ترك برس

أولاً: الفتح العثماني لمصر

في الحقيقة يرتبط فتح مصر ارتباطاً وثيقاً بفتح الشام وذلك لأن مصر والشام كانت خاضعة للدولة المملوكية، وعندما أراد العثمانيون ضم مصر والشام كان عليهم إخضاع الدولة المملوكية إليهم، فكانت شرارة الحرب بين العثمانيين والمماليك، وبالفعل اشتعلت الحرب بين العثمانيين والمماليك فزحف السلطان سليم على الشام، ونجح في كسب بعض أعوان الغوري {الوالي المملوكي للشام} مثل خاير بك نائب السلطان في حلب وجان بردي الغزالي نائبه في حماه وبعد توافق العثمانيين مع بعض أعوان الغوري واستعمال الجيش العثماني للمدفعية الثقيلة انهزمت القوات المملوكية في مرج دابق 1516م وفيها قتل قنصوه الغوري.

وبعد ذلك دخل سليم حلب وانحاز إليه الخليفة العباسي المتوكل على الله مما شجع السلطان على مواصلة الزحف إلى مصر، وأخذت بقية مدن الشام تسقط تباعاً في يده متجهاً صوب مصر.

وفي مصر أنزل السلطان سليم الهزيمة بالسلطان المملوكي الجديد طومان باي عند الريدانية في صحراء العباسية في 23 كانون الثاني/ يناير 1517م، ودخل العثمانيون القاهرة، وخطب السلطان سليم في مساجدها، وبعد دخول القاهرة أبدى طومان باي ومن التف حوله من المماليك والعرب وأفراد الشعب مقاومة للعثمانيين سواء في القاهرة ذاتها، أو في الصعيد، ومع ذلك كان النصر في النهاية حليف العثمانيين وقبض على طومان باى. وكان سليم معجباً به وبشجاعته لدرجة أنه فكر في الإبقاء على حياته لولا أن خاير بك وجان بردي الغزالي أثارا مخاوفه من احتمال قيام طومان باى بثورة في مصر تؤدي إلى طرد العثمانيين فأعدم شنقاً على باب زويلة في 23 نيسان/ أبريل 1517م، وبذلك أصبحت الشام ومصر من الممتلكات العثمانية وعين سليم جان بردي الغزالي والياً على الشام وخاير بك والياً على مصر فكان ثاني والي من قبل العثمانيين إذ وليها قبله ولفترة قصيرة يونس باشا العثماني.

ثانياً: نظام الحكم الذي وضعه العثمانيون في مصر

بعد أن أتم السلطان سليم فتح مصر، وضع لإدارتها نظاماً يكفل بقاء خضوعها وعدم استقلال أحد فيها بأمرها، حيث جعل مقاليد حكم مصر في ثلاث سلطات فإذا طمعت إحداهن في الحكم كانت أمامها الاثنتان الأخريان. وكانت الثلاث سلطات كالآتي:

1- السلطة الأولى: الوالي. وأهم أعماله إبلاغ الأوامر التي ترد عليه من السلطان إلى عمال الحكومة ومراقبة تنفيذها.

2- السلطة الثانية: جيش الحامية: وقد كونه السلطان سليم من ست فرق ونصب علية قائداً يقيم في القلعة، وجعل كل فرقة ستة من الضباط، وشكل من هؤلاء الضباط مجلساً يساعد الوالي في إدارة شؤون البلاد، وجعل لهذا الديوان الحق في رفض مشروعات الوالي إذا لم ير فيها مصلحة.

3- السلطة الثالثة: المماليك: نصّب كل واحد منهم على سنجق من الأربعة والعشرين مديرية التي

تتكون منها البلاد. وكان هؤلاء الرؤساء من المماليك يُعرفون بالبَكَوات وتسمى مديرياتهم سناجق. ولما انقضى حكم السلطان سليم في سنة 926هـ - 1520م وخلفه السلطان سليمان القانوني أنشأ مجلسين آخرين يعرفان بالديوان "الأكبر" و"الأصغر". يجتمع أولهما عند التحدث في الشؤون الخطيرة، ويجتمع الثاني كل يوم، وأعضاء الأول من رجال الجيش والعلماء معاً. وأضاف سليمان أيضاً فرقة سابقة إلى الجيش ضم إليها عتق المماليك، فبلغ بذلك جيش الحامية نحو 20 ألف جندي.

وذلك هو النظام الذي وضعه العثمانيون لإدارة مصر ولا غاية لهم منه سوى المحافظة على بقاء البلاد خاضعة للدولة العثمانية لتوحيد أطراف الدولة المسلمة وإرساء العدل ومنع جور الحكام على مصر من خلال وضع نظام توازني يحرص على توازن السلطات بين الحكام المماليك والعثمانيين، وقد بقيت هذه السياسة ناجحة نحو 3 قرون من الزمن إلى أن ضعفت الدولة العثمانية واستطاع محمد على باشا فرض سيطرته الكاملة على مصر وطرد السلطان العثماني منها والقضاء على المماليك بشكل قاطع.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!