ترك برس

نشر موقع المونيتور مقالا تحليليا لماكسيم سوخوف الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي ونادي فالادي للأبحاث، تناول فيه الاستراتيجية التي يتبعها الكرملين في محافظة إدلب، وموضع تركيا في هذه الاستراتيجية، في خضم التصعيد الأخير.

وجاء في المقال أن هجوم قوات النظام السوري المدعوم من روسيا على إدلب كان متوقعًا منذ الصيف الماضي، إلا أنه لم يتحقق بشكل تدريجي إلا خلال الشهرين الماضيين، حيث إن روسيا مهتمة بمساعدة بشار الأسد على استعادة السيطرة على جميع الأراضي السورية، بما في ذلك إدلب والشمال الشرقي. لكن هذا لا يعني أن موسكو سعيدة بالقيام بذلك عسكريا.

وأضاف أن المواجهة حول إدلب قدمت لموسكو في البداية فرصة للعب لعبة سياسة خارجية كبيرة مع تركيا، من شأنها أن تقرب موسكو وأنقرة من القضايا الأخرى، مثل التعاون الثنائي والعسكري التقني.

ويزعم سوخوف أنه وفقا لهذه اللعبة الروسية، سمح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأن يظهر بمظهر القوي في قضية إدلب، لمساعدته على الفوز في الانتخابات المحلية في أيلول/ سبتمبر 2018، فوقع معه اتفاقية سوتشي بشأن إدلب التي تنص على حل مشكلة هيئة تحرير الشام.

وأضاف أن "عدم نجاح تركيا في فصل قوات المعارضة الموالية لها عن الجماعات الإرهابية، ومع وجود أردوغان في مرحلة ما بعد الانتخابات، دفع موسكو إلى الضغط بشدة على تركيا من أجل اتخاذ إجراءات أكثر قوة."

ورأى أن جميع الأهداف التي تقول روسيا إنها تسعى إليها الآن مع تركيا، من دوريات مشتركة، ومحادثات سلام، وتدابير لكبح هيئة تحرير الشام، هي خطوات مهمة في إدارة الموقف سياسيا، لكنها ليست في مصلحة موسكو.

وأوضح أن هذه الخطوات هي أدوات "ناعمة"، لإظهار مزيد من الاحترام والحساسية تجاه المواقف التركية، حيث ترسل روسيا جميع أنواع "الرسائل العسكرية" إلى أنقرة، وتنفذ الهجمات في سوريا للضغط على أردوغان. وعلى الرغم من أن الروس يتجنبون بعناية استهداف المواقع التركية، فإنهم يغضون الطرف إذا فعل جيش النظام ذلك.

ويشير الباحث الروسي إلى أن الرئيس التركي يفهم اللعبة الروسية، وخلال المحادثة الهاتفية التي أجراها مع بوتين الأسبوع الماضي، ألقى باللوم على النظام السوري في السعى لدق إسفين بين موسكو وأنقرة.

ويلفت إلى أن هذه المحادثة الهاتفية جاءت بعد أيام من التقارير التي تفيد بأن تركيا قدمت أسلحة لجماعات المعارضة في إدلب. لمساعدتها على التصدي لهجوم جيش النظام المدعوم من روسيا على بلدة كفر نبودة الاستراتيجية بعد أن فشلت أنقرة في إقناع روسيا في الاجتماعات الأخيرة لفريق عمل مشترك بضرورة إنهاء التصعيد.

وأضاف أن أخبار الدعم العسكري التركي للمعارضة أثارت غضب بعض الخبراء المؤيدين للكرملين. إذ قال فلاديمير إيفسيف، خبير الشرق الأوسط في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، بأن منصات إطلاق الصواريخ المتعددة التي تستخدمها هيئة تحرير الشام لاستهداف القاعدة الجوية الروسية لم تكن لتصل إلى سوريا إلا عبر تركيا.

ولكن الجنرال المتقاعد، يوري نتكاتشيف، يرى أن تركيا ربما لم تكن من زودت هيئة تحرير الشام مباشرة بالأسلحة. وقال: "ربما تقوم أنقرة بتسليح حلفائها من بالمعارضة المعتدلة، وقد يعيد هؤلاء الرجال بيعها، ولكن هذا لا يغير بأي شكل من الأشكال جوهر سياسة أردوغان في تسوية الأزمة السورية."

ووفقا للباحث الروسي، فإن موسكو تسعى على المستوى الرسمي إلى إتاحة الفرصة لإشراك تركيا في إدلب، وهذا يعني أن روسيا وتركيا فقط ستحلان المشكلة ويتوصلان إلى تسوية بشأنها، وأنه لا ينبغي لأي طرف ثالث ولا سيما الأمريكيون أو الأوروبيون فرض مزيد من الضغوط على وضع إدلب.

وقال دبلوماسي روسي رفيع للمونيتور: "الجميع يلعبون لعبتهم الخاصة هنا، فالأمريكيون يبحثون الآن عن كل فرصة لدق إسفين بيننا وبين الأتراك. تبدو تصريحات أردوغان مطمئنة عندما يتعلق الأمر بتسليم S-400، لكن الأمور غير مؤكدة في العقود العسكرية المحتملة الأخرى، ومن ثم فإن الخلافات التي قد نواجهها مع أنقرة تعمل بشكل جيد لصالح الأمريكيين."

وتابع: "أما بالنسبة للأوروبيين، فهم يريدون خلق انطباع بأنهم ما زالوا في اللعبة والرعاية. لكن بسبب عدم وجود خيارات بناءة أفضل، كل ما يمكنهم فعله هو إصدار بيانات واقترحات لإلزامنا بمسؤولية أخلاقية عن القتال في إدلب."

وخلص الباحث الروسي إلى أن "ما يحدث في إدلب كان متوقع، لكن بما أن روسيا تتوقع حلها عن طريق التعامل مع تركيا، فإن أردوغان لديه وجهات نظره الخاصة بشأن ما ينبغي أن تفعله روسيا."

وأضاف أن "التكهنات الأكثر شيوعًا في موسكو هي أن أردوغان إما يتوقع اقتراحًا جيدًا بشأن شمال شرق سوريا، وفي هذه الحالة  قد تكون إدلب ورقة مساومة بشأن المسألة الكردية. أو أنه يتوقع اقتراحًا جيدًا بشأن إدلب نفسها، وهو اقتراح من شأنه أن يساعد تركيا على الحفاظ على نفوذها هناك. وفي كلتا الحالتين  قد يستغرق هذا بعض الوقت، حيث من المحتمل أن يستمر التصعيد في إدلب."

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!