ترك برس

في ظل الوضع "شبه المستقر" الذي تمر به تركيا بسبب الأوضاع الداخلية، الناتجة عن الانتخابات البرلمانية ونتائجها التي اضطرت حزب العدالة والتنمية للتشاور مع الأحزاب الأخرى للتحالف وتأسيس حكومة ائتلافية، والأوضاع الخارجية الناتجة عن التحركات العسكرية "الخطيرة" الجارية على الحدود السورية العراقية، أصبح أمام رئيس وزراء تركيا الحالي أحمد داود أغلو الكثير من المهام والوظائف التي يجب إتمامها لاستعادة استقرار تركيا على جميع الأصعدة، وفي ظل كل هذه الأحوال تناول الباحث في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا"، " برهان الدين دوران" موضوع مناقشة هذه الأحوال تحت عنوان "ماذا سيواجه داود أوغلو في المرحلة الحالية؟".

في مقدمة بحثه يبدأ الكاتب موجز التحديات التي تواجه أحمد داود أوغلو بهذه العبارة "التحديات التي تواجه داود أوغلو لا يمكن حلها بشكل نظري، بل تُحل بشكل تطبيقي عن طريق إقناع العناصر السياسية "الفعالة الداخلية والخارجية"، وعن طريق المحاسبة مع ميراث الماضي الذي خلفه أردوغان بعد تركه للحكومة".

ويبين دوران التحديات التي تواجه داود أوغلو بهذا الشكل:

ـ "تعود حزب العدالة والتنمية على إدارة البلاد بمفرده وعدم الاستعانة بالأحزاب السياسية الأخرى أو حتى مشاركتها في بعض الأعمال السياسية "الجذرية" الخاصة بالبلاد، وبالتالي تعودت الأحزاب السياسية الأخرى على المعارضة "والصدمة" بنتائح الانتخابات التي أعطتها الفرصة للتشارك مع حزب العدالة والتنمية وتأسيس حكومة ائتلافية، الاختلاف الشاسع الذي ظهر بين الأحزاب البرلمانية التركية المعارضة في أول أيام صدور نتائج الانتخابات أظهر حجم "التفرقة السياسية" التي انتجتها سنوات انفراد حزب العدالة والتنمية بالحكم وإنهاؤه لفكرة "الائتلاف السياسي الداخلي"، هذا أول وأصعب تحدٍ يواجه داود أوغلو في الفترة الحالية".

ـ أردوغان وظله؛ رئيس الدولة الحالي "رجب طيب أردوغان" مازل يصر على تمسكه بالسلطة والحكم، فقد كان أكبر أهدافه من الانتخابات الأخيرة تأسيس النظام الرئاسي وإرجاع سلطة البلاد لنفسه، وهو الآن يقوم بإجراء مشاورات لتأسيس حكومة ائتلافية مع أعضاء بعض الأحزاب السياسية الأخرى متخطيًا داود أوغلو "رئيس حزب العدالة والتنمية نفسه"، ممّا أفقد ثقة الأحزاب السياسية الأخرى بأحمد داود أوغلو ليصبح أحد أهم شروطها تراجع أردوغان عن التدخل في سياسة الحكومة، وذلك لأنه "رئيس دولة تركيا الفخري والموضوعي" حسب الدستور التركي، هذه الحالة فتحت أبواب تشاور جديدة بين داود أوغلو والأحزاب السياسية الأخرى.

ـ بعد خسارة حزب العدالة والتنمية 9 نقاط مئوية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، أخذ حزب العدالة والتنمية درسًا عن أخطائه التي ارتكبها خلال فترة حكمه المنفردة لمدة 12 عام. مهمة إصلاح هذه الأخطاء وتفاديها وتعديل الدستور الداخلي لحزب العدالة والتنمية وتطويرها وتهيئته للتوافق مع واقع المواطن التركي وقعت على عاتق داود أوغلو، وأكد داود أوغلو على أن عملية الإصلاح ستكون "تغييرًا ضمن الاستمرارية"، فهل سينجح في تحقيق ذلك؟

ـ هناك حرب قيادية "خفية" داخل حزب العدالة والتنمية تدور بين "أحمد داود أوغلو" و"عبد الله غل" و"رجب طيب أردوغان"، حيث يريد رجب طيب أردوغان أن يستمر بإدامة حكمه على حزب العدالة والتنمية ورئاسته، ويرغب عبد الله غُل وبعضٌ من أنصاره باسترجاع زعامة الحزب لعبد الله غُل لأنه أحق من داود أوغلو، وهذان التحديان خطيران جدًا على وضع أحمد داود أوغلو داخل الحزب.

ـ تحديات السياسة الخارجية التي نتجت عن سياسية تركيا الداعمة بشكل كبير للثورة السورية التي أثرت سلبًا على الوضع الداخلي لتركيا والوضع الأمني للحدود.

ـ الأزمات الداخلية مثل أزمة "المشكلة الكردية"، و"الكيان الموازي"، و"غضب الإسلاميين تجاه حزب العدالة والتنمية بعد اتهامه بالتراجع عن الخط الإسلامي"، و"غضب الليبراليين على حزب العدالة والتنمية بعد اتهامه بالابتعاد عن نهج الديمقراطية". جميع هذه الأزمات تجعل داود أوغلو يواجه تحديًا في قضية إيجاد خط متوازن فيما بينهم.

وفي نهاية التقرير يؤكد دوران أنّ "هذه التحديات التي تواجه داود أوغلو كثيرة ومعقدة، ولكن الخبرة الواسعة لأحمد داود أغلو في قضية إدارة الأزمات السياسية ستمكنه بكل سهولة من التخلص منها والتغلب عليها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!