توران قشلاقجي - القدس العربي

يفصلنا أسبوعان تقريبا عن الانتخابات التركية التي تحظى بمتابعة وثيقة على الصعيدين الإقليمي والدولي. ويواصل «تحالف الشعب» الذي يقوده الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، و«تحالف الأمة» بقيادة زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، حملتهما بزخم كبير من أجل الفوز في السباق الانتخابي المزمع إجراؤه يوم 14 مايو المقبل. وتصدر الشركات المنظمة لاستطلاعات الرأي في الفترة الأخير نتائج مختلفة، ويختار كل تحالف تلك التي تظهر تقدمه لدعم حملته وإقناع الناخبين وهو ما يجعل السباق والتنافس أكثر توترا واحتداما بين الطرفين. ويثير تحالف المعارضة بقيادة حزب الشعب الجمهوري مشاعر غضب وأمل لأنصاره عبر شعاري «كفى» و«قادمون»، ويتوعد الحكومة السابقة بمحاسبتها حال فوزه، في حين يستخدم الرئيس أردوغان طاقته في الساحات ليقنع الناخبين بأن منافسيه يشكلون خطرا على أمن ووحدة البلاد.

يعمل الرئيس أردوغان ومرشح «تحالف الأمة» كليجدار أوغلو على تعزيز صفوف المؤيدين لهما، وفي الوقت نفسه، يبحثان عن طرق وخطابات لإقناع الناخبين المترددين. وفي هذا الصدد، يركز أردوغان على الإنجازات التي حققها ويواصل تحقيقها، من خلال إقامة مراسم افتتاح ووضع حجر أساس لأكثر من 3 أو 4 مشاريع عملاقة جديدة، ولا يكتفي بذلك، بل إنه يحرص على انتقاد المعارضة، والإشارة إلى افتقارها للرؤى المستقبلية، والتأكيد على خطورة ترك مستقبل البلاد للتنظيمات الإرهابية. أمّا كليجدار أوغلو، فإنه يبث مقاطع مصورة يتعهد فيها الناخبين بجذب الأموال من الخارج إلى تركيا، ويحاول لفت انتباه التيار المحافظ عن طريق رئيسي بلديتي إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وأنقرة منصور يواش.

يجمع الشارع التركي على أن نتيجة انتخابات 14 مايو سوف يحددها الناخبون المترددون، الذين يمتنعون عن كشف خياراتهم لشركات الاستطلاع. ومن الواضح أن خيار هذه الفئة من الناخبين، هو الذي سيشكل الموجة الحاسمة التي ينتظر كل جانب أنها ستنحاز له أثناء التصويت. وأصبح هناك فضول كبير حول قرار هؤلاء الناخبين الصامتين. لا شك في أن هذا القرار الحاسم سيتضح من خلال تركيبة من القناعات حول الهوية والاقتصاد والأمن والقيادة، لن نتمكن حتما من توقع خيار الناخب المتردد بدقة حتى صدور النتائج، لكنني أعتقد أنه سيكون اختيارا عقلانيا حول مستقبل بلدنا. وأتوقع أن غالبية الناخبين الصامتين الذين سيضعون خياراتهم في صناديق الاقتراع سوف يدعمون أردوغان.

تتزامن هذه الانتخابات مع السنة المئة للجمهورية التركية، وبالطبع ستكون من الانتخابات المهمة التي ستحدد مصير تركيا أيضا، كما أنها ستشكل ديناميكية أساسية في مئوية تركيا الجديدة. وستدخل تركيا حقبة جديدة تاركة وراءها ماضيا مليئا بالصعود والهبوط في تاريخها السياسي، الذي شهد اضطرابات كثيرة منذ فترة نظام حكم الحزب الواحد، وحتى فترة الأحزاب المتعددة. ولا تزال السياسة التركية تبحث عن حلول لمشاكلها، رغم مضي قرن على تأسيس الجمهورية، وهي اليوم تدخل المئوية الثانية في ظل نقاشات حادة.

خلاصة الكلام؛ لا يزال حزب العدالة والتنمية هو الحزب الأول الذي يحظى بدعم شعبي كبير، على الرغم من حالة الإرهاق منذ توليه السلطة في البلاد عام 2002 يواصل زعيمه أردوغان تمسكه بمكانة مهمة في البلاد، باعتباره القائد الأقوى رغم اتحاد زعماء جميع الأحزاب السياسية المعارضة لمواجهته. وفي ظل هذا الواقع الميداني، بدأت الدول الغربية بالفعل تصدر إشارات للتعاون مع أردوغان من جديد في الفترة الجديدة. وفي إطار حديثها عن الانتخابات التركية، أشارت مجلة The Economist البريطانية الشهيرة في عددها الأخير هذا الأسبوع، إلى أنها تتوقع فوز أردوغان في الانتخابات المقبلة بعد أن نجح في تعزيز موقعه عبر خطواته الاقتصادية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس