ترك برس

فنّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مزاعم "إبادة الأرمن" أواخر الدولة العثمانية، مشيرًا أنه لو كانت تلك الادعاءات حقيقة لما كان هناك ملايين الأرمن منتشرين في أرجاء العالم حاليًا. 

جاء ذلك في كلمة، السبت، خلال الاجتماع التشاوري والتقييمي الـ 28 لحزب "العدالة والتنمية"، في العاصمة أنقرة، تطرق خلالها إلى أحداث 1915 ومزاعم الأرمن بتعرضهم إلى "إبادة جماعية" إبان الحرب العالمية الأولى. 

وأوضح أردوغان أن "تهجير الأرمن ليس إبادة جماعية ولا كارثة كبرى، بل هو عبارة عن حادثة أليمة وقعت في تلك الفترة". 

ولفت إلى أن قرار تهجير الأرمن كان وسيلة احترازية للحيلولة دون وقوع مآس كبيرة في ذلك الوقت (عقب تعاون عصابات أرمنية مع قوات الاحتلال الروسي). 

وأشار إلى تعرض الكثير من المدنيين شرقي وجنوب شرقي الأناضول، لمجازر، إبان الاحتلالين الروسي والأرمني. 

وأردف: "لو كانت المزاعم الأرمنية حقيقة، لما كنا اليوم نتحدث عن ملايين من الأرمن يعيشون في مناطق واسعة من أوروبا وأمريكا وشمال إفريقيا والقوقاز". 

ولفت إلى وقوع آلام كبيرة نظرا للظروف الصعبة التي تمت فيها عملية التهجير في تلك الفترة، وشدد على أن المكان المناسب للبحث عن الحقيقة والنقاش حول تلك الأحداث، ليست مقار البرلمانات والحكومات، وإنما دوائر الأرشيف، والمخول بذلك هم المؤرخون والعلماء.

وأضاف أردوغان: "نود أن نذكر الذين يتهمون تركيا (بالإبادة المزعومة) أنهم مسؤولون عن مقتل 70 مليون إنسان في الحربين العالميتين الأولى والثانية فقط، وعلى الرئيس الفرنسي السيد (إيمانويل) ماكرون أن يتعلم هذه الأمور أولا، فهو لايعرفها".

وتابع: "السيد ماكرون، لن يفيدك، توجيه رسالة للأرمن، نظرا لوجود 700 ألف منهم في فرنسا، تعلم الصدق في السياسة أولا، فطالما لم تتحل بالصدق لا يمكنك الفوز بالسياسة، وإنما ستخسر".

ولفت الرئيس التركي إلى أن النهج الذي يتبعه ماكرون في المسألة الأرمنية، "ليس صائبا".

وقبل نحو ثلاثة أسابيع، صادّق ماكرون، على مرسوم رئاسي يعلن فيه 24 أبريل/ نيسان، "يوم ذكرى" لما يسمى بـ "إبادة الأرمن"، على أن يتم إدراجه في التقويم الرسمي للبلاد.

ومضى أردوغان قائلا: "نعرف شعوبا عديدة تعرضت لإبادة جماعية حقيقية، انطلاقا من يهود أوروبا وصولا إلى مسلمي الجزائر وتونس، وهناك العديد من المجتمعات في كل ركن من إفريقيا وأمريكا الجنوبية، دُفعت لذبح بعضها، أو أبيدت مباشرة على يد الأوروبيين".

وأضاف متسائلا: "ما تعرض له ملايين المسلمين الذين قتلوا في الربع قرن الأخير، في البوسنة وقره باغ (إقليم أذري تحتله أرمينيا) وفلسطين وأراكان والعراق وسوريا، ألا يعد محاولة إبادة جماعية؟".

وأردف: "تركيا هي الدولة الوحيدة التي لا يمكن اتهامها عبر استخدام هذا المصطلح (الإبادة الجماعية)، لأن هذه الأمة في موضع المقتول وليس القاتل في تلك الفترة المذكورة".

وتؤكد تركيا عدم إمكانية إطلاق صفة "الإبادة العرقية" على أحداث 1915، بل تصفها بـ "المأساة" لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدا عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور "الذاكرة العادلة"، الذي يعني باختصار التخلي عن النظرة الأحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لدى كل طرف. 

كما تقترح تركيا القيام بأبحاث حول أحداث 1915 في أرشيفات الدول الأخرى، إضافة إلى الأرشيفات التركية والأرمنية، وإنشاء لجنة تاريخية مشتركة تضم مؤرخين أتراكا وأرمن، وخبراء دوليين. 

وحول تعثر مسيرة مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، قال أردوغان، إن الاتحاد ما زال يمارس أسلوب المماطلة.

وكشف أن السبب الوحيد لعدم حصول تركيا على العضوية التامة، هي السياسات غير المنسجمة للاتحاد، والعراقيل التي تضعها مؤسساته، وعلى رأسها البرلمان الأوروبي الذي يوجه انتقادات لا أساس لها إلى تركيا.

وأكد أردوغان أن على الاتحاد الأوروبي أن يتوقف عن سياسة المماطلة ويقرر فيما إذا كان يرغب بتطوير علاقاته مع تركيا، وضمها، أو يمضي كل في سبيله.

وأوضح أن تركيا ما زالت تنتظر بصبر تنفيذ الاتحاد الأوروبي لتعهداته، فيما يخص دفع المساعدات من أجل اللاجئين، ورفع تأشيرات الدخول عن الأتراك، وتحديث الاتحاد الجمركي، وشدد في الوقت نفسه على أن للصبر حدود.

وبيّن الرئيس أن الاتحاد الأوروبي سبق وأن تعهد بتقديم 6 مليارات يورو، لصالح السوريين الموجودين في تركيا والذين يقدر عددهم بنحو 4 ملايين.

وأوضح أن الاتحاد لم يدفع سوى مليارا و800 مليون يورو حتى اليوم، في حين بلغ انفاق تركيا من أجل اللاجئين 36 مليار دولار.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!