ترك برس

نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، مقالا للكاتب والأكاديمي في جامعة الإمام بالرياض "حمد الماجد"، بعنوان "لا تشيطنوا جماعة غولن" (منظمة الكيان الموازي المتهمة بتدبير الانقلاب العسكري)، أثار جدلًا واسعًا بين كُتّاب وقُرّاء ومراقبين مهتمين.

وقال الماجد، في مقاله إن جماعة غولن "تجمع إسلامي كبير ومظلة دعوية وتربوية وتعليمية ضخمة، مثلهم مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه وأتباعه وجماهيره؛ منهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات، ولسنا من السذاجة بأن نصدق أن تركيا اكتشفت فجأة أن كل جماعة غولن بمؤسساتها الكثيرة والكبيرة مشبوهة ارتهنت لأعداء الشعب التركي وهي التي تدير آلاف المساجد والمؤسسات التعليمية والتربوية والدعوية والأكاديمية في تركيا وأوروبا وأفريقيا، بل كانت جماعة غولن الكفة المرجحة في السباق الانتخابي لحزب أردوغان في صراعه السياسي الشرس مع بقية الأحزاب العلمانية التركية".

وأضاف: "مع إيماني بحتمية إنزال العقاب الصارم على من يثبت تورطه في التخطيط وتنفيذ الانقلاب، إلا أنه في تقديري لم يكن قرارًا موفقًا ذلك الذي اتخذته حكومة إردوغان بإلغاء عدد كبير من مؤسسات جماعة غولن وأكاديمياتها وجمعياتها الدعوية والتربوية وفصل الآلاف من المنتمين من أتباعه من وظائفهم ممن لم تكن لهم علاقة بالانقلاب، أو فصلوا أو سجنوا لمجرد الشبهة".

واعتبر أن "هذه الإجراءات القاسية هي نوع من الشيطنة التي نقدناها في بعض الدول العربية، وما كنا ننهى عنه من شيطنة لعدد من توجهاتها الإسلامية، وما أكدناه مرارًا وتكرارًا من أن سجنهم وفصلهم من وظائفهم وتعذيبهم وإعدامهم ومصادرة أموالهم وإقفال معاهدهم وإلغاء مدارسهم ومؤسساتهم الخيرية لن يلغي فكرتهم، صرنا نخشى أن يقع فيه إردوغان مع جماعة غولن الإسلامية، ونقول مرة أخرى إن أردوغان لن يستطيع بكل هذه الإجراءات أن يلغي فكرتهم".

واختَلَفَ الكاتب والباحث السعودي مهنا الحبيل مع الماجد في مقاله، وأشار في تغريدة كتبها، إلى أن الماجد لم يتناول "كتلة لغولن بواشنطن والداخل"، مضيفًا أن "من حقه إبداء رأيه، كما أن تجريم كل الخدمة (حركة غولن) مظلمة لم يقُل بها أردوغان نفسه".

وعلّق الناشط الإماراتي "محمد" على أسفل المقال، قائلًا: "إن التعميم في الشيء لا يزيد في الأمر إلا تعقيدا ولا تزر وازرة وزر أُخرى بمجرد أنك تخرجت من مدرسة مديروها فعلو إجراما لا يجعلك مشاركا في إجرامهم و هذا شيء أوافق مع الكاتب، لكن أن نقول إن غولن ليس نفسه مجرما في محاولته لجلب الفتنة لبلده هذا أمر لا أوافق فيه مع أن هناك صراع في السياسه لكن هناك حدود وغولن تعدى كل الحدود وشيطن نفسه قبل أن يشيطنه الآخرون ولا يجوز أن نبرر أفعال المجرمين ونُندّد بردة فعل الضحايا كما فعل الغرب".

أما الناشط السعودي "عبدالحي يوسف" فقال: "إن ما فعله أردوغان حيال الانقلابيين والمتورطين يفعله أي رئيس دولة ديموقراطية في العالم، فضلا عن غيرها من الدول القومية أو الإسلامية المزعومة ممن هم أكثر بطشا"، مشيرًا إلى أن "في قرارات أردوغان حفظ للأرواح وحقن للدماء، و أمن للبلد والشعب، وبقاء للوطن وقوة للمسلمين وهذه كلها مطلوبة محثوثة عليها في ديننا الحنيف... بل وهي المطلب في قوانين الأمم المتحدة التي أنشأت لأجلها".

ودفعت الانتقادات التي تعرض لها الكاتب بسبب المقال، إلى نشره مقالًا آخر في الصحيفة ذاتها، والرد على تساؤلات القراء الذين تجاوز عدد المعترضين منهم على محتوى المقال الأول عددَ الموافقين، حسبما أشار الكاتب.

وفي معرض ردّه على سؤال: "كيف تنكر أن حركة غولن إرهابية، وهي التي استخدمت قذائف الدبابات وقصف الطائرات مع شعب أعزل، وعرَّضت وطنا بأكمله للانزلاق نحوى فوضى مدمرة تأكل أخضر تركيا ويابسها؟"، قال الماجد: "في تقديري إن الصراع على السلطة مهما بلغت درجة العنف فيه لا يضفي على أحد طرفي القتال وصف الإرهاب، وإلا كان من لازمه استمرار صفة الإرهاب على كل منقلب في القديم والحديث، سواء نجح انقلابه أو فشل، وهذا ما لا يقره شرع ولا عرف ولا قانون".

وأضاف: "الإرهابي إرهابي بأدبياته ومرجعيته كما هو الحال مع الحركات الإرهابية الصريحة داعش والقاعدة والجماعات المتشددة في مصر ومن دار في فلكها، وكلنا يعرف أن تهمة الإرهاب صارت تتسم بالرشق غير المتوازن، وتستغل في الصراعات الدولية والسياسية والمحلية، فيُصوب نحو المخالف سياسيا وفكريا بحق وبغير حق".

ورأى الكاتب أن الاعتراض على وصف جماعة غولن بالإرهابية لا يتعارض مطلقا مع تجريم الانقلاب في تركيا واعتباره خيانة وطنية كبرى وتأييد تطبيق القانون بصرامة وحزم وحسم على عاصره ومعتصره وشاربه وحامله والمحمول إليه وبائعه ومبتاعه فقط، مع الحفاظ على البنية التعليمية والتربوية والإغاثية لهذه المؤسسة الكبيرة، ثم إذا كان ناموس الصراع السياسي يتفهم التهم اللاموضوعية بين المتنافسين، فلا يليق بالنخب أن تسلم بها فقط، لأنها صدرت ممن تميل إليه وتسانده.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!