نوري أليبول - صحيفة تركيا - ترجمة وتحرير ترك برس

أجرينا خلال الأيام الماضية حوارًا مع دبلوماسي محنك رفيع المستوى، ومطلع على العلاقات التركية - الإيرانية والتركية - الشرق أوسطية حول التطورات المتعلقة بإيران.

ولكن دعونا نذكر أولًا بالتصريحات التي أصدرها الرئيس أردوغان خلال زيارته إلى البحرين: "يرغب البعض بتقسيم العراق وسوريا. بالإضافة إلى وجود نزعة قومية فارسية في العراق وسوريا. ينبغي علينا التصدي لها وتجنب تلك الممارسات. كما لن نقف مكتوفي الأيدي أمام الظلم الحاصل هناك".

وأعقب ذلك توجيه وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو رسالة أكثر وضوحًا بهذا الشأن خلال قمة ميونخ مفادها: "تسعى إيران إلى إقامة دول شيعية في العراق وسوريا. وهو أمر بالغ الخطورة. ولا بد من وضع حد لهذا التوجه". وردًا على ذلك أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية على أن لصبر إيران حدود إزاء سياسات تركيا. كما استدعت الخارجية الإيرانية، السفير التركي في طهران احتجاجًا على تلك التصريحات.

مما يدل على وجود حالة من الغليان المخفي طيلة السنتين الماضيتين. ولكن ما الذي جرى حتى وصلت بنا الأمور إلى هذا الحد مع إيران التي دعمنا برنامجها النووي لاستخدامه في أغراض سلمية، وانتقدنا الحظر المفروض عليها من قبل الغرب؛ ودافعنا عنها ضد إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، كما دعمنا بصدق وأمانة اتفاقها مع الغرب بشأن الطاقة النووية؟

وفي هذا السياق أشار صديقي الدبلوماسي إلى سعي إيران إلى السيطرة على العراق أولًا ثم سوريا واليمن باستغلالها خطر داعش الناشئ في تلك البلدان. وتحكم إيران بشؤون العراق من خلف الكواليس عبر ربط حكومة المالكي المعروف بميوله الطائفية بها تقريبًا. كما تحدث عن الموقف العدائي الذي اتّبعه المالكي بإيحاء من إيران ومن ثم موقف سلطات العبادي ضد تركيا وكذلك العمق الذي بلغته العلاقات التركية – العراقية بإيحاء من إيران أيضًا حتى زيارة رئيس الوزراء يلدريم. فضلًا عن إفساح إدارة أوباما المجال واسعًا أمام إيران في العراق أولًا ثم سوريا بحجة محاربة داعش التي استولت على الموصل وجزء من العراق. وبناء عليه بدأت الحكومة الإيرانية بالتقدم سريعًا والتوسع والاستقرار في العراق وسوريا واليمن مستغلة الحرب على داعش ومعتمدة على الاتفاق النووي الذي عقدته مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب. وبخاصة في المناطق التي أخذتها من داعش في سوريا والعراق. والاستحواذ على حكومتي الأسد وبغداد في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها تحت مسمى "الدعم غير المحدود".

في وقت تحظى فيه حكومة بغداد بدعم سياسي ومالي وعسكري غير محدود من الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وتتعاون مع طهران من جهة أخرى. كما تحدث الدبلوماسي مشيرًا إلى ذلك التناقض عن "تحذير إدارة ترامب الحكومة المركزية العراقية مستقبلًا بشأن الموضوع الإيراني عقب تحرير الموصل من قبضة داعش. ومن ثم لجوء الولايات المتحدة إلى إبقاف دعمها السياسي والاقتصادي والعسكري بالكامل إلى حكومة بغداد الخاضعة لسيطرة أولئك المتعاملين مع إيران بأسلوب سيفهومنه. وهو طرح سيلقى دعمًا من تركيا".

وأشار الدبلوماسي إلى تحايل إيران على تركيا في العراق وسوريا، واتخاذها خطوات لا تراعي حسن الجوار بهدف القضاء على التأثير التركي، وانفعالها وتجاوزها للحدود. هذا وقد فسر المسؤول ذلك مذكرًا بدعم تركيا لإيران الدولة الجارة التي ترتبط معها بروابط تاريخية وثقافية متحدية العالم أجمع، والثمن الذي دفعته لقاء ذلك مع الزمن بالرغم مما فعلته إيران بالقول: "خلال السنتين أو الثلاث سنوات الأخيرتين تعمد إيران إلى اتخاذ خطوات وتنفيذ إجراءات لا تراعي حسن الجوار والصداقة، والتي أدمت الضمائر في سوريا والعراق. إضافة إلى تحريض سلطات بغداد علينا. والتحكم بشؤون العراق تقريبًا. فضلًا عن الجرائم التي ترتكبها الميليشيات الشيعية التي جلبتها من الخارج في سوريا حاليًا، وظلمها للشعب السوري".

هذا وقد تبنى مجلس الأمن قرارًا صنف فيه "المقاتلين السنة" القادمين من خارج سوريا والملتحقين بصفوف داعش وجبهة النصرة بالإرهابيين. وبالتالي ألا ينبغي تصنيف "الميليشيات الشيعية" التي تجلبها إيران إلى سوريا والعراق على نحو أقل بالإرهابيين أيضًا؟

بالطبع لا بد من القيام بذلك وبأقصى سرعة ممكنة من أجل إيقاف التوسع الإيراني. وفي هذا الإطار من واجب الولايات المتحدة الأمريكية القيام بالمبادرة بهذا الموضوع وإدراج الميليشيات الشيعية القادمة من خارج سوريا والعراق على لائحة الإرهاب كما فعلت مع بقية المقاتلين الأجانب.

ولهذا السبب نفكر تركيا بالتعاون مع الجميع بهدف عرقلة التوسع المذهبي الإيراني. وتأكيد تركيا على استعدادها لدعم الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الخصوص. باختصار هناك طريقان سريعان لعرقلة التوسع المذهبي الإيراني في الشرق الأوسط. الأول تصنيف الميليشيات الشيعية كإرهابيين، والثاني تخليص حكومتي دمشق وبغداد من قبضة إيران. ولهذا ينبغي التعاون بين تركيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج. وبالرغم من دعم تركيا علاقات حسن الجوار مع إيران المهيمنة ضمن حدودها الخاصة. ولكنها تعارض  مخططات إيران الأخرى الساعية إلى نشر التشيع والسيطرة على العراق وسوريا من خلال تجاوز حدودها.

عن الكاتب

نوري أليبول

كاتب في صحيفة تركيا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس