محمد صويصال – صحيفة حريت – ترجمة وتحرير ترك برس

اتفقت الولايات المتحدة مع تركيا حول مقترح إنشاء "المنطقة الآمنة". قبلت واشنطن الاتفاق بعدما رأت عزم أنقرة على دخول شرق الفرات وتطهيره، غير أنها تصر على عمق المنطقة الذي تريده.

تجيد الولايات المتحدة آلاعيب تصعيد الأزمة وتعرف المنعطفات في خارطة الطريق. تصر حتى النهاية على تحقيق مطالبها، وتعرف جيدًا أين تقع المنعطفات.

نرى جوقة، في الداخل والخارج، تطبل من أجل الأزمات منذ سنين. تواصل الجوقة طرح سيناريوهات مختلفة بشأن الجدل حول عمق المنطفة الآمنة.. هل سيكون 15 أم 30 كم؟

***

لا نعرف إلى كم قرن من الزمن يعود تاريخ بدء مرض المعارضة الذي انتقل إلى أناس داخلنا وكأنه عدوى، لكننا نعلم أننا على أعتاب مرحلة يستحيل علاجها. 

لا تعني المعارضة اللجوء إلى ألاعيب قذرة من أجل الإطاحة بالخكم، وإنما إتمام النواقص. إنها إنتاج للحلول وتذكير بالأخطاء..

هناك زمرة نجحت في إقلاق راحة الشارع التركي على مدى الأعوام العشرة الأخيرة من خلال تحويل كل شرارة ضد تركيا في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول الخليج، إلى حريق كبير.

ولا يجد هؤلاء صعوبة في إيجاد ما يثيرونه كل يوم. رأينا جميع سيناريوهات الأزمة التي كُتبت عن مسألة إس-400. 

كتبوا صباح مساء بأنه سيتم طرد تركيا من حلف الناتو، وستغلق الولايات المتحدة قاعدة إنجيرليك، وستُفرض عقوبات شديدة على تركيا، وسترتفع أسعار صرف العملات. لكن لم يحدث ما كانوا يأملونه..

***

يتبادر إلى الأذهان قصة معروفة جدًّا لوزير الخارجية العثماني فؤاد باشا، الذي حضر اجتماعًا في باريس بين السلطان العثماني عبد العزيز وإمبراطور فرنسا نابليون الثالث. 

قال نابليون بلهجة تهديد لفؤاد باشا:

يجب فتح قناة السويس

يجب استعادة جزيرة كريت من الدولة العثمانية وتسليمها لليونان

يجب تسليم الفرنسيين المناطق المقدسة الخاصة بالمسيحيين في القدس.

***

وتابع نابليون مخاطبًا فؤاد باشا، مضيفًا على الشروط السابقة وكأنه يسدي معروفًا للدولة العثمانية:

ما ذكرته يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة لدولتكم، عليكم إلقاء هذه الأحمال عن عاتقكم كي ترتاحوا..

نظر فؤاد باشا في وجه مخاطبه الجامد، وقال:

ما زلنا أقوياء، أما هذه التهديدات المبطنة فنحن لا ننحني أمامها أبدًا.

أطلق نابليون قهقهة قوية ترددت أصداؤها في القصر، وقال:

تتحدثون على الأغلب عن دولتكم المريضة التي لا تستطيع النهوض من فراشها!

فرد فؤاد باشا بكلمات حفظها التاريخ:

نعم، منذ ثلاث مئة عام وأنتم تحاولون من الخارج ونحن من الداخل، لكننا فشلنا في تدمير الدولة العثمانية..

منذ ذلك اليوم وهذا البلد تعرض لخيانات لا تُحصى..

ما زال صامدًا رغم أنف من في الخارج والداخل..

وجوقة الأزمات ما زالت تصدح بأنغامها..

عن الكاتب

محمد صويصال

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس