محمود القاعود - خاص ترك برس

في العام 1916م ومع بدايات أفول الدولة العثمانية ، اتفقت بريطانيا وفرنسا علي تقاسم البلاد المسلمة .. فيما عُرف باتفاقية سايكس – بيكو التي لا زلنا نعاني من آثارها الإجرامية حتى يومنا هذا ..

منذ هذا التاريخ ومخططات التقسيم تجري علي قدمٍ وساق ، لمنع أي مشروع وحدوي بين المسلمين ، تارة بإثارة النعرات والعرقيات والقوميات والإثنيات ، وأخري بالطواغيت العملاء الذين يحكمون البلاد .. وثالثة بالتدخل العسكري المباشر كما في اليمن وأفغانستان والصومال والعراق .

ولعله من نافلة القول أن تقسيم العراق كان أهم الأسباب التي دفعت أمريكا لغزوه مباشره وقتل أكثر من مليون عراقي ، ودعم الميليشيات الشيعية السيكوباتية التي تمارس التطهير العرقي ضد المسلمين السنة وتسلخ جلودهم وتحرق عظامهم ، حتى صرنا أمام الواقع المرير .. عراق يُسيطر على غالبيته الشيعة وإقليم يمتلك كل مقومات الدولة بدعم غربي غير محدود .

ومن هنا أعلنت كردستان تنظيم استفتاء لإعلان الاستقلال عن العراق ، في ظرف غير مسبوق .. يتمثل في انهيار معظم البلاد الإسلامية وتفككها .. ودعم أوروبي أمريكي هائل يُشبه ما حدث في جنوب السودان التي صارت دولة برعاية ودعم أوروبي – إسرائيلي – أمريكي .

تتطابق ظروف وعوامل اختراع دولة جنوب السودان مع حالة اختراع دولة كردستان ، بنفس الرعاية الغربية التي تسير علي نهج سايكس وبيكو .

كانت جنوب السودان ذاتية الحكم منذ العام 1972م ، ثم سرعان ما نشبت الحرب الأهلية عام 1983م  التي استمرت حتى إعلان اتفاق سلام مع شمال السودان عام 2005م ليكون الطريق ممهدا لاستفتاء على الانفصال ، الذي حدث بالفعل في عام 2011م بعد أن صوت 98 % من سكان جنوب السودان بنعم للانفصال وتأسيس دولة جنوب السودان .

ومن اليسير معرفة نتيجة الاستفتاء في 25 سبتمبر 2017 .. فنسبة ساحقة من سكان كردستان ستصوت للانفصال عن العراق .. لا سيما وهذه الدولة ستكون نواة لـ " كردستان الكبري " التي يروج لها المتطرفون الأكراد وتشمل أكراد سوريا والعراق وتركيا .

التعويل علي الغرب في شأن منع كردستان من الاستقلال هو قمة العبث .. ذلك أن كردستان ما كانت لتخطو أي خطوة في هذا المضمار وتسريع وتيرته إلا بضوء أخضر غربي .

الغرب الآن يسعى بكل طريقة لعرقلة المارد التركي الذي ينفض غبار التبعية ، ويطمح لتوحيد البلاد المسلمة التي قسمها سايكس وبيكو .. ومن أجل ذلك .. ساعد – الغرب – بشار الأسد لنقل المعركة للعمق التركي .. ولما فشلت الخطة .. لجأوا لمخلب القط " دولة كردستان الكبري " لتفتيت الجمهورية التركية وإثارة النعرات بين شعبها .

كيف تتصرف تركيا إزاء هذه التطورات الخطيرة ؟ الإجابة في مقال آخر .

عن الكاتب

محمود القاعود

صحفي وروائي مصري وعضو اتحاد الصحفيين العرب


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس