شيبنيم بورصالي – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

جاءت نتائج الانتخابات الرئاسية التركية كما كانت توقعاتنا خلال الأشهر الأخيرة، وقد نجح الرئيس "رجب طيب أردوغان" في الجولة الأولى من الانتخابات ليكون أول رئيس دولة في النظام الرئاسي الجديد، وبذلك شهدنا على انتقال ديمقراطي واضح، كما تعود الأغلبية العظمى في المجلس لنوّاب "اتفاق الجمهور" المؤلّف من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية وحزب الوحدة الكبرى، وبذلك سيستمر اتفاق الجمهور في إصدار القوانين التشريعية بكامل قوته.

يتوضّح من خلال نتائج الانتخابات أن المجتمع التركي يستطيع قراءة السياسة أفضل بكثير من معظم علماء ورجال السياسة، إذ أدرك المجتمع التركي الظروف والأجواء العائمة خلال انتخابات 24 حزيران/يونيو، ورأى الخطر الذي يهدّد أمان ومصالح تركيا، ولذلك وجّه أصواته للشخص الذي يؤمن بأنه جدير بالثقة والأكثر قوميةً وحرصاً على مصالح دولته ضمن إطار أهداف الاستقلال ومستقبل أفضل، وكذلك تمكّن المجتمع التركي من رؤية العلاقة التي تربط شخص أردوغان بمستقبل تركيا، وأن استهداف أردوغان يعني استهداف تركيا أيضاً، ولذلك قرّر أن يستمر في التقدّم نحو الأفضل في ظل قيادة الرئيس أردوغان.

أما بالنسبة إلى حزب الشعب الجمهوري ومرشّحه الرئاسي محرّم إينجه فلا بدّ من لفت الانتباه إلى هذه المسألة: لم يستطع إينجه أن يتخطّى نسبة الـ 30% خلال الانتخابات، لكن في الوقت نفسه خلق حماساً كبيراً لدى البنية التحتية لحزبه، إذ كان من المتوقّع أن لا يتجاوز حزب الشعب الجمهوري نسبة الـ 20%، ومع ترشّح إينجه للانتخابات استطاع حزب المعارضة تخطّي هذه النسبة، لكن ذلك لا يغّير حقيقة أن نسبة الأصوات الموجّهة لحزب المعارضة خلال الانتخابات الحالية كانت أقل من الانتخابات السابقة، وكذلك لم يكن الحماس المذكور الذي خلقه إينجه منتشراً في عامة تركيا، على سبيل المثال لم يتمكّن إينجه من الانتصار على أردوغان حتى في مسقط رأسه ولاية "يالوفا"، أي لم يتمكّن إينجه من إقناع أبناء مدينته على الأقل.

رد دولت باهتشيلي على الإشاعات المزعومة تجاه حزب الحركة القومية:

إن أردنا التحدّث عن الجهات الخاسرة خلال هذه الانتخابات فيتوجّب علينا ذكر الشركات الإعلامية المؤيدة للمعارضة أيضاً، وخصوصاً أن الأخبار المنتشرة والتوقّعات التي جاءت في خصوص نسبة الأصوات الموجّهة لحزب الحركة القومية وحزب الوحدة الكبرى كانت عبارة عن فضيحة سياسية، إذ زعمت الشركات الإعلامية المذكورة أن نسبة الأصوات الذاهبة للحزب الجيد ستكون فوق الـ 20%، وكذلك أن حزب الحركة القومية لن يتخطّ نسبة الـ 5%، لكن يبدو أن الحزب الجيد ومرشّحه الرئاسي ميرال أكشنار كان خيبة أمل بالنسبة إلى هذه الشركات.

وبالنسبة إلى حزب الحركة القومية نلفت الانتباه إلى أن جميع التوقّعات الصادرة عن الزعيم القومي "دولت باهتشيلي" خلال لقاءه الصحفي على قناة atv كانت صائبة، إذ  أجاب باهتشيلي على سؤال "ما مدى حقيقة الإشاعات المشيرة إلى أن حزب الحركة القومية الذي يدافع عن وحدة الشعب والحكومة التركية لن يتخطّ نسبة الـ 5%، وبالمقابل أن الحزب الجيد الذي يدافع عن استقلال الحكومة عن الشعب سيتجاوز حد الـ 10%؟" على النحو التالي: "خلال جميع الانتخابات الرئاسية تزعم الشركات الإعلامية أن حزب الحركة القومية لن يتخطّ الحد الأدنى والذي هو 10%، لكن أظهرت انتخابات 24 حزيران/يونيو أن حزب الحركة القومية لديه بنية تحتية قوية جداً، وأن ناخبيه لم يتخلّوا عن حزبهم خلال الانتخابات، وبالنسبة إلى مسألة انتقال بعض النوّاب من حزب الحركة القومية إلى الحزب الجيد يجدر بالذكر أن تأثير هذه الحادثة لم ينعكس على الناخبين خلال الانتخابات".

الانتقال الديمقراطي في تركيا:

عند الإعلان عن نتائج انتخابات 24 حزيران/يونيو لا بد من لفت الانتباه إلى العلاقة القوية التي تربط الشعب بالحكومة في تركيا، على سبيل المثال عند التحدّث عن مفهوم الديمقراطية العالمي يتم النظر إلى الأجواء الديمقراطية التي تعمّ خلال الانتخابات في جميع الدول، ومقارنة هذه الأجواء بالدول الأخرى بناء على نسبة المشاركة الشعبية في التّصويت للانتخابات، وبالتالي يمكن القول إن الشعب التركي أظهر للعالم مدى اهتمامه بالديمقراطية والمستقبل من خلال مشاركة أكثر من 70% من الشعب التركي خلال انتخابات 24 حزيران/يونيو، وكذلك يجب التذكير بأن جميع الانتخابات الأخيرة كانت تجري ضمن أجواء في غاية الديمقراطية والتسامح والرفاهية، وفي هذا السياق أود توجيه رسالة لمن يحاول التقليل من شأن الديمقراطية التركية: "الشعب التركي اختار نظام حكم جديد وفق إرادته ضمن أجواء ديمقراطية للمرة الأولى -إذ كانت جميع الدساتير المُسبقة تُوضع نتيجة الانقلابات- منذ تأسيس الجمهورية التركية، ولذلك إن الانتقال إلى النظام الرئاسي الجديد بناء على رغبة الشعب التامة دون وقوع انقلابات وأزمات هو أمر في غاية الأهمية ضمن إطار مفهوم الديمقراطية في تركيا، وهذا الواقع يُسمّى بـ "الديمقراطية الحقيقية".

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس