هازال دوران - The New Turkey - ترجمة وتحرير ترك برس

أما وقد انتهت الانتخابات المحلية، فقد أظهرت الديمقراطية التركية الراسخة نجاحًا كبيرًا في إظهار إرادة الشعب واحترامه للحكم الديمقراطي في الحكم المحلي. وعلى عكس الدول الغربية التي تنخفض فيها نسبة الإقبال على التصويت، أدلى 84.6٪ من المواطنين الأتراك بأصواتهم يوم الأحد، الأمر الذي يثبت بوضوح استيعاب الديمقراطية من قبل جميع الفئات الاجتماعية والسياسية في تركيا.

ماذا تخبرنا نتائج الانتخابات عن الجو السياسي لتركيا؟ هناك بضع نقاط تستحق التأكيد هنا.

أولاً، أظهرت نتائج الانتخابات مرة أخرى أن تحالف الشعب حافظ على أغلبية سياسية، حيث كان العدد الإجمالي للأصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية قريبًا من نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في 24 حزيران/ يونيو. حصل حزب العدالة والتنمية على أعلى نسبة من الأصوات في تاريخ الانتخابات المحلية. ومن ثم، فإن أول نتيجة بارزة لهذه النتائج هي القوة التي لا مثيل لها لحزب العدالة والتنمية في الساحة السياسية في تركيا. وعلاوة على ذلك، أثبتت النتائج أن تحالف الشعب ما يزال مفضلا من قبل كل من ناخبي حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية.

ثانيًا، مسألة الانخفاض النسبي في أصوات حزب العدالة والتنمية في المدن الكبرى. ونتيجة لهذا الانخفاض، خسر حزب العدالة والتنمية في أنقرة وأنطاليا وأردهان وأرتفين وبيلجيك وسينوب وبوردور وبولو وكيرشهير لصالح حزب الشعب الجمهوري. ويرجع نجاح حزب الشعب الجمهوري في هذه المدن الحضرية إلى التحالفات التي أقامها الحزب قبل الانتخابات مع الحزب الجيد وحزب الشعوب الديمقراطية. وقد مكّن الدعم الذي قدمه حزب الشعوب الديمقراطي لحزب الشعب الجمهوري، لا سيما في أنقرة وأنطاليا، من الحصول على أغلبية الأصوات.

لكن على الرغم من فوز حزب الشعب الجمهوري بالانتخابات البلدية في هذه المدن، فإنه أخفق في الحصول على الأغلبية في انتخابات مجالس المحافظات، إذ حصل حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، في جميع المدن الكبرى تقريبًا ،على غالبية الممثلين في المجالس. وهذا الوضع يتطلب تفاهما في إدارة المدن الحضرية.

النتيجة الثالثة البارزة للانتخابات المحلية هي موثوقية الانتخابات في تركيا. فعلى الرغم من أن كتلة المعارضة في تركيا ادعت دائمًا حدوث تزوير أو فساد في نتائج الانتخابات، فإنها لم تتمكن قط من إثبات هذه المزاعم. ويظهر نجاح حزب الشعب الجمهوري في المدن الكبرى أن تركيا تجري انتخابات حرة ونزيهة، ويمكن لأحزاب المعارضة أن تفوز إذا نالت تأييد الجماهير.

ونظراا لوجود فارق بسيط بين الأصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية ومرشحو حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول، تقدم حزب العدالة والتنمية بطلب إلى المجلس الأعلى للانتخابات لإعادة فرز الأصوات في بعض صناديق الاقتراع. وعلى الرغم من أن أحزاب المعارضة اعتبرت هذه الخطوة  تدخلًا من حزب العدالة والتنمية، فإن الأحزاب السياسية في تركيا تمتلك الحق القانوني للتقدم بطلب إلى اللجنة العليا للانتخابات. وثمة أمثلة تاريخية على ذلك، ففي الانتخابات المحلية عام 2014 طلب حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطية إعادة الفرز في ولايتي يالوفا وآغري. والأنكى من ذلك أنه كانت هناك دائمًا بعض الاعتراضات على نتائج صناديق الاقتراع التي تتسبب في تأخير الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات. وعلى ذلك فإن العملية القانونية الحالية المستمرة ليست استثناء.

نتيجة أخرى لافتة للنظر للانتخابات المحلية هي الانخفاض الكبير في أصوات حزب الشعوب الديممقراطية في الولايات الشرقية والجنوبية الشرقية من تركيا، إذ خسر الحزب عددًا كبيرًا من قاعدته الانتخابية في أربع مدن رئيسية هي شرناق وآغري وبيلتيس وتونجلي. ومن بين أسباب هذه الخسارة الأداء الناجح للأمناء المعينين من قبل الحكومة في المنطقة، بعد فصل أمناء حزب الشعوب الديمقراطية بسبب التعاون مع تنظيم "بي كي كي". وقد أثبتت نتائج الانتخابات أن الناس في المنطقة يقدرون الخدمات التي يقدمها هؤلاء الأمناء في هذه البلديات. ونتيجة لهذا التقدير زاد حزب العدالة والتنمية من أصواته وانتزع ثلاث ولايات بارزة من حزب الشعوب الديمقراطي. كما تعني هذه النتيجة أن سكان المنطقة يعارضون سيطرة "بي كي كي".

النقطة الأخيرة من حيث الأهمية في الانتخابات المحلية هي هيمنة الرؤية السياسة القومية والمحافظة في تركيا. وكان هذا العامل من بين أسباب نجاح حزب الشعب الجمهوري في المدن الكبرى. فعلى سبيل المثال ينتمي جميع مرشحي رئاسة البلديات في أنقرة وأنطاليا وإزمير إلى خلفية يمينية وكانوا قادرين على تعزيز أصوات هذه الكتلة. وهذا يعني أن المحدد الرئيسي لمناخ تركيا السياسي هو الفهم السياسي القومي والمحافظ. وبعبارة أخرى، إذا أراد حزب ما الفوز، فلن يكون بإمكانه تجاهل هذه الديناميات في المستقبل.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس