ترك برس

16 أبريل/نيسان هو الموعد المحدد لاستفتاء الشعبي الذي سيحظى الشعب عبره بفرصة للتصويت على 18 مادة دستورية تم تعديلها في إطار مشاورات جرت بين حزبي العدالة والتنمية "الحزب التركي الحاكم" والحركة القومية "أحد أحزاب المعارضة"، وفيما يرى الحزبان اللذان أعدّا المواد الدستورية أن تغيير شكل نظام الحكم بما يسمح بتشديد عملية الرقابة على مؤسسات الدولة من خلال ربطها بشكل عضوي ومباشر بمؤسسة الرئاسة أمر ضروري، يقف حزبا الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي في جناح المعارضين لهذه التعديلات، مدعين بأنها تعديلات لا تخدم العملية الديمقراطية والتمثيل الكامل للشعب التركي.

وفي ضوء اشتعال وسائل الإعلام التركية بالحملات الانتخابية المضادة لبعضها، ما هي مواقف أحزاب المعارضة التركية من التعديلات الدستورية، وكيف يبرر كل حزب موقفه من تلك التعديلات؟

حزب الشعب الجمهوري

يُعتبر حزب الشعب الجمهوري ذو التوجه العلماني الحزب المعارض الأول في تركيا، ويتسم موقفه بالاعتراض الشديد على التعديلات الدستورية التي يرى أنها تُعزز "لسلطوية" وحكم الفرد أو الحزب الواحد في تركيا.

وبرر حزب الشعب الجمهوري موقفه من الاعتراض على التعديلات الدستورية من خلال نشرة تم إعدادها من قبل النائب عن حزب الشعب الجمهوري والعضو في لجنة الدستور التابعة للبرلمان التركي، وقد تم توزيع النشرة على المواطنين لإقناعهم بعدم التصويت لصالح تلك التعديلات.

وبالاطلاع على النشرة، يُلاحظ أن حزب الشعب الجمهوري يبرر موقفه المعارضة للتعديلات الدستورية على النحو التالي:

ـ انعدام مبدأ "فصل السلطات"؛ التعديلات الدستورية الجديدة تمنح الرئيس اتخاذ قرارات وإعلان حالة الطوارئ وحتى الدخول إلى الحرب دون الرجوع إلى البرلمان، وهنا يظهر أن السلطتين التشريعية والتنفيذية أصبحت في يد الرئيس دون أي صلاحية للبرلمان في إجراء دوره الرقابي.

ـ إلغاء الديمقراطية والحكم الجمهوري والانتقال إلى حكم الرجل أو الحزب الواحد السلطوي، فالجمهورية تعني تمثيل البرلمان لكافة الشعب، ولكن في النظام الجديد هذا الأمر غير موجود.

ـ الإرادة الشعبية لا تتجلى فقط في اختيار شخص الرئيس، بل تتمثل في ضرورة وجود تعددية سياسية تدير البلاد بشكل مشترك وليس من خلال شخص أو حزب واحد.

ـ عدم وجود آلية لموازنة ومراقبة البرلمان قرارات رئيس الجمهورية.

ـ منح الشخص الواحد فرصة السيطرة على المؤسسة الرئاسية والبرلمان من خلال السماح له بقيادة الحزب السياسي الذي سيترشح من خلاله للرئاسة، فستصبح الحملة الانتخابية للرئاسة والبرلمان تُقاد من قبل شخص واحد، ولا شك في أن فوز ذلك الشخص بالرئاسة سيعني فوز حزبه بنسبة كبيرة في البرلمان، الأمر الذي يجعله مهيمن على أهم مؤسستين في الدولة.

ـ سطو الرئيس وحزبه على لجنة القضاة والنواب العامين العليا التي يبلغ عدد أعضائها 13 عضو، فطبقاً للتعديلات الدستورية يختار الرئيس 6 من أعضائها "سيكون من ضمن هؤلاء الأعضاء وزير العدل ومستشاره الأول"،  ويختار البرلمان الذي يسيطر عليه حزب الرئيس السبعة أعضاء الأخرين، وبالنسبة للمحكمة الدستورية العليا يختار الرئيس 12 عضو من أعضائها البالغ عددهم 15 عضو، وباقي الأعضاء من قبل البرلمان الذي سيكون حزب الرئيس مهيمن عليه.

حزب الحركة القومية

يختلف حزب الحركة القومية مع حزب الشعب الجمهوري، ويرى أن مساندة هذه التعديلات كانت ضرورية لزيادة قوة وصلابة تركيا على الصعيدين الداخلي والخارجي، ولإضافة البيان على موقف حزبه، صرح أمين سر حزب الحركة القومية "عصمت بويوك أتامان"، في كلمته خلال جلسة البرلمان المنعقدة في 16 أيلول/ ديسمبر 2016، بأن المجتمع التركي بات بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد يؤهله لمواكبة التغيرات الجذرية والسريعة الحاصلة على الساحة الدولية في جميع المجالات، مبيناً أن الأزمات المتتالية على تركيا، وبالأخص محاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت في 15 تموز/ يوليو، أكّدت على أن تركيا بحاجة ماسة لنظام حكم متماسك بشكل عضوي، ويبدو أن النظام الرئاسي هو الأنسب في الوقت الحالي.

وفي لقائه مع موقع "أن سون خبر" التركي، نوّه زعيم الحزب "دولت باهجلي" إلى أن تأييد حزبه للدستور نابعٌ من اقتناع الحزب بضرورة ربط أجهزة الدولة بمؤسسة تنفيذية قوّية قادرة على ضبط عمل هذه الأجهزة ومراقبتها، مستطرداً أن الشعب التركي ضجر من الميزة البيروقراطية لعملية اتخاذ القرار التي تتم عبر البرلمان، والتي عادةً ما تُعرض تركيا للكثير من المعضلات.

حزب الشعوب الديمقراطي

راهن حزب الشعوب الديمقراطي خلال الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات البرلمانية التي جرت في 7 حزيران/ يونيو 2015، رئيس الجمهورية "رجب طيب أردوغان" بعدم تمكينه من تحويل نظام الحكم إلى نظام رئاسي مطلقًا تحت شعار: "لن نجعلك رئيسًا"، وبالرغم من كسبه الرهان في تلك العملية الانتخابية، لم يستطع الحفاظ عليها خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام نفسه.

ويبرر الناطق باسم الحزب "أيهان بيلجان" معارضة حزبه للتعديلات الدستورية بالتأكيد على أن وجود نظام رئاسي حزبي ينفي حق الأقليات التركية في التمثيل المؤثر في عملية اتخاذ القرار التي تتم عبر البرلمان، موضحًا أن التعديلات الدستورية تفتقد لآلية محاسبة ومراقبة قادرة على موازنة القوة الممنوحة لرئيس الجمهورية، والتي تحيله للتفرد بعملية اتخاذ القرار.

ويضيف مشيرًا إلى أن حزبه سيتكاتف مع حزب الشعب الجمهوري لاقناع الشعب بالابتعاد عن التصويت لصالح هذه التعديلات التي ترسخ الانقسام والسلطوية على حدة تعبيره.

وفي طور الاستعداد لإجراء الاستفتاء الشعبي، تحتدم الحملات الانتخابية الحزبية المتضادة، وتبقى كلمة الفصل في قبول التعديلات أو رفضها في جعبة الشعب الذي سيحدد ذلك في 16 نيسان/ أبريل.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!