أوكاي غونينسين  - صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

النقاشات التي تحصل في الإعلام طبيعية، وقد تكون هذه النقاشات حادة، بل قد تكون حادة جدا، لكن ذلك يبقى ضمن حدود الإعلام، ولا شك أننا نعيش في تركيا في الفترة الأخيرة حالة من  "الاستقطاب"، ولا تتوحد أفكارنا وآرائنا حتى على المواضيع القومية والحساسة.

وقد أخذ الإعلام نصيبه من هذا الاستقطاب منذ زمن طويل، وربما زاد الإعلام من حجم الاستقطاب الحقيقي الذي يعيشه الوسط السياسي والمجتمع ككل، وهنا يجب على الإعلام إصلاح الأخطاء، وتصويب الأوضاع، وهذا من ضمن مسؤوليات الإعلام نفسه.

في عهد الأحزاب الديمقراطية كان هناك استقطابا، ومن أكثر مساوئ تلك المرحلة هو وجود صحفيين كانوا يفرحون لدخول صحفيين آخرين السجن، وانتهت حالة الاستقطاب آنذاك بالانقلاب العسكري، والذي جعل المرحلة التالية مرحلة قطب واحد متنفذ في كل شيء.

أما بخصوص اليوم، فإنّ هناك قسم كبير من الإعلام يتسم "باللامسؤولية" وبعدم الشعور، وهذا ما حصل عندما حدثت محاولة اغتيال لرئيس إحدى المؤسسات الإعلامية التركية، لكن لحسن الحظ خرج منها مراد سانجاك سالما.

انتظرنا حتى نسمع ردود فعل المؤسسات الإعلامية، وردود فعلنا "نحن" ايضا، أقول هنا "نحن"، لأن معظم الإعلاميين ومعظم المؤسسات الإعلامية لم تبد أي اهتمام حول محاولة الاغتيال هذه، بل تصرفوا وكأن ما حصل أمرٌ طبيعي وليس استثنائي.

محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس مجموعة "Star" الإعلامية كانت محاولة اغتيال متقنة، لا ينفذها إلا أناس محترفون، ومع ذلك لم تتحرك كل المؤسسات الإعلامية، ولم يتحرك كل الإعلاميين ومنسوبي الصحافة والإعلام بعد هذه الحادثة.

يُعد مراد سانجاك من المدراء أصحاب المستوى الرفيع في الإعلام، وإطلاق الرصاص عليه يجب أنْ يكون بمثابة إطلاق نار على كل منسوبي الإعلام، ويجب أنْ نتصرف وكأنّ إطلاق النار تم على مؤسساتنا الإعلامية وعلينا كصحفيين.

وإذا ما بقينا نتصرف بهذه الطريقة، وكل شخص يهتم بنفسه وبمؤسسته، بل ويفرح عندما تتعرض مؤسسة إعلامية أخرى لمثل هذه الحوادث، فإنّ آثار ذلك على حالة الاستقطاب في الإعلام ستكون معروفة، والجميع يدرك كيف سينعكس ذلك على العلاقات بين وسائل الإعلام المختلفة.

وعندما نتعاون ونتحد في وجه مثل هذه العمليات ضد الإعلام وضد الديمقراطية، حينها سنكون ساهمنا بحل مشاكل معقدة من الممكن أنْ نواجهها في المستقبل، وللأسف، فقد عشنا يوما سيئا نحن كإعلاميين، ولم نقدم القدوة الحسنة لأجيال الإعلام القادمة، دعونا نتفكر في ذلك، ونعيد حساباتنا.

عن الكاتب

أوكاي غونينسين

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس