ترك برس

بينما توقعت أطراف سياسية عراقية أن تتوسع فكرة الانفصال عن بغداد أسوة بسعي إقليم كردستان، استبعدت أطراف أخرى إمكانية تكرار هذا المسعى، واعتبروه أمرا صعب التنفيذ ضمن واقع المجتمع العراقي المختلط عرقيا ومذهبيا.

ورأى رئيس الجبهة التركمانية النائب أرشد الصالحي أن استفتاء الأكراد سيفتح شهية الآخرين من أجل المطالبة بإقامة لأقاليم تضمهم خارج سيطرة الحكومة المركزية، وذلك خلال حديثه لشبكة "الجزيرة" القطرية.

وأضاف: "عندما تتفتت الدولة يسعى الآخرون إلى ضمان مصالحهم، وهذا يشمل الجميع سنة وشيعة وتركمانا، ولا ينحصر في أقلية دون أخرى"، معترفًا بوجود مشروع لتقسيم العراق إلى دويلات ذات بعد إثني وطائفي، الأمر الذي سيؤدي إلى عواقب وخيمة.

وطالب الصالحي الأكراد "بضرورة العودة إلى الحوار كسبيل لحل الأزمة مع بغداد التي ستحاول فرض سيطرتها على المناطق التي تقع ضمن صلاحياتها الدستورية، فضلا عن الإجراءات الاحترازية الأخرى".

ويتفق المراقب السياسي غسان العطية مع الصالحي، ويقول "إذا فرضنا أن استقلال الأكراد ماض نحو التحقيق، فإن العرب السنة في محافظاتهم (نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى) سيطالبون بأن يكون لهم كيانهم الخاص، لا سيما أن علاقاتهم مع بغداد غير جيدة، ومدنهم تعاني الكثير من المشاكل".

وتوقع العطية أن تشهد التجربة الكردية العديد من الصراعات في ضوء الخلاف الكبير داخل البيت الكردي، الأمر الذي سينعكس على الوضع الداخلي للعراق، فضلا عن تداعياته الإقليمية.

وأشار إلى أن إيران لن تقبل وجود دولة كردية على حدودها بدعم أميركي إسرائيلي، الأمر الذي ينذر بقتال شرس من قبل طهران للحيلولة دون تنفيذه.

أما ما يتعلق بتركيا فقال العطية "إن علاقة مسعود البارزاني (زعيم إقليم كردستان) مع الأتراك جيدة، وقد تعاملوا مع خطوته بطريقة مدروسة لحد الآن"، لكنه استدرك "أن البارزاني اتبع سياسة حافة الهاوية، ولا نعلم كيف سيتعامل مع تداعيات الاستفتاء الذي أجراه رغم الجميع".

يذكر أن البرلمان العراقي صوت الأربعاء على صيغة القرار النهائي الخاص بشأن الاستفتاء، والمتضمن تفويض الحكومة للسيطرة على كركوك وغيرها من المناطق المتنازع عليها مع إقليم كردستان العراق.

ويختلف محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي في رؤيته للأزمة الكردية، مؤكدا أن مساعي الإقليم تجاه الانفصال "ستزيدنا تمسكا بوحدة العراق"، وأشار إلى ضرورة إعادة ترتيب البيت العراقي كبلد واحد وبطرق إدارية تعالج المخاوف إزاء الممارسات السابقة بحق بعض مكونات المجتمع.

وحول ما يتردد عن سعي العرب السنة للمطالبة بإقليم مشابه لإقليم كردستان، قال "إن عدد السنة ضعف عدد الأكراد في الإقليم، حيث يصل تعدادهم إلى نحو 12 مليون نسمة، موزعين في العديد من المحافظات بما فيها مناطق الجنوب، وهو أمر يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار".

وانتقد النجيفي -المحكوم قضائيا بتهمة التخابر مع دول معادية للعراق- ما يدور من أحاديث عن اجتزاء المناطق السنية لغرض إقامة إقليم أو الدولة السنية، واعتبرها "رؤية قاصرة لم تفهم طبيعة المجتمع العراقي المختلط والمتشعب مذهبياً"، مشددا "نحتاج (نحن السنة) أن نكون موجودين وبقوة في بغداد".

وأشار إلى أن سبب الأزمة الراهنة يعود إلى سياسة الأحزاب الشيعية في إدارة البلد، وتابع "عليهم مراجعة سياستهم ومعالجة الأخطاء، خاصة أن خطوة الأكراد كانت درسا لهم".

أما المحلل السياسي الناصر دريد فيكاد رأيه يشبه رأي النجيفي، حيث استبعد أن تكون هناك مطالب بالانفصال كإقليم كردستان، معللا ذلك بالقول "إن الوجود القومي والإثني لبقية القوميات غير محصور بمساحة جغرافية محددة، مثلما نجده في المناطق التي يسكنها الأكراد".

وأضاف أن "عملية إقامة دولة مشابهة ستكون صعبة للغاية، فضلا عن أن أغلب الأقليات (الإيزيدين والشبك والمسيحيين) يتواجدون داخل إقليم كردستان، وأي مطالب من هذا النوع سيدخلهم في مواجهة مع الأكراد من جهة والحكومة في بغداد من جهة أخرى".

وفيما يتعلق بالقومية التركمانية التي يتركز وجودها في محافظة كركوك المتنازع عليها مع بغداد، أوضح "أن التركمان لا يحظون بدعم مطلق من تركيا، ولهذا يطالبون بغداد ببسط سلطتها على مدينتهم".

بدوره، ألمح النائب السابق وائل عبد اللطيف أن جميع الأطراف تترقب ردود الفعل المحلية والإقليمية، بالإضافة إلى الموقف الدولي إزاء استفتاء الإقليم، لتحديد خطوتها التالية، مؤكدا "لن يجرؤ أي طرف على التصرف كما تصرف الإقليم".

لكن عبد اللطيف الذي سبق أن طالب عام 2008 بإقامة إقليم البصرة، توقع أن تلجأ العديد من المحافظات إلى إقامة أقاليمها الخاصة إذا ما استطاع الأكراد تجاوز الأزمة وكسب التأييد، حينها سيكون هناك رأي آخر ولكن "ضمن حدود الدستور العراقي".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!