القوات الخاصة المنسوبة إلى التحالف والموجودة ضمن حزب الاتحاد الديمقراطي بالعمليات قبل البدء بها. الفخ الذي يُراد إيقاع تركيا فيه, سيكون موت عناصر من القوات الخاصة التابعة للتحالف خلال العمليات التي تقوم بها تركيا. وتركيا لا تريد الوقوع في هذا الفخ، إذ تسعى إلى تفعيل برنامج إغاثة خاص بها بسبب التجربة التي عاشتها في العراق والمؤامرات التي تعرضت لها.

اليوم نحن نتحدث عن منطقة الباب، ونواصل نقاشاتنا على أساسها، لكن المعركة الأساسية ستبدأ في مرحلة منطقة الباب وما بعدها، حيث لم يكن يتوقع أحد هذا النجاح من قبل القوات المسلحة التركية نظراً إلى تقدم موقع حزب الاتحاد الديمقراطي. إذ كانت التوقعات تتمحور بأن تركيا ستتجه نحو الداخل ومن ثم ستهزم على يد داعش لتنسحب بعد ذلك من المنطقة، وليستمر حزب الاتحاد الديمقراطي في مسيره ونشاطه. لكن القوات المسلحة التركية قامت بعدة خطوات عند بداية العملية لمنع إعاقتها، حيث أوقفت المشروع المخطط له في المنطقة من خلال محاصرة منطقة الباب، وما تزال المعلومات الاستخباراتية حول انسحاب القوات الخاصة التابعة لأمريكا وفرنسا وبريطانيا تدريجياً من المنطقة ترد إلى تركيا. سيؤدي هذا الانسحاب إلى فتح سيل التقدم أمام القوات المسلحة التركية في الفترات المقبلة.

لن تتمكن تركيا من حل مشاكلها الداخلية في حال لم تعمل على إخلاء المناطق المجاورة لها من المشاكل، ومن الخطأ أن يظن أحدهم أن السياسات الداخلية والخارجية منفصلة عن بعضها، إذ بدأت تركيا بمنع محاولات بي كي كي لمحاصرة تركيا من خلال العمليات الوقائية في كل من الداخل التركي وسورية والعراق.

يجب على تركيا الاهتمام ببناء سياسة وطنية خاصة بها وعدم التخلي عنها، القضية هي الحفاظ على الموقف المستقر في كل من الداخل والخارج. 

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس