نوري أليبول - صحيفة تركيا - ترجمة وتحرير ترك برس

لم يكن أحد يعترف بوجود تنظيمي الاتحاد الديموقراطي ووحدات حماية الشعب (أجنحة تنظيم العمال الكردستاني في سورية)، حتى أنه لم تكن لهم أي نشاطات في المنطقة على الإطلاق، إلى أن بدأ تنظيم داعش باحتلال الموصل ومناطق من الشمال السوري عندها بدأت نشاطات التنظيمين السابقين بالظهور.

وفي هذا السياق أنقل لكم مقولة من مصدر أمريكي: "لقد لمع نجم تنظيمي "بي ي دي، وي بي غي" بسبب موقفكم السلبي فلو قمتم بعملية درع الفرات في ذلك الوقت عندما هاجم داعش مدينة الموصل وتقدم في الشمال السوري ما كنتم لتسمعوا أبدا باسم هذين التنظيمين".

حسب الادعاءات فإن أمريكا أرادت من تركيا محاربة داعش بريا مؤمنة لها غطاء جوي تابع للتحالف بعد هجوم داعش على الموصل وبدئه بالسيطرة على مناطق في الشمال السوري مقتربا من الحدود التركية، فقد اقترحت الحكومة التركية آنذاك بضرورة بدء عمليات عسكرية برية في شمالي العراق والشمال السوري بقوات برية مشكلة من الجيش السوري الحر وقوات البشمركة والقوات التركمانية مدعومة من الجيش التركي تحت غطاء جوي دولي، لكن هذا الاقتراح لاقى رفضا من رئيس الأركان السابق "نجدت أوزيل"، متذرعا بمبررات تتعلق بالقانون الدولي والسياسة الدولية، والآن يستند الأمريكان على هذه الحجج ليقولوا ما يلي:

"لو أنكم وافقتكم في ذلك الوقت على قتال داعش في العراق وسورية لم نكن لنحتاج تنظيمي "بي ي دي، وي غي بي"، ولكانت للقوات التركية والجيش الحر وقوات البشمركة قوى رئيسية متمركزة في كلا البلدين، لكن أمريكا اضطرت لاستخدام تنظيمي "بي ي دي، وي غي بي" لمحاربة تنظيم داعش بريا فدربتهم ودعمتهم بالسلاح، فلم يبقى لها غير هذا الخيار".

باختصار، لو أن موقف القيادة العسكرية كان إيجابيا ووافق على بدء عملية درع الفرات عندما سيطر داعش على مدينة الموصل لكان اليوم تنظيما "بي ي دي، وي غي بي" من أثر الماضي، ولتشكلت المنطقة الآمنة بسهولة وما كان ليكون هذا الكم الهائل من اللاجئين.

في ذلك اليوم أخطأ رئيس الأركان بقراره متأثرا بجنرالات تنظيم غولن.

لم تكن زيارة رئيس الاستخبارات الأمريكية الأسبوع الماضي لأنقرة زيارة عادية، لأنها لو كانت كذلك لم يكن رئيس الاستخبارات الأمريكية ليزور الرئيس أردوغان.

جاء رئيس الاستخبارات بتعليمات من الرئيس الأمريكي ترامب من أجل الاستماع إلى المقترحات التركية بخصوص المواضيع التي تخص المنطقة والعالم، أي أنه جاء ممثلا عن ترامب.

وقبل أن يجتمع رئيس الاستخبارات الأمريكي بنظيره رئيس الاستخبارات التركية، جمع معلومات من طاقمه بخصوص مواضيع تنظيم غولن وسورية وداعش والعراق وإيران، وبعدها قابل الرئيس أردوغان وأنصت إليه وإلى مقترحاته بحساسية وسجّل ملاحظاته وعاد.

في ضوء كل هذه المعلومات والمعطيات ستتشكل خارطة طريق جديدة للسياسة الأمريكية بعد شهرين.

وعلى حد علمي، كان لقاء رئيس الاستخبارات الأمريكية بالرئيس أردوغان على المستوى الاستراتيجي وحضره رئيس الأركان ومستشار الاستخبارات التركيان.

أرادت أنقرة بعقد هذه المباحثات عرض المشاكل التي عانتها من إدارة أوباما وتطلعاتها المرتقبة من الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب.

والجدير بالذكر أن رئيس الاستخبارات الأمريكية الجديد هو الشخص الأكثر موثوقية والأذكى في طاقم ترامب، فقد جمع كل شيء يتعلق بكل المواضيع.

يقول المحللون بأن مواقف دول المنطقة قد تغيرت تجاه تركيا عقب عملية درع الفرات، وحسب مصادر موثوقة يقال: إن أردوغان إن زود ترامب بملفات ودلائل قوية حول موضوع تنظيم غولن فإنه سيحصل على نتائج إيجابية، وفي أقل تقدير إن لم تتم إعادة غولن إلى تركيا فسيتم نفيه خارج البلاد.

ووفقا لنفس المصدر: "إن تمت إعادة غولن فإن ذلك يعود لعلاقات أردوغان الشخصية مع ترامب"، وإن لم تتم إعادته فإن احتمال نفيه إلى الخارج يظل قويًا.

أما فيما يتعلق بمسألة الدعم الأمريكي لتنظيمي "بي ي دي، وي غي بي"، فإن المصدر يقول: إذا قام أردوغان بوضع خارطة طريق كاملة متكاملة وبديلة حول حربه ضد داعش في سورية والعراق، فإن أمريكا ستتخلى يوما بعد يوم عن التنظيمين السابقين، وعلى تركيا أن تثبت لأمريكا أنها ليست بحاجة لهما، وإذا استطاعت تركيا إقناع ترامب بالتخلي عن تنظيم وحدات حماية الشعب في عملية الرقة فإن نجم تنظيم "ي بي غي" سوف يخفت ويزول، و يمكن لتركيا أن تقوم بعملية الرقة بالتعاون مع الجيش الحر وقوى سورية الديموقراطية.

سيؤدي نجاح عملية الرقة إلى تشكيل منطقة حظر جوي وبالتالي عودة اللاجئين إلى مناطقهم، وهذا ما أشار إليه الرئيس أردوغان عند حديثه عن ما بعد عملية الباب، وتريد تركيا فعل ما تم فعله في جرابلس في الرقة وشمال سورية ولذلك فهي تقنع أمريكا بهذا الخصوص.

يعد بقاء المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمكافحة داعش الذي عينه أوباما (بريت ماكغورك)، في إدارة ترامب أمرًا غير مبشر، فماضيه كان سيئًا، فقد كان في السابق مقربا من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وكان يفضل التعامل مع الشيعة في العراق و يفضل تنظيمي "بي ي دي، وي بي غي".

بدأت تصلنا أخبار فرار داعش من الباب، ويوجد في المدينة 10 آلاف مدني قسم منهم من عوائل داعش، وحرصا على عدم وقوع ضحايا من المدنيين فالقوات التركية تتقدم ببطء لكن سقوط الباب تحت سيطرة تركيا بات قاب قوسين أو أدنى.

الانطباع الذي خلّفته زيارة رئيس الاستخبارات الأمريكية هو أن لأمريكا أولويتين في الشرق الأوسط هما:

الأولوية الأولى هي محاربة داعش والثانية إيران.

فبالنسبة إلى الأولى يمكننا التحرك بشكل مشترك في مكافحة داعش، وأما بالنسبة إلى الثانية فإن تركيا لا تنزعج من العمل على إيقاف التمدد الإيراني في الشرق الأوسط، لكنها لا تريد محاربة إيران أو فرض عقوبات على شعبها.

الخلاصة هي أن عهد ترامب لن يكون سهلا أبدا لكن هناك تنبؤات تبشر بعودة العلاقات الأمريكية- التركية لسابق عهدها.

عن الكاتب

نوري أليبول

كاتب في صحيفة تركيا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس