د. محمد عزيز عبد الحسن - خاص ترك برس

كيف تنظر تركيا إلى الاهمية الجيو استراتيجية لآسيا الوسطى وبحر قزوين؟

يبدو أن لدى تركيا أهداف واسعة النطاق في منطقة بحر قزوين التي ترتبط بمصالحها الاستراتيجية المتعلقة بمصادر الطاقة النفطية والغازية المتواجدة في آسيا الوسطى كالاتي: 
(1) تعزيز الدبلوماسية الرقمية التركية مع الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى وتوظيف أدوات ضغط الدبلوماسية التركية إزاء الصين لحثها على توفير الأمن لمناطق  أورومتشي وهوتان وكاشغر وآكسو  وإرساء الاستقرار في اقليم شينجيانغ. خاصة بعد تزايد نشر السلطات الصينية آلالاف من جنودها في مدينة أورومتشي بإقليم شينجيانغ (شمال غرب الصين) والتي تسكنها قومية الإيغور المسلمة. وأن التوتر بلغ ذروته في الإقليم عام 2009، إثر اندلاع مواجهات بين سكان الإقليم الأصليين من قومية الإيغور والمهاجرين الجدد من قومية الهان الصينية، مما أدى إلى مقتل أكثر من مئتي شخص، وأعقب ذلك تشديد القبضة الأمنية وشن حملات اعتقال واسعة طالت آلاف الشباب والنشطاء. وتتهم بكين الحركة الإسلامية لتحرير تركستان الشرقية بالمسؤولية عن الاضطرابات وأعمال العنف.

(2) تحاول تركيا تعزيز وتنويع مصادر الطاقة النفطية والغازية لديها عبر الوصول إلى الموارد الطبيعية المتوافرة بمنطقة بحر قزوين.

(3) توظيف تركيا لموقعها الجيو استراتيجي لتوطيد النفوذ السياسي لكي تصبح ذات هيمنة إقليمية من خلال إطار العمل السياسي لـ"منظمة شنغهاي للتعاون".

(4) يعد افتتاح رجل الدولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "طريق الحرير الحديدي" لتسهيل الحركة والتجارة العالمية  في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2017 حلقة تكتيكية مكملة لسلسة الخطوات الاستراتيجية التركية لتفعيل وإحياء "استراتيجية طريق الحرير" الكلية التي تتبعها تركيا لتنويع مصادر الطاقة ولتسهيل الحركة والتجارة العالمية وبناء مسارات برية لتجنب عراقيل الإمداد البحري لنقل النفط والغاز لمناطق حوض البحر الأبيض المتوسط الغنية بالغاز والمضطربة أمنيا بسبب الخلافات على استثمار الغاز ونقله لأوروبا بين إسرائيل ودول الحوض، بالإضافة إلى التوترات التي يشهدها الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ماهي الأبعاد الجيو استراتيجية لافتتاح طريق الحرير الحديدي على تفعيل تركيا استراتيجية طريق الحرير؟

حدد وزير النقل والملاحة البحرية والاتصالات التركي أحمد أرسلان الابعاد الجيو استراتيجية لافتتاح طريق الحرير الحديدي بالآتي:

- أن الخط الحديدي يشكل أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة إلى لتركيا.

- أن الخط الذي أطلق عليه "طريق الحرير الحديدي" سيمكن من الربط بين العاصمة البريطانية لندن ونظيرتها الصينية بكين بشكل مباشر.

- توفير عوائد مالية سوف  تسهم بزيادة القيمة المضافة للدول والمناطق التي سيمر منها لأنه يربط بين أذربيجان وتركيا مرورا بجورجيا، وسوف يسهم الخط بتطوير وتعزيز الأوضاع الاقتصادية لتركيا وبخاصة للولايات التركية الشرقية والتي سيمر منها الخط.

- تسهيل حركة التجارة العالمية. إذ يهدف الخط الحديدي "باكو-تبليسي-قارص" إلى نقل مليون مسافر سنويا، إضافة إلى 6.5 ملايين طن بضائع.

كما سيساهم الخط من خلال ربطه بين تركيا وآسيا ومنطقة القوقاز والدول الأوروبية بنقل 50 مليون طن من البضائع كل عام.

- تعزيز التقارب والتعاون الاقتصادي بين تركيا ومنظمة شنغهاي.

ولنتذكر دعوة نائب مدير "معهد السياسة الدولية في جامعة تونغجي"، غوو إكسيوتانغ، إلى تدعيم "منظمة شنغهاي للتعاون" من أجل المشاركة والتعاون في مجال الطاقة
 والعمل مع روسيا على ضم تركمانستان وأفغانستان إلى حظيرة "المنظمة".

ويشير تونغجي إلى نجاح "منظمة شنغهاي للتعاون" في تسريع التكامل الإقليمي بالعمل على إدخال تركيا للمنظمة بحكم موقعها الجيو استراتيجي وتوظيف هذا الموقع المهم لنقل النفط والغاز لأوروبا.

وبما أن إيران هي عضو مراقب في المنظمة، سيؤدي ذلك إلى زيادة تشجيع التكامل من خلال مشاريع البنية التحتية و"إمكان إثارة موضوع بناء خط أنابيب النفط المقترح من كازاخستان عبر تركمانستان وصولاً إلى إيران، إذا تم تنسيق ذلك من خلال "منظمة شنغهاي للتعاون".

وختاما لا بد من القول بأن من أهم الأبعاد الجيو استراتيجية لافتتاح طريق الحرير الحديدي وأثره في تفعيل استراتيجية طريق الحرير التي تسعى تركيا لتحقيقها  تكمن في الحقيقة الآتية:

بعد التقارب التركي مع كل من إيران وروسيا، ربما سنشهد خطوات وبضغط من منظمة شنغهاي وروسيا وايران لتقريب سوريا مع تركيا، وإيران، وأذربيجان، لأنه عند دمج الفراغ الاقتصادي القائم بين سوريا، وتركيا، والعراق، وإيران، سوف تتحقق محطة جيو استراتيجية 
تربط بين البحر المتوسط، وبحر قزوين، والبحر الأسود، والخليج العربي.

والمحصلة النهائية ستصبح تركيا بموقعها الجيو استراتيجي حاضرة ومؤثرة وفاعلة بعملية ربط هذه المحطات الاستراتيجية. بمعنى أدق ستصبح تركيا بموقعها الجيو الاستراتيجي نقطة تقاطع إلزامية للعالم كله في مجال الاستثمار والنقل لمصادر الطاقة النفطية والغازية.

وأكثر من ذلك، ستصبح تركيا محطة جيو استراتيجية لنقل النفط والغاز لأوروبا.

عن الكاتب

د. محمد عزيز البياتي

أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي في كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس