محمد صويصال – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

مهزلة الديمقراطية في مصر بدأت تتحول إلى مأساة، بل وصلت إلى ارتكاب مجازر حقيقية، فالحزب الذي وصل إلى سدة الحُكم عبر صناديق الاقتراع، تم الانقلاب عليه، ولم يقف أحدٌ في وجه الانقلاب سوى تركيا، واليوم يقف أبناء النيل أمام منصات المشانق.

لكن في المقابل، التزمت القوى الدولية التي مارست كل الضغوطات على تركيا، وفي النهاية أجبرتها على التخلص من عقوبة الإعدام، التزمت الصمت المطبق تجاه قرارات الإعدام التي صدرت بحق مرسي وإخوانه، كما لم يتحدث أحدٌ عن إعدام المحتج في ولاية بوسطن، التي حصلت مؤخرا.

هؤلاء الذين يشعروننا دوما بأننا بعيدون كل البعد عن العدالة والقوانين التي تخدم البشرية، والذين ينتقدون وجود عقوبة الإعدام في بعض بلداننا، ينفذون تلك العقوبة بالمتهمين وقتما شاءوا وكيفما أرادوا، سواء داخل دولهم، أو في الدول التي يعيثون فيها فسادا ناهبين لخيراتها، ومدمرين لشعوبها.

***

ما بال القوى الدولية التي تفتخر بالديمقراطية، وتزعم أنها تريد تصديرها إلى كل دول العالم، وتقوم بإرسال مراقبين منها لمتابعة كل انتخابات تجري في بلداننا، ما بالهم اليوم لا نسمع لهم حسا ولا خبرا؟ لماذا لم يعترضوا على انقلابٍ قام به قائدٌ عسكري على رئيس مُنتخب من قبل الشعب المصري؟ ألم يحظى مرسي بدعم 52% من أصوات الشعب المصري خلال انتخابات حرة ونزيهة أشرفت عليها القوى العالمية؟

لكنهم الآن يهدفون إلى إعدام مرسي، عن طريق جهاز التحكّم عن بُعد، والذي من خلاله يوجهون الانقلابيين في مصر، ويتحكمون بهم كما يريدون، وما زال الإعلام العالمي، وشعوب العالم تكتفي بالمشاهدة، وكأنّ شيئا لم يحدث.

***

يقول نجيب محفوظ، والذي يُعرف أيضا ب"بلزاك" الشرق الأوسط، حينما قابلناه شخصيا في القاهرة، قال:

"لكل أمة عادات، واعتقادات دينية، وقوانين تسعى دوما للمحافظة والدفاع عنها، وقد يخرج أناسا يريدون التغيير، وإذا ما توصل الكتّاب إلى أنّ القوانين والاعتقادات التي يؤمن بها الشعب أصبحت غير صالحة، تُصبح مهمة الكتابة والحديث ملقاة على عاتقهم، لإيصال هذه الرسالة، وعليهم أنْ لا يهربوا مما يترتب على ذلك من أثمان ربما تكون باهظة!".

وهو بذلك يضع المسئولية علينا، من أجل إيصال رسالتنا، والصدح بالحق في وجه الباطل، مهما كانت قوته وجبروته، وهو محقٌ في ذلك، فمهمة الكتّاب تتمثل بإيصال صوت الشعب.

***

على كل الكتّاب وأصحاب الرأي الذين التزموا الصمت حيال قرارات إعدام مرسي وأصدقائه، عليهم التفكير جليا فيما قاله نجيب محفوظ، وإلا سيُعلق كل أبناء النيل على المشانق، وسيستمر الفراعنة الجدد في حُكمهم، وهم ينظرون ويتحسرون ويتمزقون ألما.

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى الكتّاب الأتراك أيضا، الذين صمتوا وما زالوا يلتزمون الصمت ويكتفون بدور المتفرج على ما يجري في مصر، ألستم أنتم من يريد الديمقراطية ويطالب بتعزيزها؟ لماذا لا نسمع أصواتكم المعترضة على قرارات الإعدام؟ إذا لم تكتبوا وتعترضوا اليوم فمتى؟

تركيا وقفت لوحدها علنيا في وجه الانقلاب العسكري الذي جرى في مصر، وما زالت متمسكة بموقفها ولم تعترف بشرعية قائد الانقلاب السيسي، واليوم ظهر جليا سبب إصرار تركيا على موقفها من الانقلاب، وخصوصا لما عانت منه الجمهورية التركية على مر تاريخها من أحداث مماثلة، فقد استخلصت العبر، ولا ترغب بتكرار نفس المآسي في بلد شقيق وعزيز، مثل مصر.

عن الكاتب

محمد صويصال

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس