ياسين أقطاي - عربي21

نفى مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، ياسين أقطاي، صحة التقارير الأخيرة التي تحدثت عن عودة العلاقات الكاملة والطبيعية بين أنقرة والقاهرة، مؤكدا أنه لا يمكن القول بأن هناك تقاربا ملموسا بين مصر وتركيا في الوقت الحالي.

واستدرك أقطاي قائلا: "لكن هناك علاقات متبادلة بين الدولتين، وهذه العلاقات لم تنقطع، ولابد أن يكون هناك اتصال وتواصل مستمر بينهما، وأعتقد أن كلا الطرفين مهتمان بهذا المستوى من العلاقات"، مشدّدا على أن "المصالح المشتركة بحاجة للتركيز عليها، ونحتاج إلى دراستها وتطويرها".

جاء ذلك في الحلقة الأولى من مقابلته الخاصة ضمن سلسلة مقابلات مُصورة تجريها "عربي21"، تحت عنوان (ضيف "عربي21").

وتابع أقطاي: "تركيا ليست عدوا لمصر، وبالتأكيد هناك خلافات سياسية بيننا، لأننا ضد الانقلابات – وهذا أمر مبدئي بالنسبة لنا- ونحن مع حقوق وكرامة الإنسان، وبلا شك سنُصرّ على ذلك، ولا أحد ينتظر من تركيا أن تتخلى وتتنازل عن الموقف".

https://www.youtube.com/watch?v=1-RPt8BdFYk&feature=emb_logo

وهاجم التصريحات الأخيرة التي قالها زعيم المعارضة التركية كمال كليغدار أوغلو بشأن موقف الرئيس أردوغان من جماعة الإخوان، قائلا: "هذا حديث فارغ، وهذا ليس له أي قيمة لدى الشارع التركي. نحن لا نساند جماعة الإخوان التي لا تهمنا كثيرا، لكننا ندعم حقوق الإنسان، ولذلك لن نقوم بتسليم المصريين المظلومين المتواجدين بتركيا إلى بلادهم كي لا يتم تعذيبهم وسجنهم".

وشدّد مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية، على أن تركيا لا تدعم المعارضة المصرية، قائلا: "نحن لا نقدم لهم أي دعم، فقط نحتضن هؤلاء المضطهدين الذين يلجأون لبلادنا، وهذا قد يُعد دعما غير مباشر إلى حد ما، لكنه لا يتجاوز ذلك".

لا نستطيع القول إن هناك تقاربا ملموسا بين مصر وتركيا، لكن هناك علاقات متبادلة بين الدولتين، وهذه العلاقات لم تنقطع؛ فدائما رغم الخلافات بين الطرفين هناك مصالح مشتركة، وبناء على هذه المصالح والعلاقات لا ينقطع التواصل بين الشعبين، بل إن هناك تواصلا مستمرا؛ فهناك عشرات الآلاف من المصريين في تركيا وعشرات الآلاف من الأتراك في مصر، والتجارة والاستثمار بين البلدين متواصلان طوال الوقت.

لكن في ما يخص المصالح المشتركة بين الدولتين لابد أن يكون هناك اتصال وتواصل مستمر بين الجانبين، وأعتقد أن كلا الطرفين مهتمان بهذا المستوى من العلاقات، بغض النظر عن الخلافات السياسية بينهما؛ فالمصالح المشتركة بحاجة للتركيز عليها، ونحتاج إلى دراستها وتطويرها لا سيما في منطقة شرق البحر المتوسط، وفي ليبيا، وبعض الملفات الأخرى، ولو كانت هناك علاقات طيبة ستكون المنفعة متبادلة للجميع.

ونحن نرى أن مصر أكبر من السيسي، وتاريخها عريق، وفي المستقبل سيزول الجميع، سيزول السيسي، وكذلك الرئيس أردوغان، ولكن ستبقى تركيا، وتبقى مصر، ولهذا علينا دراسة المصالح والمنافع المتبادلة بقدر كبير من المسؤولية من أجل شعوبنا وتاريخنا ومستقبلتنا.

وربما شعرت مصر حاليا أنها بحاجة إلى اليونان، إلا أننا نقوم بتذكيرها أنها ليست بحاجة لليونان، فحينما تلحق الضرر بتركيا تقوم بالتبعية بإلحاق الضرر بنفسها، وهذا شيء ليس عقلانيا، ونُحذر مصر من التعامل بهذه الطريقة ومن هذه الاتفاقية التي وقعتها مع اليونان، والتي لا تصب في صالح مصر، بل تلحق الضرر بها.

وعلينا أن نتأكد أن تركيا ليست عدوا لمصر، وبالتأكيد هناك خلافات سياسية بيننا، لأننا ضد الانقلابات – وهذا أمر مبدئي بالنسبة لنا- ونحن مع حقوق وكرامة الإنسان، وبلا شك سنُصرّ على ذلك، ولا أحد ينتظر من تركيا أن تتخلى وتتنازل عن هذا الموقف؛ فهذا ليس موقفا سياسيا بل مبدئي، وأنقرة لا تتاجر بهذا الأمر.

وتركيا ملجأ للاجئين المظلومين المضطهدين، وقد فتحنا أبوابنا ليس للمصريين فقط، بل للسوريين، واليمنيين، والعراقيين، والفلسطينيين، وكل المضطهدين من الظلم والأنظمة المستبدة؛ فتركيا تفتح أبوابها من أجل الإنسانية، وهذه مسؤولية كل الدول الإسلامية، وليست مسؤولية تركيا فقط، لكن للأسف لا أحد يتحمل تلك المسؤولية إلا تركيا فقط، بينما يجب أن يكون هناك تعاون مشترك بين الجميع في هذا الصدد، لمواجهة الظلم في كل مكان، وقد يكون بيننا بعض الخلافات في بعض القضايا لكن يجب أن نتفق على بعض المبادئ.

وبالتالي هل من المحتمل أن تتطور العلاقات بين القاهرة وأنقرة خلال الفترة المقبلة؟

نحن في تركيا، حكومة وشعبا، نقول بكل إخلاص إننا لسنا أعداءً لمصر؛ فشعب مصر شقيق لنا، بل وأكثر من أخوة لنا. والشعبان التركي والمصري هما شعب واحد لا يمكن تجزئته، بكل ثقافته وتقاليده وحضارته وهويته، وتاريخيا نحن كنّا أمة واحدة، وعندما تعاني مصر من أي شيء فنحن نعاني منه أيضا، فنحن جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد، ولهذا ينبغي على كل الأخوة المصريين أن يشعروا بأن تركيا ليست عدوا لمصر، لا شعبها ولا حكومتها.

ونحن نختلف مع الحكومة المصرية لأنها تظلم شعبها، ونحن ندافع عن حقوق المصريين، ولا نريد أي ظلم أن يقع عليهم، ولو كانت الحكومة التركية تظلم شعبها لكنّا نتمنى من مصر أن تعارض هذا الظلم الذي يقع على الشعب التركي، ولتمنينا أن تقوم مصر بنصح حكومة تركيا بألا تظلم شعبها؛ فللأسف دماء الشعوب المسلمة هي أرخص دماء في العالم، وهو ما نرفضه في تركيا، ولهذا ننصح الحكومة المصرية انطلاقا من حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم".

هذا حديث فارغ، وليس له أي شعبية أو أي قيمة لدى الشارع التركي، وهو لا يعلم أننا لا نساند جماعة الإخوان التي لا تهمنا كثيرا، لأنهم جزء من الشعب المصري، وعندما يأتي لتركيا أي شخص مظلوم ومضطهد لا نسأله: هل أنت من الإخوان أم لا؟ لأنه في النهاية شخص مصري وقع عليه الظلم، ونحن ندرك أنه لا يوجد قضاء عادل في مصر، لأنه لو هناك قضاء عادل بمصر لما جاء المصريون إلينا، ولماذا لا نجد مثلا أوروبيين يأتون إلينا هربا من بلادهم لو كان هناك ظلم يقع عليهم؟ لأن لديهم قضاء عادلا، ولو ظُلم أحد بأوروبا سيتم إنصافه، بل من الصعب أن يُظلموا في أوروبا.

ونحن ندعم حقوق الإنسان، ولذلك لن نقوم بتسليم المواطنين المظلومين المتواجدين بتركيا لأنهم سيتعرضون للظلم والتعذيب والسجن ببلادهم بكل أسف، ولا يخفى على أحد التدهور الشديد لأوضاع حقوق الإنسان بمصر، وبالتالي ينبغي علينا ألا نقوم بتسليم أي شخص مصري، ولا تعنينا هويته الإخوانية أو الليبرالية أو السلفية أو غيرها.

وأكثر من نصف الشعب المصري يؤيدون الإخوان، وهذا لا يخفى على أحد، ويجب احتضان كل مكونات الشعب المصري على اختلاف أطيافهم، وتركيا على سبيل المثال تحتضن العلويين والإسلاميين والليبراليين واليساريين والكرديين والأتراك، ولا نقول إن هؤلاء أعداؤنا، وكل تلك العناصر هم أجزاء من وحدة الأمة التركية، ونحن لا نقصي أي جزء من هؤلاء، بل نحتضن كل هذه المكونات، وجميعهم لهم علينا حقوق وواجبات، وكل مكونات الشعب المصري – إخوان وغيرهم- هم إخواننا، وهذه الحقيقة لابد أن تصل لكل الشعب المصري.

هل تدعم تركيا المعارضة المصرية؟

لا يوجد أي دعم لا مالي أو غيره للمعارضة المصرية، فقط نحتضن هؤلاء المضطهدين الذين يلجأون إلى تركيا، وهذا قد يُعد دعما غير مباشر إلى حد ما. وقطعا لا يوجد أي دعم لأي شخص معارض لكونه معارضا؛ فتركيا لا تُحرّض المعارضة التي من حقها أن تعارض؛ ففي تركيا على سبيل المثال هناك معارضة حرة لدينا، وهناك "قنوات فضائية" تملكها المعارضة وتنتقد الحكومة بشكل مستمر كل يوم، وهذا لا يغضبنا لأن ذلك من طبيعة المجتمع والسياسة والديمقراطية، ولو كان هناك أي مجال حر للمعارضين المصريين بتركيا لظلوا في بلادهم، ولما كانوا بحاجة لأي ملجأ في الخارج.

 

عن الكاتب

ياسين أقطاي

قيادي في حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس