صحيفة "دي أن إي نيوز" الهندية - ترجمة وتحرير ترك برس

إسطنبول، مدينة المآذن، الوحيدة التي تنتمي إلى قارّتين، أوروبا وآسيا. وهي المدينة التي تجدُ فيها الكثير من الجماليّات التي يندرُ أن تجتمع في مدينةٍ واحدة. ومن بين المعالم الكثيرة التي تحتويها، يُقال إن السائحين لا يغادرون إسطنبول أبدًا دون أخذ لمحةٍ عن مضيق البوسفور الذي يقسم المدينة. هذا المضيقُ الشهير الذي ترى على حوافّه الفنادق والمطاعم والحدائق والكثير من المنشآت التي من الممكن الاستفادة منها مع الاستمتاع بمنظر المياه الجميل.

تعتبر إسطنبول من المدن متعددة الثقافات، فمن جهة عددٌ كبيرٌ من سكانها الأتراك ترجعُ أصولهم إلى مدنٍ وقرى أخرى لكنهم اختاروا إسطنبول للسكن بحكم أنها عاصمة التجارة والاقتصاد التركية. ومن جهة أخرى يعيش في إسطنبول (في الآونة الأخيرة خاصة) ملايين الأجانب من جنسيات مختلفة ربما تعد العربية من أبرزها. كما أن هذه المدينة ومنذ آلاف السنين عاشت على أرضها حضاراتٌ متعددة بل وكانت عاصمةً لثلاثة إمبراطوريات كبرى.

تعالَ معنا في رحلةٍ عبر شوارع هذه المدينة، رحلةٌ لا تستغرق أكثر من يومٍ واحد:

عندما تخرجُ من مطار أتاتورك في إسطنبول، في وقت ما بعد الظهيرة، سيستقبلك صوت الأذان لدى دخولك البوابة المكسورة، ذلك الطريق الاستراتيجي من آثار العهد العثماني في قلب المدينة، حيث هناك حطامٌ بارتفاع 30 قدمًا من الجدران التي صنعت من الأحجار البيضاء، يظن البعض أنها ربما قد شُيّدت قبل آلاف السنين، ولكن على الرغم من ذلك، وعلى الرغم من أن جزءًا كبيرًا منها اليوم قد حُطّم، إلا أنها لا زالت تحمل معنىً واضحًا عن مجدها السابق. إنها متجذرة بعمق في تاريخ وثقافة إسطنبول، وقد تم حصارها في البداية حينما كانت عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، فقد كانت تحمي السكان الذين عاشوا في داخلها خاصةً البيزنطيين، ضد الغزاة واللصوص والهجمات بحرًا وبرًّا. وكان برج غالاطا، خارج المنطقة البيزنطية، أول حي في البندقية ثم جزءًا من إقليم جنوة. وكان الغرض الأساسي من امتداده على طول الجدران، هو استخدامه كبرجٍ للمراقبة. وفي السابق، كان يمكن خلال النهار للأشخاص القادمين من الخارج دخول هذه المنطقة، لكنهم كانوا يضطرون للمغادرة قبل إغلاق البوابات في منتصف الليل.

ومن أجل تذوق ما يأكله السكان المحليون، بإمكانك زيارة مطعمٍ بقائمة محددة. بالنسبة للإفطار فهو يحتوي على العديد من الأطباق الصغيرة المصحوبة باللبن، والكريمة، والزيتون، وأنواعٍ متعددة من الجبن الأبيض التركي الذي يطلق عليه الأتراك بياز بينير Beyaz Penir، إنه أقرب ما يكون للإفطار العربي. هناك أيضًا المحمّرة، أو Muhammara كما يسميها السكان المحليون، وهي عجينةٌ حارة من الثوم والفلفل والجوز تُقدم مع سلطة الباذنجان التركية Patlican Salatasi. أما عن أبرز الأطباق الرئيسية التركية، فهو بلا شك الكباب Kebab، الذي يصنعونه من لحم الضأن ولحم البقر ولحم الدجاج. ولا بدّ عند الحديث عن الطعام التركي أن نذكر البيتزا التركية الشهيرة بيدى Pide التي تصنع مع اللحم أو الجبن.

وإذا أردت تذوق بعض الحلويات، إليك البقلاوة Baklava التي تشتهر بها مدينة غازي عنتاب التركية، بالإضافة إلى حلوى السميد بالجبن peynirli irmik tatlısı اللذيذة، والتي تجمع بين السميد الساخن الحلو مع حشوة الجبن، وتقدم مع المثلجات. وتنافس حلوى السميد في المطبخ التركي حلوى اليقطين Kabak tatlısı والتي تُعد من اليقطين المغطى بالجوز وزيت السمسم جنبًا إلى جنب مع المثلجات.

في أثناء مشيك بين شوارع إسطنبول، ستلفت نظرك الأشكال الفنية المنتشرة على الأرصفة ووسط الشوارع والمصنوعة من الزهرة الوطنية: التوليب. مع ألوانها العديدة والمتنوعة، من الأحمر والأصفر والأرجواني والوردي، يستخدم المهندسون الأتراك هذه الزهرة بشكلٍ أساسي في رسم شوارع بلادهم وتزيينها، ستلاحظ هذا الأمر في فصلي الربيع والصيف بشكلٍ خاص حيث يتم تغيير الورود في الشوارع كل يومين تقريبًا ورسم أشكالٍ جميلة ومميزة بها. وفي الواقع، يتباهى برج المراقبة القادم في مطار أتاتورك في إسطنبول بتصميمٍ مستوحى من التوليب.

ومن خلال الإبحار عبر البوسفور، سترى على ضفافه المنازل الرائعة لأثرياء إسطنبول والتي لا تقل تكلفة الواحد منها عن 100 مليون يورو. ويعتبر البازار الكبير في بيازيد وسوق التوابل والمسجد الأزرق (مسجد السلطان أحمد) من المعالم البارزة في المدينة. وتعجُّ هذه المنطقة (الفاتح) بشكلٍ خاص بعددٍ من المعالم الجميلة والمميزة القديمة إلى جانب البازار الكبير والمسجد الأزرق، حيث تقع آيا صوفيا الفريدة من نوعها والمرتبطة بتاريخ عدة ثقافات وحضاراتٍ سابقة، وقصر توبكابي الشهير الذي انطلقت منه قوانين وقرارات الحاكم العثماني قديمًا، وحديقة هذا القصر (سابقًا) والمطلة على البوسفور، غولهانه.

لا يتوقف التنوع في هذه المدينة عند ذلك فحسب، بل دخل إلى الأزياء أيضًا. سترى في إسطنبول حجاب الرأس والأزياء المحتشمة إلى جانب الأزياء الأخرى. سترى فيها أيضًا أشكالًا من صيحات الموضة القديمة والحديثة، هناك العديد من الاختلافات في هذه المدينة، وربما هذا ما يجعلها المدينة التي لا تموت.

برغم الثقافات العديدة والمختلفة فيها، وبرغم كونها واحدةً من أكثر المدن كثافةً سكانية في العالم، استقبلت إسطنبول بصدرٍ رحب خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من نصف مليون لاجىء سوري لجؤوا إليها من أجل حماية نسائهم وأطفالهم. هذه المدينة المُحبّة التي لم ترفض ثقافةً قط على مرّ القرون والحضارات التي عاشت فيها، قد صنعت أسبابًا راسخةً جعلت منها المدينة الأجمل في العالم، والمدينة التي لا تموت.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!