ترك برس

أحيت تركيا، الأربعاء، الذكرى السنوية الـ 3 لرحيل المؤرخ التركي الشهير البروفيسور فؤاد سزغين الذي رسّخ حياته لتاريخ العلوم الإسلامية وأثرها في الحضارة الغربية، كما يعدّ أوّل من نال جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية.

سزغين وهو أحد أبرز الضالعين في التراث العربي والإسلامي، على مستوى العالم، توفي عام 2018، عن عمر ناهز 94 عاماً، وكان على رأس المشاركين في صلاة جنازته التي أقيمت بمسجد الفاتح بإسطنبول، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الشؤون الدينية علي أرباش، ورئيس البرلمان السابق إسماعيل قهرمان، ورئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم، والأسبق أحمد داوود أوغلو، إضافة إلى عدد من الوزراء والشخصيات الدينية والأكاديمية.

هذا وكتب البرفسور فؤاد سزغين مؤلفات عديدة طيلة حياته عن الإسلام والعلوم والفيزياء والفكر والطب والفلك وغيرها، وكان يمكث قبل وفاته على كتابة المجلد الـ18 من "تاريخ التراث العربي" الذي صدرت أولى مجلداته في 1967، ويعد أوسع مؤلف يتناول تاريخ البشر.

ومما يميز المؤرخ التركي هو إتقانه عددا كبيرا من اللغات، من بينها السريانية والعبرية واللاتينية والعربية والألمانية، بشكل جيد جدًا.

توّج العلامة التركي سزغين بجائزة الملك فيصل العالمية لعام 1979، بكتابه "تاريخ التراث العربي"، حيث أقيمت مراسم واسعة بحضور الملك خالد آل سعود.

وخلال المراسم، ألقى سزغين كلمة شكرها المملكة العربية السعودية حيال تكريمها له بالجائزة العالمية، مؤكّدا أن إيمانه القوي برحة الله وعونه وإحساسه بأهمية المسؤولية التي تحملها أمام العالم الإسلامي خاصة، وأمام تاريخ العلوم الإنسانية، كانا يدفعان به إلى الأمام بعزيمة متجددة وصبر لا ينفذ.

وبحسب موقع "جائزة الملك فيصل"، عمل البروفيسور سزغين بالتدريس في معهد الدراسات الإسلامية بجامعة إسطنبول. ثم انتقل إلى ألمانيا سنة 1960 واتخذها موطناً له.

وأصبح، بعد سنوات قليلة، أستاذاً لتاريخ العلوم الطبيعية في جامعة فرانكفورت، وظلَّ حتى سنة 1990 يُدرِّس تاريخ العلوم الطبيعية العربية الإسلامية بجانب تواريخ العلوم للبيئات الأخرى.

وقد أسس معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية في جامعة فرانكفورت سنة 1981 وأصبح مديره الفخري، ثم بدأ اهتمامه بجمع تاريخ العلوم الإسلامية وإعادة نشره منذ وقت مبكِّر.

وأصدر كتباً عظيمة حول هذا الموضوع أهمها وأشهرها: تاريخ التراث العربي الإسلامي باللغة الألمانية، الذي بدأ بجمع مواده سنة 1947، وكان يريده في البداية ذيلاً لتاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان.

ثم قام بتجديده وتطويره مرَّات عدّة حتى جعله مرجعاً رفيعاً وتاريخاً للعلوم العربية الإسلامية؛ لا كتاباً ببلوجرافياً فقط. وواصل جهوده حتى خرج كتـابه القيِّم إلى النور في اثني عشر جزءاً؛ شاملاً للتراث العربي الإسلامي في مختلف العلوم والمعارف والفنون.

وقد جعل الجزء الأخير من الكتاب مدخلاً إلى العلوم العربية الإسلامية، فعالج نشأة تلك العلوم وتطوُّرها ومكانتها في تاريخ العلوم العامة، وتناول النقد والأمانة والتطوُّر والإنصاف عند العلماء المسلمين، وقارن بينهم وبين الإغريق واللاتين في تلك المبادئ، كما تناول أثر العلوم الإسلامية على العلوم في أوروبا من جميع النواحي.

وإضافة إلى ذلك فهو ناشر مجلة العلوم العربية الإسلامية، وسلاسل منشورات معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية التي صدر منها الآن ما يزيد عن ألف مجلد. كما أنه أول من أعاد تصنيع الآلات التي ابتكرها المسلمون وذلك على أساس المعلومات التي حصل عليها من المخطوطات القديمة.

حصل البروفيسور سزغين على وسام الشرف من الدرجة الأولى، ووسام الشرف التقديري الكبير من جمهورية ألمانيا الاتحادية وميدالية جوته من مدينة فرانكفورت، إضافة إلى أنه أول فائز بجائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية.

مُنِح البروفيسور فؤاد سزغين الجائزة؛ وذلك تقديراً لجهوده العلمية في تأليف كتابه الموسوعي الضخم "تاريخ التراث العربي" الذي أبرز فيه جهود العلماء المسلمين في مجالات الحضارة الإسلامية المختلفة وخاصة في الأجزاء الثالث والرابع والخامس التي خصصها لبحث تراث العلماء المسلمين في الطب والصيدلة والبيطرة وعلم الحيوان والكيمياء والزراعة والنبات والرياضيات.

وبناء على وصيته، دفن الأكاديمي التركي بالقرب من متحف تاريخ العلوم والتكنولوجيا الإسلامي بإسطنبول، الذي أسسه فؤاد سزغين، ويعد الأول والفريد من نوعه في حول العالم.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!