نوري أليبول – صحيفة تركيا – ترجمة وتحرير ترك برس

هل تذكّرتم كيف أنّ وسائل إعلام الكيان الموازي كانت تحاول عبر منشوراتها المقروءة والمرئية إعطاء صفة الشّرعية للاعتداءات الإسرائيلية اللاأخلاقية بحقّ الشّعب الفلسطيني الأعزل وخاصّةً بعد حادثة الاعتداء الإسرائيلي على سفينة المساعدات الإنسانية "مافي مرمرا"؟

وهل تذكرون كيف حاول القضاة الموالون للكيان الموازي والذين استطاعوا التّغلغل إلى داخل الأجهزة القضائية، اعتقال رئيس الاستخبارات التركية السيد "هاكان فيدان" ومساعديه؟، مع العلم أنّ الجميع بات يُدرك انزعاج إسرائيلي وجهاز استخباراتها ( الموسّاد) من هذا الشّخص وفريق العمل المُقرّب منه.

وهل تقرؤون في الصّحف خلفيّات حادثة إيقاف الشّاحنات العائدة لأجهزة الاستخبارات التركية، التي كانت تُقِلّ المساعدات الإنسانية إلى المظلومين في سوريا عن طريق أجهزة القضاء في ولاية أضنة؟

المُدّعي العام "عزيز طاقجي" الذي أصدر مذكّرة إيقاف الشّاحنات التي كانت تنقل المساعدات الغذائية والإنسانية للتركمان في سوريا وتفتيشها، كتب في مُرفق قرار الإيقاف بأنّ العملية تمّت بناءً على معلومات تُفيد بأنّ الشّاحنات تنقل أسلحةً وذخيرة للمقاتلين الأجانب وبعض الفئات المقاتلة التي تُناصر تنظيم القاعدة.

أودّ أن أسألكم الأن: أيّ حسِّ وطني يحمله هذا المُدّعي العام وهو يأمر بإيقاف شاحناتِ عائدة إلى أجهزة استخبارات بلاده؟ لا سيما أنّ قرار التّفتيش هذا جاء في وقتٍ تزامن مع اتّهامات الإعلام الاسرائيلي وبعض وسائل الإعلام الغربية بأنّ الدّولة التركية تقوم بتقديم الدّعم للجماعات المتطرّفة مثل داعش والنّصرة في الدّاخل السوري. فهذه الوسائل تهدف من وراء هذه الاتّهامات إلى ضرب طوقٍ من العزلة الدّولية على تركيا. وهذا المُدّعي العام قام من خلال هذه العملية بتقديم خدمةٍ ثمينة لهذه الأطراف المعادية للدّولة التركية.

ولو تعمّقنا في دراسة أسباب وتدعيات هذه الأحداث، نلاحظ أنّ الكيان الموازي هو العصى التي يستخدمها أعداء الدّولة التركية من أجل ضربها وإحباط محاولات نهوض هذه الدّولة؟

لقد قام عناصر هذا التّنظيم بتوجيه عدّة إهاناتٍ للدّولة التركية، وعليهم الآن أن يفكّروا بآخرتهم فلا أدري كيف سيواجه هؤلاء خالقهم. والذين وقعوا في هذا الفخ من دون علم، عليهم أن يتوبوا إلى بارئهم قبل فوات الأوان. أمّا الذين تعمّدوا الإساءة للدّولة التركية، فليعلموا أنّ هذه الأمّة استيقظت من سباتها وأصبحت على علمٍ بخفايا الأمور وما يُحاك ضدّها من مكائد خبيثة ولا بدّ أنّها ستقوم بمحاسبة هؤلاء الخونة.

فاليوم سيقوم رئيس الدّولة التركية المنتخب لأوّل مرّةٍ من قِبل الشّعب مباشرةً بترؤّس اجتماع مجلس الوزراء. وقد ترأّس رؤساء الجمهورية السّابقون اجتماعات مجلس الوزراء سبعة عشر مرّةٍ خلال الأعوام الماضية. واليوم سيكون هذا الحدث للمرّة الثّامنة عشر.

فالرّئيس أردوغان وخلال حملته الانتخابية قام بجولةٍ على كافّة الولايات التركية وأطلق العديد من الوعود الانتخابية في الميادين التي احتضنت الآلاف من مناصريه. والشّعب التركي العظيم صدّق ما قاله أردوغان وأدلى بأصواته له ونصّبه رئيساً لهذا البلد. ومن حقّ هذا الشّعب أن يطالب الرئيس أردوغان بتنفيذ وعوده الانتخابية.

وأمام هذا الوضع الرّاهن والعوائق الدّستورية التي تُعيق عمل مؤسّسة رئاسة الجمهورية، كيف سيقوم الرئيس أردوغان بتنفيذ كافّة وعوده الانتخابية، لا سيما أنّ الدّستور التركي لا يخوّل رئيس الجمهورية بالتّدخّل في عمل السّلطة التنفيذية.

على الدّولة التركية تجاوز هذه المرحلة الجديدة.

تذكّروا معي ماذا قال الرّئيس أردوغان عندما تسلّم منصب رئاسة الجمهورية. إنه قال بالحرف الواحد: " لن نقوم بنزع صلاحيات رئيس الوزراء. فبما أنّ رئيس الجمهورية منتخب من قِبل الشّعب وكذلك الحكومة التي استلمت زمام الأمور عن طريق التّصويت الشّرعي، فإنّنا سوف نجلس ونتحاور ونتباحث من أجل تطوير تركيا نحو الازدهار أكثر فأكثر".

والآن نجد أنّ أردوغان يحاول تنفيذ ما نطق به أثناء حملته الانتخابية. ففي عهد رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، لا يمكن أن يحدث شرخ كبير بين رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية، إلّا أنّ من المُحتمل أن تحدث بعض الخلافات البسيطة في وجهات النّظر بين طاقم عمل كلّ من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، لا سيما أنّ مثل هذه الخلافات البسيطة حدثت في عهد الرئيس عبد الله غل أيضاً. وهذا أمر طبيعي يحصل في أي بلد أخرى.

ومن المتوقّع أيضاً أن تحدث مثل هذه الخلافات مرةً ثانية وثالثة ورابعة، إلّا أنّ الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء داود أوغلو لن يسمحا بتعاظم هذه الخلافات ولا بدّ أنّهما سوف يتدخّلان من أجل إيجاد الحلول المناسبة لتجاوز مثل هذه النّكسات، كما حصل في عهد الرئيس عبد الله غل سابقاً.

لكنّ الخلاف الحقيقي بين الحكومة ورئاسة الجمهورية، ربّما يظهر في حال فوز أحد الأحزاب السياسية الأخرى بمنصب تشكيل الحكومة التركية. لكن هذا الاحتمال يبدوا ضئيلاً جدّاً على الأقل في الانتخابات النّيابية المقبلة التي ستجري في حزيران/ يونيو المقبل من هذا العام.

فعلى الدّولة التركية إيجاد حلٍ جذري لهذه المشكلة. ولكي تستطيع الدّولة التركية حلّ هذه المشكلة عليها الانتقال بنظام الحكم في البلاد إلى النّظام الرئاسي أو النّظام شبه الرئاسي، لا سيما أنّ الاجتماع الذي سيعقد اليوم، يعتبر الخطوة الأولى في طريق الانتقال إلى النّظام شبه الرئاسي.

وأمام هذا الوضع الحالي دعونا نترقّب محاولات الأطراف المعادية بزرع الفتنة بين الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء داود أوغلو.

عن الكاتب

نوري أليبول

كاتب في صحيفة تركيا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس