ترك برس

تناول تقرير للقناة التركية الرسمية "تي آر تي عربي"، تصريح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، السبت، بأنه يتفهم دوافع تركيا في حماية حدودها وشعبها، ووصف ذلك أنه "محاولة من واشنطن للتراجع عن خطأ ارتكبه مستشارها للأمن القومي جون بولتون، أثناء زيارته إلى المنطقة قبل أيام".

واعتبر التقرير أن بولتون حاول فرض شروط على أنقرة، تقضي بأخذ موافقة أميركية على أي عملية عسكرية تنوي القيام بها شرقي الفرات في سوريا، وطالب بعدم التعرّض لجماعات تعدّها أنقرة إرهابية، بالإضافة إلى تصويره تركيا كأنّها تسعى لمهاجمة المكوّن الكردي في سوريا.

ويرى المحلل السياسي يوسف كاتب أوغلو، أنّ تصريحات بومبيو "تدخل في سياق ما يمكن أن نسميه محاولة استرضاء تركيا، وإمساك العصا من المنتصف بعد التصريحات الكارثية لجون بولتون".

ويقول كاتب أوغلو إنه برغم أن "هذا التصريح دبلوماسي ولا ينمّ عن جدية، لكنه يصب ضمن المصلحة التركية، وتركيا ترحب بأي خطوة تدعم حقها بالدفاع عن أمنها القومي وبحربها ضدّ الإرهاب"، وفق القناة التركية.

من جهة أخرى، يشير كاتب أوغلو إلى أنّه "عندما نتكلم عن الدور الأميركي عموماً، فإلى الآن ما تزال التصريحات الأميركية تدّعي وتقول إنّ الحلفاء هم المجموعات الكردية (المصنّفة إرهابية)، ولذا فهناك تناقض كبير، إذ إنّهم يرون أنّ تلك المجموعات لا تزال حليفة لهم ويجب حمايتها وعدم التخلي عنها".

برغم ذلك، يبدي المحلل السياسي اعتقاده بأنّه "أمام الإرادة السياسية والعسكرية التركية، التي لم تتغيّر، والإصرار على محاربة المجموعات الإرهابية المسلحة التي تهدد أمن تركيا القومي، ثمة تراجع في الموقف الأميركي، ولذا كان تصريح بومبيو مُرحَباً به، وقد جاء هذا التصريح كي لا يوتّر الأجواء أكثر".

في الوقت نفسه، يشير كاتب أوغلو إلى أنّه "في النهاية، سواء صرّحت أميركا بهذه المواقف أو لا، تفهمت أو لم تتفهم، فإنّ تركيا ماضية في عمليتها العسكرية".

ولم يقدّم المسؤولون الأميركيون خطّة واضحة لتطبيق خطة سحب قواتهم من شمال سوريا، ولا خطّاً زمنياً لسير العملية المرتقبة.

يأتي ذلك في سياق تضارب التصريحات الأميركية بشأن بداية الانسحاب؛ إذ أنّ الرئيس دونالد ترمب، قال وقت إعلانه إنه سيتمّ "فوراً"، ثم عاد واستدرك لاحقاً قائلاً إن الانسحاب سيتم "بوتيرة مناسبة".

وعارض القرار شخصياتٌ مقربة من ترمب، أبرزها وزير الدفاع جيمس ماتيس والموفد الأميركي للتحالف الدولي بريت ماكغورك، اللذان أعلنا استقالتهما عقب إعلان القرار.

فيما صرّح كلّ من بومبيو ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون تصريحات مختلفة حول توقيت السحب والكيفية التي سيجري بها.

ونفى بومبيو من القاهرة، وجود تناقض بين إعلان ترمب الانسحاب من سوريا وبين الشروط التي ذكرها فيما بعد مسؤولون أميركيون كبار بينهم جون بولتون.

وتوجد نقاط اختلاف بين أنقرة وواشنطن فيما يخصّ مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي من سوريا. وأشارت التصريحات بعد نهاية زيارة بولتون السريعة إلى تركيا، بداية الأسبوع، إلى عدم رضا تركيا عن التذبذب في الموقف الأميركي.

وتختلف تركيا مع الجانب الأميركي حول عدد من النقاط، وقال أستاذ العلاقات الدولية سمير صالحة إن أهمّها إصرار تركيا على سحب السلاح الأميركي من تنظيم YPG/PKK، الأمر الذي تماطل فيه واشنطن.

من جهة أخرى تريد واشنطن تسليم قواعدها بعد الانسحاب لتنظيم YPG/PKK، في حين تصرّ أنقرة على إلغاء القواعد بشكل نهائي، أو تسليمها إليها، لتسلم لاحقاً إلى قوى محلية سورية.

ويبدو أن تحرّكات من جهات عدّة ظهرت على السطح في الأيام القليلة الماضية، ففي الوقت الذي تواصل فيه أنقرة إرسال تعزيزات عسكرية إلى الحدود مع سوريا استعداداً لعملية "شرق الفرات" المرتقَبة، قامت تنظيمات YPG وPYD الامتداد السوري لتنظيم PKK المصنف إرهابياً بدعوة قوّات النظام السوري لحماية مدينة منبج.

في حين تستمر مواجهات ميدانية بين ما يُعرف باسم هيئة تحرير الشام الإسلامية (النصرة) المصنّفة إرهابية، وفصائل من الجيش الحرّ في بلدة الأتارب ومنطقة ريف إدلب شمال غربيّ البلاد.

وأشار تحليل لوكالة الأناضول إلى أن غياب خطة أميركية للانسحاب يهدف إلى "المماطلة في الانسحاب كما هو الحال في مدينة منبج... غير أن أنقرة لا تنوي إظهار الدرجة ذاتها من الصبر هذه المرة".

وأضاف التحليل أنه "يمكن الفهم من مناورة الانسحاب التكتيكي لواشنطن أنها تهدف إلى إحداث حالة من الفوضى في مسار "أستانا" بين تركيا وروسيا وإيران، وأن اتضاح مصيرها قد لا يستغرق 4 أشهر".

وقال سمير صالحة إن الأميركيين يبدون أقرب إلى تنظيمات YPG وPYD التي تصنفها تركيا على أنها إرهابية أكثر من قربها لتركيا، في مرحلة التحضير للانسحاب، وهناك "أزمة واضحة اليوم بين الأميركيين والأتراك".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!