جلال سلمي - خاص ترك برس

لا يمكن لأي دولة مثل تركيا لها حدود بطول 950 كيلو متر مربع مع دولة أخرى مثل سوريا أن تقف مكفولة الأيدي أمام مايحدث من تطورات في الدولة المجاورة لها، بات واضح للعيان بأن تركيا تأثرت بشكل كبير من الحرب الداخلية الجارية في سوريا، لا سيما بعد تبنيها موقف إنساني كبير لم تتبناه الدول الأخرى المجاورة  لسوريا.

كلف الموقف الإنساني لتركيا تكاليف باهظة؛ تشكلت هذه التكاليف استقبال اللاجئين الفارين من نيران الأسد وبراميله المتفجرة بلا رحمة وإيوائهم وتوفير الخدمات المعيشية والصحية والاجتماعية لهم كما كان لتركيا نصيب في توفير دعم لوجستي وعسكري لقوات المعارضة المعتدلة.

امتدت هذه الأزمة إلى أن تفاقمت ووصلت أعداد اللاجئين في تركيا إلى أكثر من 2 مليون ونصف المليون الأمر الذي جعل العبئ كبير على تركيا التي أصبحت تؤكد تكرارًا ومرارًا بضرورة إقامة منطقة أمنية عازلة داخل حدود سوريا لإيواء اللاجئين بها.

تصريحات تركيا وتزيين البعض للاجئين موضوع الهجرة وضغط الدول الأخرى المستقبلة للاجئين على اللاجئين ومعاملتهم معاملة غير إنسانية وغيرها الكثير من العوامل دفعت الكثير من اللاجئين السوريين يتجهون للهجرة أفواجًا أفواجًا للوصول إلى أوروبا وبعض دولها.

يقيم الكاتب السياسي سولي أوزال موضوع أزمة اللاجئين التي اضطرت تركيا والاتحاد الأوروبي إلى التقارب مرة أخرى من خلال مقال سياسي له بعنوان "الخط الأوروبي السوري" نُشرت بتاريخ 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 في جريدة خبر ترك، وفي بداية المقال يُشير أوزال إلى أن "أزمة اللاجئين هزت صورة "أوروبا الواحدة" وجعلت كل دولة تتحرك بشكل منفرد من أجل تأمين وحماية حدودها وأغلقت العديد من الدول حدودها الأمر الذي رفع تأشيرة شناجان".

كما يرى أوزال بأن "بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا هدفت إلى الاستفادة من هذه الأعداد الكثيفة من خلال استقبال بعضها لحاجتها للأيدي العاملة ولكن هذه الفكرة كانت سيئة جدًا إذ استقطبت الآلاف من اللاجئين الأخرين إلى أوروبا وأمام هذا العجز لم ترى القارة العجوز سوى تركيا المُنقذ الأساسي لها من هذه الأزمة".

ويؤكد أوزال بأن "زيارة ميركل بتاريخ 15 نوفمبر 2015 أي قبل الانتخابات البرلمانية بأسبوعين، هذه الفترة التي يُمنع بها الزيارة الدولية على مستويات الرفيعة حسب قوانين العرف والعادة الدولية، جأت بهذا الشكل المفاجئ والمستلهف لأن ميركل لم تكن أي خيار أخر يمكنها من حل هذه الأزمة".

حسب ما يفيد أوزال في نهاية مقاله؛ فإن تركيا الآن أصبحت بين خطين متقاطعين بشكل شديد، الخط الأول وهو خط الأزمة السورية التي تحاول تركيا الخروج منها بأقل الخسائر وبنجاح الثورة السورية وعلى المدى الاستراتيجي هذا يؤكد مدى حرص تركيا على نجاح الثورة السورية، أما التقارب الأوروبي الاضطراري لتركيا من قبل أوروبا تُعتبر فرصة لتركيا يجب استخدامها لتقريب نفسها لأوروبا وللحصول على دعم أوروبي لإقامة المنطقة العازلة في الداخل السوري، يبدو بأن حزب العدالة والتنمية يستعد لتنفيذ هذه الخطط بتكتيكات أكثر جرأة بعد تأسيس الحكومة التركية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!